عثمان أتالاي – صحيفة تايمر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس
لقد فقد ما يزيد على 200 ألف من مسلمي البوسنة حياتهم خلال الحرب الذي استمر ما بين أعوام 1992 و1995. وعندما قامت القوات الصربية بارتكاب مجزرتها في مدينة سربريناتسي من خلال قتل ثمانية آلاف وثلاثمئة وإثنين وسبعين شخص، كانت هذه المدينة ضمن المناطق الأمنة التي أعلنتها الأمم المتحدة هناك. لكن وعلى الرغم من ذلك وأمام انظار 400 من الجنود الهولنديين المكلفين بحفظ السلام في هذه المدينة، تمّ قتل هؤلاء الأبرياء. فقبل بدء الحرب في البوسنة، كان عدد سكان مدينة سربريناتسي 20 ألف نسمة. لكن وبعد أن تم إعلان هذه المدينة من قِبل الأمم المتحدة على أنها منطقة آمنة وعازلة، ارتفع عدد المقيمين فيها إلى 60 ألف وذلك من خلال توافد الأطفال والنساء والمسنين وحتى الشباب إليها من كافة أنحاء البوسنة.
القوات الهولندية وبعد أن تلقت أوامرها من قائد قوات حفظ السلام العاملة في المنطقة الجنرال الهولندي "توم كاريمانز" قامت بتسليم ما يقارب 25 ألف بوسني ممن لجأوا إلى المدينة وإلى قوات حفظ السلام، إلى القوات الصربية، وذلك قبيل المجزرة بعدة أيام. وتُعدّ هذه المجزرة، الابشع بحق البشرية بعد الحرب العالمية الأولى. لاسيما أن ديوان العدالة في لاهايا، قد أقرت بأن ما حصل أنذاك يعدّ بمثابة مجزرة جماعية. فمنذ ذلك الحين وعلى الرغم من مضي 20 عام على المجزرة، مازال أهالي الضحايا يبحثون عن مقابر جماعية في شتى انحاء البلاد.
ففي كل عام وبالتحديد في اليوم الموافق لتاريخ 11 تموز، يشارك القادة الغربيون وممثلون عن الأمم المتحدة في الاحتفالات التي تقام إحياء لهذه الذكرى الأليمة ويقدّمون الاعتذار للشعب البوسني عن التقاعس الذي صدر منهم في ذلك الحين. لكن مشروع القرار الذي طُرح على مجلس الامن من أجل إقرار هذه الجرائم على أنها إبادة جماعية، تم إعطابها عن طريق الفيتو الروسي.
بالمقابل فإن هناك العديد من المجازر المشابهة لتلك التي حصل قبل عشرين عام في البوسنة، تحدث اليوم وبشكل متكرر في سوريا. فالعالم الغربي وكما التزم الصمت حيال المجزرة التي وقعت قبل عشرين عام بحق الأبرياء في البوسنة، نراهم يتبعون نفس السياسة حيال ما يجري في سوريا منقتل وتشريد ودمار يقوم به النظام السوري بحق الشعب السوري. فلقد رأينا كيف قتل هذا النظام أكثر من 300 ألف مواطن عن طريق الرصاص الحي والصواريخ الثقيلة ومن خلال وسائل التعذيب في السجون. ولا خلاف أّ ما يجري اليوم من قتل ودمار وتشريد داخل الأراضي السورية، يعتبر وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء. والذين يزرفون دموع الحزن في هذه الأونة على ما حصل في البوسنة قبل عشرين عام، يلتزمون الصمت حيال ما يجري في حلب والغوطة وحماه وسائر المدن السورية الأخرى، وهذا الصمت بطبيعة الحال أمر يدعو للخجل والعار.
في الثاني عشر من كانون الأول عام 2013، قام فريق الاقصاء والتحرّي التابع للأمم المتحدة بالتحقّق من استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا وقام الفريق عقب انهاء تحرياته والتأكد من استخدام هذا النوع من السلاح في عدد من المناطق السورية، بتسليم تقرير مفصل إلى الأمين العام "بان كي مون". وعلى الرغم من التأكد بشكل قطعي حول استخدام هذه الأسلحة في الحرب الدائرة في سوريا، إلّا أنّ دولاً مثل روسيا وإنكلترا وفرنسا لم تحرّك ساكناً حيال هذه الانتهاكات. فسوريا اليوم تعيش المعاناة التي عاشتها البوسنة قبل عدّة سنوات. لكن ما يزيد من آلامنا أنّ المعاناة السورية تحدث ضمن الأراضي العربية والعالم الإسلامي.
والان لا يمكنني أن أقول سوى العبارة التالية وهي أنّ علينا عدم نسيان المجازر السورية عندما بتذكر مجزرة البوسنة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس