يوسف قابلان - يني شفق

إن الشكل الذي سيتخذه الإسلام هو الذي سيحدد وجهة العالم وشكله المستقبلي. وكذلك والشكل الذي ستتخذه تركيا سيحدد بدوره أي مستقبل ينتظره الإسلام.

لقد صنعنا التاريخ على مدى ألف عام، ولكننا أُخرجنا من التاريخ بسبب الأزمة الحضارية التي نعيشها منذ قرنين.

فإذا أصبح الإسلام في مكانة تحدد العمود الفقري لتركيا وروحها، فسنكون قادرين على تحديد مصير هذه المنطقة والجغرافيا، وسنلعب دورًا حاسمًا في تحديد مصير العالم أيضًا.

العثمانيون غير مرغوب بهم، وإيران لا تسعها الأرض ولا السماء

وبهدف منع الإسلام من الارتقاء إلى مستوى يحدد مصير بلادنا وجغرافيتنا الحضارية، بدأوا في إشعال الفتن داخل العالم الإسلامي. هذه العملية بدأت منذ زمن طويل وتستمر بسرعة كبيرة. ولذلك تم تمكين إيران في المنطقة. فمن خلال توسعها الشيعي، تهدف إلى إحياء الإمبريالية الفارسية. فتفكيك الدولة العثمانية التي حكمت المنطقة لألف عام مع السلاجقة، ووضع تركيا في قالب علماني لجرها إلى حافة الانتحار الثقافي، مقابل فتح المجال لإيران الشيعية، ليست مصادفة على الإطلاق.

والآن يتم تحضير لعبة جديدة للألف عام القادمة؛ حيث يتم سد الفراغ الذي خلفه العثمانيون بإيران الشيعية، بينما يُنتقد كل من يتحدث عن العثمانيين بوصفه "عثمانياً جديداً"، ولا أحد يعترض على وضع الشيعة في قلب العالم السني؛ بل على العكس، يتم الهجوم على من يشتكي من ذلك ويشير إلى أنها لعبة استراتيجية كبرى تهدف إلى تغيير مصير الإسلام، وتتم الإساءة إليهم من قبل المتعاطفين مع إيران بيننا. إنه أمر لا يُصدق حقاً.

لن يكون الغرب عدونا بعد الآن

وهذا بالطبع ليس له علاقة له بالطائفية أو العنصرية أو الأنانية. بل هو واقع، إنه واقع تاريخي واجتماعي. قد يعتقد البعض أنني أحصرها في السياق التاريخي، لكن هذا غير صحيح. إنها حقيقة واقعة، وقد تجلت هذه الحقيقة وتجسدت تاريخيًا واجتماعيًا وثقافيًا، ولا داعي حتى لذكر ذلك، ولكن يبدو أننا مضطرون أحيانًا للتعبير عن هذه الحقائق صراحةً.

إنهم يسعون إلى تدمير العمود الفقري والروح معًا: فالعمود الفقري والروح هما أهل السنة والجماعة. لذلك قاموا بتعزيز قوة إيران من أجل تدمير العمود الفقري للإسلام وقتل روحه.

جعلوها قوة نووية. إنهم يبنون نظامًا يجعلنا نتصارع فيما بيننا. ولذلك لن يكون عدونا الغرب بعد الآن. بل سنكون أعداء لبعضنا البعض.

يجب وقف إيران فورًا، وإعادتها إلى حدودها الطبيعية، وإلا فإن تاريخ الإسلام القادم سيكتب بدماء المسلمين الذين سيُجبرون على القتال ضد بعضهم البعض.

إذا تم التغاضي عن حصول إيران على القوة النووية، فإنها ستستعبد العالم الإسلامي وستوجه له ضربات موجعة حتى يخضع لها، وليس الغربيون هم من سيفعل ذلك بل إيران.

يجب إبعاد إيران عن قلب العالم الإسلامي. فالعراق الآن تحت سيطرة الشيعة، وآمل أنكم تفهمون الآن سبب اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، فالعراق ليس مكانًا عاديًا.

 

مؤسس أهل السنة الإمام الأعظم أسير الشيعة

الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، مؤسس المذهب السني وأكبر أئمة السنة، هو أسير الشيعة. إن الجذور التاريخية للسنة، بما في ذلك مدنها المؤسسة مثل الكوفة والبصرة، تُدمر ولا يحرك أحد ساكناً. هل أصبح ملياري مسلم من أهل السنة عبيداً؟

نعم هم عبيد، لقد كانوا حتى اليوم عبيدًا للغرب، وسيكونون عبيدًا للإمبراطورية الفارسية من الآن فصاعدًا. سيتعاون الكلب الإسرائيلي مع الفارسي الدنيء لمحو المسلمين السنة وتاريخهم وآثارهم من قلب العالم الإسلامي.

لهذا السبب تم إسقاط الدولة العثمانية حصن أهل السنة، فقد زرع أمثال أرنولد توينبي وبرنارد لويس، بوضوح في العقل الإنجليزي-اليهودي، أنه عندما يتم تدمير عقيدة أهل السنة، فلن يكون من الممكن للإسلام أن يسيطر على العالم من جديد، وأنه بهذه الطريقة سيتم القضاء على القوة الوحيدة القادرة على مقاومة هيمنة الغرب على العالم، وقد عملوا على تحويل هذه الأفكار إلى مشاريع سواء بشكل علني أو سري.

مع سقوط الدولة العثمانية، حصن السنة، تم تدمير العمود الفقري لأهل السنة وتم تصفية الحضارة الإسلامية. والآن ننتقل إلى المرحلة الثانية من اللعبة الكبرى التي استمرت حوالي نصف قرن: يتم زرع إيران الشيعية في المنطقة العثمانية خطوة بخطوة وبحذر شديد.بالإضافة إلى ذلك، يتم تصوير إيران على أنها ضحية، وفي الوقت نفسه، يتم تقديمها كحامية للمسلمين المضطهدين لأنها تصرخ بين الحين والآخر في وجه الإمبرياليين.

ولذلك سيتم تعزيز تركيا العلمانية قدر الإمكان في المرحلة المقبلة، وسيتم دعم عملية علمانية تركيا وتخليها عن الإسلام بشكل صريح في التعليم والثقافة والسياسة والأخلاق والحياة الاجتماعية، وفي المقابل، ستكتسب استراتيجية إيران لتعزيز الإسلام الشيعي، وخاصة بين الأتراك في إيران وأذربيجان، قوة أكبر. إن اختيار قادة دينيين ورؤساء وخاصة بين الأتراك ليس سوى نتاج لهذه الاستراتيجية الفارسية الذكية.

وبالتالي، سيتم تشييع الأتراك واستيعابهم، وجعلهم فارسين، وهم الذين كانوا يحافظون على جوهر الإسلام وروحه وعموده الفقري من خلال السنة. ومن جهة أخرى سيتم القضاء على دور الأتراك كحماة للإسلام، الذي تمثل السنة عموده الفقري وروحه.

لقد نجح العقل البريطاني اليهودي من تحقيق تقدم سريع عبر تنفيذ لعبة فارسية كبيرة ستغير مصير الإسلام وتجعل المسلمين يتصارعون فيما بينهم على المدى المتوسط والطويل، مما سيؤدي إلى إغراق العالم الإسلامي بالدماء.

وعندما أكتب عن سبب إسقاط الدولة العثمانية، حامية أهل السنة وروح المسلمين وإرادتهم في صنع التاريخ، وعن زرع إيران الشيعية في المنطقة العثمانية خطوة بخطوة، ينظر إلي الكثيرون بنظرات غريبة ويهاجمونني بعنف، لأنهم لا يملكون القدرة على فهم ما أقول. لكنني سأواصل الكتابة عن الحقائق رغماً عن العملاء الإيرانيين، وسأواصل التأكيد على أن المذهب السني ليس مجرد مذهب بل هو عمود الإسلام وروحه، وسأواصل الكفاح الفكري ضد محاولات تدمير هذه الروح.

إنهم عملاء إيرانيون دنيئون وبلا روح.

عن الكاتب

يوسف قابلان

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس