ترك برس
تناول مقال تحليلي للكاتب والإعلامي التركي إحسان أكتاش، أهمية التواصل بين حزب العدالة والتنمية والمجتمع المدني في تركيا، مستعرضًا كيف أن الحوار الفعّال مع المواطنين يعزز من استقرار الحزب ونجاحه.
وقال أكتاش في مقال بصحيفة "يني شفق'' التركية: "لدينا مثل شائع يقول: إذا تغير شيء واحد، تغير كل شيء. ونحن منذ طفولتنا وحتى اليوم نعتبر أنفسنا جنودًا في قضية كبيرة، ونعمل من أجلها داخل مجتمعاتنا المحلية. وقد كان مستقبل المجتمع المدني والسياسة والأفراد، مع الحفاظ على ولائنا لحلمنا الكبير والبقاء في مجتمعنا المحلي، دائمًا على رأس أولوياتنا".
وأضاف: "للبقاء في الأحياء، بعيدًا عن المؤسسات الرسمية، مزاياه الخاصة. فهو يمنحك فرصة الاستماع ومناقشة التطورات العالمية والمحلية، والاتجاهات الاجتماعية، مع مختلف الأشخاص وفي بيئات متنوعة. وعندما لا ترتبط بردود أفعال مؤسسية، يشعر الناس بالراحة لمشاركة مشاعرهم الصادقة معك، وتقديم رؤاهم الحكيمة حول مستقبل وطنهم".
وتابع المقال:
في الوقت الذي يشهد فيه العالم حربًا عالمية ثالثة أو بداية عصر استعماري جديد، فإن استقرار تركيا يمثل أمرًا لافتًا للنظر وبالغ الأهمية.
ولا يقتصر حلم تركيا العظمى على كونه بوابة أمل للشعب التركي الذي تعرض للظلم والاضطهاد والاستغلال، بل هو أيضًا أمل لكل الشعوب المظلومة في المنطقة التي حرمتها الدول الغربية من الاستقلال منذ قرنين من الزمان.
وهذه الرؤية لا يمكن أن يفهمها أولئك الذين يجهلون التاريخ والعالم، ويسعون لإعادة تركيا إلى زمن الحزب الواحد، وأولئك الذين يحملون عقلية كوريا الشمالية.
أحيانًا يصبح مصير الزعيم أو الحركة السياسية متطابقًا مع مصير الأمة. وهذا هو الحال بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الذي حقق إنجازات كبيرة على مستوى البنية التحتية والتغييرات السياسية منذ تأسيسه. فقد أصبح مصير الحزب مرتبطًا بمصير تركيا.
لقد اعتاد هذا الشعب على الحوار مع حزب العدالة والتنمية. فهناك اعتقاد مسبق بأن هذا الحزب هو المسؤول عن توجيه الانتقادات إليه، وتقديم الشكاوى، وتوقع حلول لمشكلاته. وعندما تنقطع سبل الحوار مع حزب العدالة والتنمية، يميل الناس للتوجه إلى التحدث مع أحزاب سياسية أخرى.
وفي تقرير "GENAR" عن تركيا، أشرنا إلى أن السياسة التركية قد دخلت في مرحلة تنافسية جديدة. وينبغي مراقبة التوجه المتصاعد لحزب الشعب الجمهوري، الذي لم يحقق أي إنجازات ملموسة في إدارة الشؤون المحلية، بجانب فهم نهج حزب العدالة والتنمية في إنتاج السياسة وتحقيق الإنجازات وتقديم ورؤية عالمية.
إن احتلال حزب سياسي للمشهد العام دون تقديم أي سياسات مستقبلية، واستغلال الموارد العامة كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، يُظهر مدى أهمية حاجة الشعب إلى التحدث مع حزب العدالة والتنمية.
بصفتي فردًا من المجتمع لا يتحمل سوى واجب تمثيل المهمة السياسية، أجد نفسي أحيانًا أعبر بشكل مؤلم عن الأحداث الجارية في السياسة، وخاصة الجوانب السلبية وغياب التواصل حول الأعمال الضخمة المنجزة. إن جهدنا الرئيسي هنا هو التأكيد على أن حزب العدالة والتنمية يمثل الناس في الأناضول كحزب ثوري. تتمتع أنقرة بقدرة على تشكيل وتحويل كل من يأتي إليها، وهذه القدرة يجب ألا تُستهان بها. لقد فقدت الأوليغارشية البيروقراطية، التي تم نسجها منذ مرسوم التنظيم بمبادئ الحضارة الغربية، قوتها خلال فترة حزب العدالة والتنمية، لكنها في الوقت الراهن تحاول استعادة نفوذها.
وفي الأسبوع الماضي اجتمع "أركان قان دمير"، نائب رئيس الحزب المسؤول عن التنظيمات، بمجموعة من الصحفيين. وقد كانت الآراء والمقترحات السياسة التي طرحها هؤلاء الصحفيين ذات قيمة كبيرة.
وأهم ما استخلصناه من هذا الاجتماع هو أن حزب العدالة والتنمية قد بدأ بالعمل الميداني بشكل جذري. وعندما يبدأ حزب سياسي بالتواصل مع الشعب والناخبين مهما كانت الظروف، فإن العجلة ستبدأ بالدوران عاجلا أم آجلا، ما لم يكن هناك أعضاء ذوي نوايا خبيثة داخله.
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان أي موضوع يناقشه المواطنون في أي مقهى يتحول إلى موضوع رئيسي في خطاب رئيس الوزراء خلال اجتماع الكتلة البرلمانية يوم الثلاثاء. وهذه الآلية السياسية التي كانت تمتد من أقصى قرية إلى المقر الرئيسي كانت محل إعجاب الجميع.
إن ما تتوقعه الأمة من حزب العدالة والتنمية هو نموذج قد جربته بنفسها، ويعتبر مثالًا يُحتذى به في العالم، خصوصًا من قبل الأحزاب المعارضة.
نحن نعمل جاهدين في الميدان، وقد خرج هذا الشعب إلى الشوارع في يوم 15 يوليو دفاعًا عن وطنه. نحن نستمع بكل اهتمام إلى انتقاداتكم وملاحظاتكم، لأن حزب العدالة والتنمية هو حزب الشعب.
إذا قرر حزب العدالة والتنمية أن يكون حاضراً بقوة في الميدان، وأن ينفذ هذا القرار بكل جدية ودون أي تأخير أو عذر، فإن هذا سيؤدي إلى تغييرات إيجابية كبيرة داخل الحزب.
عندما نشرت مقالي حول العقد الثاني لحزب العدالة والتنمية في أزهى أيام "الطاولة السداسية"، كانت أكثر الانتقادات تأتي من أولئك الذين لجأوا إلى اليأس داخل الحزب. وعندما يعاد تشكيل الروابط القوية بين الهيكل التنظيمي لحزب العدالة والتنمية والمجتمع المدني من الشارع إلى المقر الرئيسي، فسيتمكن من تجديد نفسه والعودة بقوة.
إن التغيير في جزء واحد يؤدي إلى تغيير شامل، ويجب علينا أن نبحث عن هذا التغيير في شرايين المجتمع.
وكل عضو في حزب العدالة والتنمية يدرك جيدًا أن ما يمثله ليس مجرد منصب فردي، بل هو مصير المنطقة بأكملها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!