أحمد تاشكاتيران - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
مليون و200 ألف سوري في تركيا. وفي بعض المدن يساوي تعداد مجتمع اللاجئين عدد السكان الأصليين.
تركوا ديارهم وجاءوا إلى هنا ومن الطبيعي جداً أن لا تكون لديهم بيوت وأعمال.
قد يكون بعضهم ذوي ثروة في سوريا وعندما يأتون إلى تركيا يستطيعون إيجاد مأوى بسهولة.
أما القسم الآخر فكان يوفر إمكانيات العيش لنفسه وعائلته كل يوم بيومه وأتى إلى هنا تاركا عمله، مصدر رزقه الوحيد.
خرج إلى الطريق لأن القنابل انهارت فوق رأسه ولم يبقَ لديه بيت ولا مأوى، وظهر خطر الموت أمامه هو و عائلته، وكان الحل الوحيد أمامه هو هجر الديار التي ولد فيها.
كانت تركيا فاتحة حضنها لهم كدولة صديقة والمخيمات مبنية ومؤسسات المساعدات الإنسانية متوفرة والدولة وشعبها شكلوا محيطا يشعر فيه اللاجئون بالأمان.
ولكن مليون و200 ألف شخص، تعني الكثير الكثير.
المخيمات ممتلئة، أصبح "السوري" حقيقة لا تنكر في كل شوارع البلد. هناك من يبحث عن مأوى وآخر يبحث عن عمل وآخر عن طعام. الباحث عن مسكن أمامه عائق الأسعار المرتفعة والباحث عن عمل أمامه مشكلة البطالة في البلد، ومهما كان الشعب كريما هناك فكرة سائدة على مبدأ "اليد العاطية - اليد الآخذة".
وفوق كل هذه الأشياء هناك احتمال وجود أشخاص المسببين للشغب. حتى في الحالات العادية إذا قمنا باختيار عينة من مجتمع عدده مليون و200 ألف أياً كان انتمائه ووضعناه داخل مجتمعنا، ألن يظهر من بينهم مثل هؤلاء المشاغبين؟، حتى في بلدنا نحن، عندما نقرأ أخبار الصفحة الثالثة من الجرائد المحلية، بالرغم من وجود السوريين عندنا، هل نرى أخبارا مسرة أو مبشرة بالخير؟ أليست هناك أحداث سرقة وجرائم في بلدنا؟ أليست هناك مشاكل عائلية؟ أليست هناك مشاكل بين أصحاب البيوت والمستأجرين؟ أليست هناك حوادث سيئة أخرى؟
ما هو رأيكم، أيصبح السارق والجاني التركي حسنا ويصبح السوري سيئاً؟!
"الغريب" مصطلح يسبب بعض المشاكل في كل البلدان. ولهذا من الطبيعي أن يشكل قسم من السوريين مشاكل عندنا.
لقد طال أمد القتل والتشريد في سوريا ونتيجة ذلك طالت مدة مكوث السوريين بعيداً عن بلادهم.
وفي الحقيقة قامت الحكومة والكثير من مؤسسات المساعدات الإنسانية باحتضان السوريين وحاولوا حصر هذا ضمن مبدئ الأخوة الاسلامية التي نتمتع بها كمجتمع مسلم.
كان هناك الأنصار والمهاجرون. وقد عاش المسلمون في مكة ألماً كبيراً وقاموا بهجرة كبيرة. الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان من بين المهاجرين. لقد امتُحِنت المدينة المنورة امتحاناً صعب جداً. وقد تقاسموا وقتها بيوتهم وأموالهم وأعمالهم مع القادمين من مكة.
أظهر الرسول صلى الله عليه وسلم وقتها لوحة لمبدأ الأخوّة لم ولن يشهد التاريخ مثيلاً له.
وفي أول الأحداث كان رئيس الوزراء وغيره من المسؤولين الأتراك يقولون "الآن هو الوقت الذي يجب أن نكون فيه أنصاراً".
كانت تركيا دولة لجوء أمام الفارين من الظلم.
لقد لجئ أهل البلقان والقوقاز إلى هذه الأرض.
ولجئ الإسباني أيضاً. وكذلك من العراق أتى اللاجئون. وأيضاً من تركستان الشرقية والغربية والقرم.
كانت هذه الارض حضن أم لكل اللاجئين.
لقد احتضن كل اللاجئون هذه الارض دون تمييز بين دياناتهم أو انتماءاتهم.
والآن عندما أصبح اليزيديون يبحثون عن ملجأ لهم. كانت تركيا الدولة الأولى التي تخطر على البال.
لم تتردد تركيا يوما في إيواء ملايين اللاجئين في حين لا تكترث الدول الغربية لحالهم. وهذه دلائل على مبدأ الانسانية.
أنا أقول، الصبر الصبر، والتحمل. الصبر لكي لا يقع الناس على الأرض في هذا الوطن.
لا بد لمأساة سوريا أن تنتهي، وسيرجع هؤلاء الناس إلى ديارهم. ليس للإنسان أرض مثل أرضه التي ولد فيها. وليس له بيت مثل بيته. مهما كان صاحب البيت كريما ومحبا للضيوف، إلا أنّ هؤلاء الناس غير سعيدين في هذا البيت كسعادتهم في بيوتهم الأساسية. الآباء والأمهات والشباب الذين يتقدم عمرهم يوما بعد يوم. في ديار الغربة يحملون ثقل العيش كلاجئين.
وأقول أيضا، فلتبقى في قلوبهم ذرة حب باسم تركيا. لا إقصاء وحمل يجبر الناس لتحمله بل ذرة من ابتسامة ومودة وحنان وشفقة.
لا ندع للعلاقة بيننا وبين إخوتنا السوريين علاقة السيئين منهم بالسيئين منا.
فلندع حماسة تقاسم الأرض تجري فينا. فلتبقى ذكريات جميلة يتذكرها السوريون فيها اسم تركيا بالخير في يوم من الأيام. فلتبقى الأخوّة فليبقى أخوتي عائشة ومحمد وعثمان وحسن وحسين .. الأتراك والسوريون .. حتى الأسماء متتداخلة ..
احذروا من أن تضيع الأخوّة والمحبة ..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس