ترك برس

تناول مقال تحليلي للكاتب والصحفي التركي طه قلينتش، تصريحات نشرها رضا بهلوي، نجل الشاه الإيراني المخلوع محمد رضا بهلوي، عبر مقطع فيديو بثه من مقر إقامته في الولايات المتحدة، مخاطبا الرأي العام العالمي باللغة الإنجليزية.

وفي هذا الفيديو، قال بهلوي باختصار:

"الشرق الأوسط مهد الحضارات غني بقصص الملوم العظام والأنبياء والفلاسفة من كورش الكبير إل موسى إلى ابن خلدون. وقدمت أممنا للعالم بعضاً من أعظم قادة الرأي مثل أنور السادات، والملك حسين، ومناحيم بيغن، والملك فيصل ووالدي أيضاً. ولكن على مدى 45 عاما أجبر الكثير منا على العيش في خوف، خوف من الهجوم الإرهابي القادم، خوف من الحرب، لأن بلدي قد احتجز كرهينة منذ 45 عاما على يد نظام متطرف يسعى ليس فقط لإبقاء شعبي مكبلا بالقيود ولكن أيضاً لتصدير ثورته إلى بلدانكم وشعوبكم. إن النظام في طهران مسؤول عن مقتل مئات الآلاف من الأبرياء، إيرانيين وعربًا وإسرائيليين ومسيحيين ومسلمين ويهوداً. لقد ساهم في تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر، وأشعل النزاعات الطائفية في سوريا والعراق ولبنان واليمن. وهو يحاول زعزعة استقرار المملكة الهاشمية ونزع شرعية خادم الحرمين الشريفين، ويستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية، والآن أوصل نهد حضارتنا إلى حافة حرب إقليمية، ولذا جئت إليكم اليوم برسالة: هذه ليست حري الشعب الإيراني، إنها حرب على خامنئي ونظامه. الإيرانيون ليسوا أعداءكم، بل الجمهورية الإسلامية هي عدونا المشترك، العدو لكل الشعوب التي تسعى للسلام في منطقتنا. يجب أن نزيل هذا النظام الذي احتجزنا رهائن لما يقارب نصف قرن. الشرق الأوسط يعرف جيداً الاضطراب والانقلابات لذا أعلم أنكم قد تخشون أن يجلب التغيير الفوضى. لكن لا تخافوا لن نسمح بحدوث فراغ في السلطة بعد انهيار هذا النظام. هناك تحالف واسع من الإيرانيين الوطنيين في الداخل والخارج مستعدون لخدمة وطننا وتحقيق السلام في منطقتنا. لقد أخبرت مواطنيّ أنني سأقوم بواجبي. سأتقدم ـ بناء على ندائهم ـ للإشراف على هذا الانتقال السلمي".

وقال الكاتب التركي في مقال بصحيفة يني شفق: "يبدو أن رضا بهلوي، الذي يُلقب بـ"جلالته" في الاجتماعات التي يحضرها، يعتقد أن إيران والشعب الإيراني يتوقان إليه بشدة. ولكن، القمع الذي مارسه جده رضا شاه ووالده محمد رضا بهلوي على عامة الناس، والجرائم التي ارتكباها، لا تزال حية في ذاكرة الإيرانيين بشكل عميق. لذا من الصعب الاعتقاد أن الناس، باستثناء حفنة من الإيرانيين العلمانيين، يتوقون إلى الفترة التي سبقت عام 1979".

ولفت قلينتش إلى أن "الغضب من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان التي حدثت في عهد بهلوي، وكذلك الظلم الذي عانى منه الشعب، هو السبب الرئيسي لوجود النظام الحالي في إيران. وعلى الرغم من شكاوى الإيرانيين من حكم "الملالي"، فإنهم ليسوا بتلك الذاكرة الضعيفة التي تجعلهم يتمنون عودة النظام السابق".

وأضاف: "كما يُظهر الحماس الذي أثاره خطاب رضا بهلوي الذي استمر 4.5 دقائق في وسائل الإعلام الغربية، يتضح أن المراقبين الخارجيين لإيران غالباً ما يقعون في وهم الاعتقاد بأن التغيير في إيران بات وشيكاً. بل إن هناك توقعات غريبة وساذجة تشير إلى أن العناصر "المعتدلة" المعارضة للنظام ستتبنى إدارة موالية تمامًا للغرب، ولكن الحقيقة هي أن النظام الإيراني الحالي، الذي تأسس على أسس أيديولوجية وضعها آية الله الخميني، تمكن منذ عام 1979 وحتى الآن من إنتاج نمط بشري خاص به، سواء داخل إيران أو خارجها. فقد تمكن من بناء قاعدة شعبية قوية جدًا بين الشيعة في دول مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان ونيجيريا. كما أنشأ علاقة معقدة بين الحب والكراهية مع النظام العالمي، وزود شعبه بوعي سياسي. وقد نجح في جعل أقلية طائفية تبدو وكأنها الأغلبية السائدة، كما أعاد فتح جروح الخلافات التاريخية، مشيداً بذلك درعًا منيعًا حوله. ولا شك أن العقلية الحاكمة في إيران، التي طمست حتى إرث السلاجقة بغطاء فارسي سميك، لن تجد صعوبة في طمس آثار نظامٍ فاسد وعلماني منفصل تمامًا عن الشعب".

وتابع المقال:

هناك حقيقة أخرى لم يأخذها رضا بهلوي بعين الاعتبار، تذكّرنا بالمثل القائل "الدجاجة الجائعة، تظن نفسها في مخزن الحبوب" وهي:

عندما هرب الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي مع زوجته فرح وأولاده رضا وفرهناز وعلي رضا وليلى في 16 يناير 1979، حملوا معهم أطنانًا من الذهب والنقود والمجوهرات والأشياء الثمينة. وبفضل هذه الثروات الوطنية المسروقة من الشعب الإيراني، لا يزال أفراد عائلة الشاه يعيشون في رفاهية وترف في الولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا. أما القصور الفخمة التي سكنها أفراد أسرة بهلوي في الفترة بين عامي 1925 و 1979، فقد أصبحت الآن متاحف متاحة للجمهور في إيران، حيث يزور الناس هذه الأماكن بكثرة، ويذكرون باستمرار كيف كانت عائلة الشاه تعيش في ترف وبذخ بينما كان الشعب يعاني.

يبدو أن رضا بهلوي، الذي يطل برأسه في كل أزمة ليعلن استعداده لتولي المسؤولية وقيامه بواجبه، قد نسي كيف أغلقت الدول الغربية الأبواب في وجه والده بعد سقوطه، على الرغم من أنها كانت تدعمه خلال فترة حكمه. وبالتالي، يتحول "جلالته" إلى تجسيد حي لمفهوم "العبرة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!