ترك برس
تناول تقرير تحليلي للسياسي والبرلماني التركي السابق آيدن اونال، ردود فعل الشارع التركي، بمختلف تياراته، بعد استعادة فصائل المعارضة السورية السيطرة على مدينة حلب السورية.
وقال أونال في تقريره بصحيفة يني شفق إن منطقة الشرق الأوسط تشهد تغييرات متسارعة في التحالفات والخطوط السياسية والخرائط باستمرار.
أضاف: "لقد استقبلنا استعادة حلب بشيء من الحذر، ولكن أيضًا بقدر أكبر من الحماس. وبينما ابتهجت الغالبية العظمى من الشعب التركي بتحرير حلب، ظهرت قلة صغيرة من المتخوفين، بل وحتى من المستائين والمتذمرين".
ورأى أن تحرير حلب كشف عن المواقف الداخلية في تركيا بوضوح تام، مستعرضا قائمة بأبرز الجهات التي لم تشارك الشعب فرحته، بل أبدت قلقها واستياءها، وهي على النحو التالي:
1ـ حزب الشعب الجمهوري: يعارض الحزب السياسة الخارجية النشطة التي تتبعها تركيا في المنطقة ليس فقط في سوريا، بل أيضًا في فلسطين والعراق وليبيا والصومال والقوقاز والبلقان، وحتى في الحرب الروسية الأوكرانية وعمليات أذربيجان ضد أرمينيا. ويرجع ذلك إلى الخوف والجبن المتخفيين وراء شعار "السلام في الوطن والسلام في العالم"، وإلى ميراث السياسة الخارجية الحذرة التي ورثها عن إسماعيل إنونو. وعلى الرغم من أن دنيز بايقال وصف حلب بأنها "مدينة سنية"، إلا أن الميول الطائفية لرئيس حزب الشعب الجمهوري السابق وتعاطفه مع نظام الأسد ما زالت تلقي بظلالها على الحزب، والأهم من كل ذلك أن حزب الشعب الجمهوري مستاء من تحرير حلب وعودتها إلى سيطرة الشعب السوري بسبب تحالفه الوثيق مع حزب "DEM".
2ـ حزب "DEM": يُعد تحرير حلب تهديدًا كبيرًا لتنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي، حيث أدى إلى عزل التنظيم غرب الفرات. ومن الطبيعي أن يبدي حزب "DEM" استياءه من هذه التطورات. وقد وصف تونجاي بكرهان هذه الأحداث بأنها "مناورة جيوسياسية". ولا شك أن تحرير حلب أزعج هذا الحزب أكثر من أي جهة أخرى.
3ـ حزب السعادة: بلغت خصومة حزب السعادة تجاه الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى حد الاقتراب من تغيير موقفه العقائدي. فمنذ بداية الأزمة السورية، اصطف الحزب إلى جانب الأسد وإيران وحزب الله، متبنيًا موقفًا ثابتًا وكأنه فرع إيراني في تركيا. وقد أكد رئيس الحزب الجديد، في تصريحاته عقب تحرير حلب، أنهم يرون الأمر "صراعًا طائفيًا"، مؤكدًا بذلك مجددًا وقوفهم في صف إيران.
4ـ دوغو برينجيك والقوميون المتعصبون: يتبع هؤلاء سياسة الانحياز إلى الصين وروسيا دائماً، وقد وقف هؤلاء إلى جانب الأسد المجرم بسبب دعم روسيا له، بل حتى عندما تتعارض مصالح تركيا مع روسيا، يقفون إلى جانب روسيا. لقد كانوا أكثر من حزنوا لتحرير حلب.
5ـ النصيريون في تركيا: رغم أن هذا لا ينطبق على جميعهم، فإن شريحة منهم وقفت إلى جانب الأسد، وذلك بسبب انتمائهم المذهبي إلى نفس الطائفة. وقد سبَّب تحرير حلب لهم جرحًا عميقًا.
6ـ بعض العلويين: لا يشمل هذا جميع العلويين بالطبع ولكن جزءًا منهم أصيب بانهيار جراء تحرير حلب. على سبيل المثال، صرحت صباحات أكيراز قائلة: " العلويون يُقتَلون؛ الدماء التي تسيل من سيواس إلى حلب هي نفسها، والجهة المسؤولة عن ذلك واحدة." ورغم أن القضية لا تمت للعلويين بصلة إلا أن التضامن العقائدي مع النصيريين دفع البعض منهم إلى الاصطفاف مع نظام الأسد وإيران، الذين ارتكبوا مجازر بحق الملايين في سوريا.
7ـ الجعفريون: اتهم صلاح الدين أوزغوندوز، زعيم الجعفرية في تركيا، المعارضة السورية بأنها غير مسلمة وتتعاون مع إسرائيل بعد تحرير حلب، وعند سؤالهم: "إيران أم تركيا؟" أجاب بعضهم: "إيران".
8ـ التيار العلماني-الكمالي-اليساري: يشعرون بالاستياء من كل إنجاز يحققه المسلمون. فكما وقفوا إلى جانب إسرائيل التي يرونها علمانية غربية، ضد حركة حماس الإسلامية في غزة، فهم مستعدون للوقوف إلى جانب أي طرف ضد "المجاهدين" في سوريا، حتى لو كان هذا الطرف إيران. ولا شك في أنهم يشعرون بتعاطف خفي مع تنظيم "بي كي كي/ واي بي دي" الإرهابي بسبب طابعه العلماني.
9ـ التيار القومي التركي العنصري: فتح تحرير حلب باب الأمل لعودة السوريين إلى بلادهم. رغم أن هناك العديد من أبناء القومية التركية بين المعارضين، وخاصة التركمان، إلا أن همهم ليس تركيا أو القومية التركية، وبما أنهم يتصرفون وفق مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، فقد أبدوا استياءهم الشديد من أي تطور يعود بالنفع على تركيا.
10ـ أطراف أخرى: يشمل ذلك تنظيم "غولن" الإرهابي، وأنصار إيران، وبعض الأحزاب الصغيرة والكبيرة التي لا أهمية لها، وبعض الضباط المتقاعدين، الذين عبروا جميعًا عن حزنهم الشديد إزاء تحرير حلب.
وعندما تسأل هؤلاء جميعًا عن سبب معارضتهم، سيقولون إنهم يعارضون سياسة أردوغان في سوريا، ولكن الحقيقة هي أنهم يتخذون مواقفهم بناءً على دوافع عاطفية وأيديولوجية ومذهبية، فهم غير قادرين على مشاركة تركيا فرحها وحزنها. ولحسن الحظ، فإنهم لا يشكلون عددًا كبيرًا من الشعب أو الناخبين. يختم أونال مقاله.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!