ترك برس
سلط تقرير لصحيفة العربي الجديد الضوء على قرار السلطات التركية منح اللاجئين السوريين فترة إضافية لتحديث بياناتهم، وذلك بسبب التحديات التي واجهت العديد منهم في تنفيذ الإجراءات ضمن المهلة الأصلية.
وقالت الصحيفة إنه كلما بردت قضية العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا، أتى تصريح أو حدثت جريمة تجعلها تطفو من جديد على السطح، لتترافق مع اتهامات بمسؤوليتهم عن زيادة معدلات البطالة والغلاء، وحتى التغيير الديموغرافي، وصولاً إلى الزعم بأنهم يهددون مستقبل تركيا، كما يردد زعيم حزب "الظفر" أوميت أوزداغ.
ونقلت عن المحلل التركي سمير صالحة، قوله إن من حق تركيا ضبط حدودها، وضبط قانونية من هم على أرضها، ومكافحة الدخول غير الشرعي إلى البلاد، من دون المساس بحقوق الإخوة السوريين، أو استخدام حالات الهجرة غير الشرعية أو بعض التجاوزات ذريعة للتضييق أو الاستهداف أو الترحيل القسري.
ويوضح صالحة في حديثه للصحيفة أنه بات ملحوظاَ مغادرة المهاجرين واللاجئين من دون أن يلغوا بطاقاتهم المؤقتة أو إقاماتهم، ويعتبر أن "إعطاء مهلة ثانية لتحديث البيانات سيكون في صالح الجميع، إذ تضبط تركيا العدد الحقيقي للاجئين، ويقوم السوريون بتصحيح بياناتهم، والحصول على بطاقة الحماية الجديدة".
وأصدر وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا تحذيراً نشر باللغات التركية والعربية والإنكليزية، يؤكد أهمية تحديث عناوين اللاجئين قبل انتهاء المهلة المقرر في 24 سبتمبر/أيلول المقبل، وإلا سيحرمون من خدمات التعليم والرعاية الصحية. موضحاً: "يبلغ عدد الأجانب المقيمين في البلاد بشكل قانوني 4 ملايين و437 ألف شخص، من بينهم 3 ملايين و103 آلاف من السوريين تحت بند الحماية المؤقتة، و729 ألفاً منهم ليس لهم عناوين مسجلة".
وترى أحزاب المعارضة التركية في أعداد السوريين ومخالفاتهم إدانة لحزب "العدالة والتنمية " الحاكم. يقول المحلل مسلم أويصال لـ"العربي الجديد": "الحكومة والحزب الحاكم مسؤولان عن المخالفات، وعن حجم الإنفاق على السوريين، بسبب التستر على الدخول غير الشرعي، وعدم توزيع اللاجئين السوريين على الولايات، ما يجعلهم يؤثرون على تركيبة المجتمع، كما في ولايات كلس وعنتاب وأنطاكيا".
ويضيف أويصال: "معظم أحزاب المعارضة تبالغ بأعداد السوريين، والأموال التي صرفت عليهم، ويجب عدم تحميل السوريين ما لا ذنب لهم به. لكن ينبغي عودة من له بيت، أو يمكنه العمل داخل سورية، خاصة من يذهبون في إجازات طويلة خلال المناسبات".
ورداً على تصريحات وزير الداخلية، قال رئيس حزب الرفاه من جديد، فاتح أربكان: "إنهم إخواننا، وقد قمنا بالفعل بدورنا بصفتنا دولة، واعتنينا بهم، واستضفناهم في أعنف فترات الحرب، وأُنفقت مليارات الدولارات عليهم، لكن من الأفضل لهم أن يعودوا بسلام من الآن فصاعداً. ينبغي إجراء محادثات مع نظام الأسد، فالحرب انتهت، ومن الأفضل ضمان عودتهم إلى وطنهم بكرامة، وإن لم تكن عودتهم دفعة واحدة، فيجب أن تكون بشكل تدريجي".
في المقابل، اعتبرت عضو الهيئة التركية السورية المشتركة، إيناس النجار، أن ما قاله أربكان "خروج عن القضية، وخلط لأهداف سياسية"، وأوضحت لـ"العربي الجديد"، أن "اللاجئين السوريين في تركيا أمام فرصة لتسوية أوضاعهم، ولا بد من اغتنام المهلة الثانية التي حددتها وزارة الداخلية. بعض السوريين ممن لديهم هويات حماية مؤقتة لم يقوموا بتحديث عناوينهم وبياناتهم منذ سنوات، وعليهم أن يبادروا بتحديد موعد، والتقدم إلى مديرية الهجرة في الولاية التي تم تسجيلهم فيها للتحديث مع المستندات اللازمة. سيتم إلغاء هويات أولئك الذين لم يحددوا موعداً بحلول 26 أغسطس/آب، لتحديث عناوينهم، ولن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات الرسمية".
وأعلنت وزارة الداخلية التركية أن 396 ألفاً و738 سوريا لم يتم الوصول إليهم، أو لم يحدثوا عناوينهم، وسيتم إلغاء بطاقاتهم ولن يستفيدوا من الخدمات إن لم يستغلوا الفرصة الأخيرة للتحديث. وأكدت أنه ضمن السياسة الجديدة للهجرة، سيتم تعليق الدعم الاجتماعي والخدمات العامة، كما سيتم شطب أولئك الذين ليس لديهم أي وثائق تشير إلى أنهم كانوا يعيشون في تركيا خلال السنوات الخمس الماضية.
وأضافت الوزارة: "حددنا أن 731 ألفا و146 سوريا من بين 3 ملايين و103 آلاف و606 لا يتواجدون في عناوينهم. منحناهم مهلة قدرها تسعين يوما، وأرسلنا رسائل بالعربية والإنكليزية والتركية، وقلنا لهم حدثوا عناوينكم. قام 203 آلاف و978 سوريا بتحديث عناوينهم، كما حجز 130 ألفا و430 موعدا. لا يزال هناك 396 ألفاً و738".
وبهدف منع التزوير، أكد وزير الداخلية، أن أحد المشاريع الجديدة يتضمن تحويل بطاقات الهوية للأشخاص الذين حصلوا على وضع الحماية المؤقتة، ومن بينهم السوريون، إلى بطاقات مزوّدة بشريحة الكترونية بدأت دار السكة في طباعتها، مؤكدا أن هناك مبالغات عدة، وأنه "خلال 13 سنة، حصل 238 ألفا و733 سوريا فقط على الجنسية التركية".
ويقول رئيس تجمع المحامين الأحرار بتركيا، غزوان قرنفل: "منح وزير الداخلية مهلة جديدة لأكثر من 396 ألف سوري لم يحدثوا بياناتهم بعد، وقد تكون المهلة غير كافية، لكن بمجرد حجز الموعد تتمدد المهلة إلى حين الموعد، ومن يتخلف عن الحجز خلال المهلة، سيتم إيقاف قيد اللاجئ الخاص به، ثم يمنح مهلة ستين يوماً، وفي حال عدم تصحيح البيانات بعد الشهرين، تتوقف بطاقة الكيملك".
ويتوقع قرنفل خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن جل المتخلفين عن حجز موعد قد غادروا تركيا إلى أوروبا بشكل غير شرعي، من دون أن يوقفوا بطاقات الحماية، لأن الترحيل أو العودة أو الهجرة الطوعية تكون مدونة لدى الداخلية التركية، ويتوقف معها الكيملك تلقائياً. ويضيف: "بطاقة الكيملك الجديدة التي تكلم عنها وزير الداخلية خطوة ضرورية لكنها متأخرة، وستحمي حاملها من أي تزوير أو استغلال باسمه. ضبط بيانات اللاجئين يعود بالنفع على أمن تركيا، وعلى الخدمات المقدمة للاجئين، وبعد تاريخ المهلة ستزيد حالات ترحيل المخالفين".
ويخشى سوريون من الاعتقال أو الترحيل خلال الذهاب إلى دائرة الهجرة لتحديث البيانات، إذ يؤكد السوري محمد حاج خلف أنه تم ترحيله وزوجته وابنه إلى شمال غربي سورية، حينما أراد تحديث بيانات زوجته، بذريعة وجود دعوى مرفوعة بحق ابنه. ويقول لـ"العربي الجديد": "لو سلمت بذلك، فليحاسبوا ابني، لماذا يرحلوني أنا وزوجتي وابني الآخر، بينما كل أوراقنا نظامية؟ تعرضت لسوء معاملة خلال احتجازي بمركز الترحيل، ورغم توكيل محام، لكنه لم يستطع إيقاف الترحيل. جزء من عائلتي لا يزالون في إسطنبول، وبعد 11 سنة إقامة بنفس المنزل، تم ترحيلنا ظلماً".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!