إبراهيم قاراغول - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
تركيا الجديدة ليست مجرد شعار.
تركيا الجديدة ليست تصريحات حزبية وليست عرضاً سياسياً.
تركيا الجديدة هي مشروع إعادة ترميم الجمهورية التركية بعد مئة عام، إعادة إنشاء تركيا من جديد.
تركيا الجديدة هي إعلان نهاية الحرب العالمية الأولى والبدء بإعادة إعمار تركيا.
تركيا الجديدة بمثابة جواب حاسم لعهد الوصايات العسكرية.
تركيا الجديدة، معاهدة بناء جديدة، معاهدة اجتماعية جديدة.
تركيا الجديدة هي إزالة الحواجز التي تسيطر على إذهاننا، تركيا الجديدة، هي وضع حد للاستقطابات على أساس الهوية السياسية المصطنعة.
تركيا الجديدة إحياء للفكر السلجوقي والعثماني من جديد. إحياء لروح المحبة والأخوة والتعاون والفكر المشترك من جديد.
تركيا الجديدة تعني التغيير الجذري في الهيكلية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد.
تركيا الجديدة تعني تغيير رؤيتنا للعالم الخارجي، وتطوير لهجتنا السياسية.
من دولة قومية إلى دولة عالمية.
تركيا الجديدة بمثابة خارطة طريق للانتقال من دولة قومية إلى دولة عالمية. من دولة منغلقة على نفسها إلى دولة منفتحة على محيطها وعلى العالم أجمع.
فليقبل من يقبل ولينكر من ينكر، فإن أردوغان مهندس هذا التحول الكبير. فهو يستمد قوته في قيادة البلاد من الشعب، كونه الرئيس الأول المنتخب من قبل الجمهور. وسيستمر في قيادة البلاد بصلابة أكثر مما كان عليه عندما كان رئيسا للوزراء.
إن اختيار أحمد داود أوغلو رئيسا للوزراء والحزب، يعتير من أهم العتبات الحرجة التي تجاوزها حزب العدالة والتنمية. فمع قفزة التطور النوعية ستمضي تركيا قدما في التقدم بعزيمة أكثر مما كانت عليه في الماضي. فإن التعاون بين أردوغان و داود أوغلو، وبدعم من الكادر الجديد، سيخلص تركيا من براثن القرن الماضي، ويطوي صفحة الماضي المظلم وسيعيد إنشاء تركيا من جديد.
فلو نظرنا إلى تاريخ الدولة التركية، لا يمكننا أن نجد رئيسا يتمتع بكل هذه القوة، منتخبا من قبل الشعب. وإلى جانبه رئيسٌ للوزراء يتحلى بكل هذه الصفات اللامعة ويتطابق في أفكاره وتطلعاته مع رئيس الجمهورية إلى هذا الحد. ومن ورائهم هذا الدعم اللامحدود من قبل الشعب.
هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ الدولة التركية، لا يمكننا أن نعتبرها مجرد مصادفات. فاليوم يتم تطبيق الفكر والوعي العثماني والسلجوقي على الجمهورية التركية من خلال أردوغان وداود أوغلو، فهم يعتمدون على الميراث السياسي القوي للدولة العثمانية من أجل هذا البناء الجديد.
سيكون من المؤسف أن ننظر إلى هذه المرحلة على أنها جزء من التاريخ السياسي التقليدي لتركيا. لأن هذه المرحلة لن تترك آثارها على السياسة التركية فحسب، بل ستكون من العوامل الهامة التي ستساهم في تغيير السياسات الراهنة في الشرق الأوسط. وستضع تركيا ثقلها في تحديد السياسات الدولية فيما يتعلق بمسائل المنطقة.
سيكتب التاريخ هذه الخيانة
من الطبيعي أن تستهدف الدول الكبرى وتحاول عرقلة مثل هذه الأهداف لتركيا بشتى الوسائل. فهذا أمر متوقع. أما إذا كانت محاولات الإعاقة من الداخل وبالتنسيق مع الخارج، فإن هذه تعتبر إهانة وخيانة للدولة التركية. والهجمات التي تتعرض لها الدولة التركية الآن ليست هجمات عادية، إنها مدبرة ومحاكة بشكل دقيق. لكن سيسجل التاريخ في صفحاته كل هذه الإهانات.
إن تركيا الجديدة الآن تبنى على أساس رئيس قوي منتخب من قبل الشعب، ورئيس وزراء قوي. ومن وراءهما دعم شعبي قوي أيضا. حيث أن أردوغان كان يردد هذه العبارة دائما وكان يقول إن تركيا الجديدة لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا برئيس قوي ورئيس وزراء قوي ومن ورائهما دعم شعبي قوي.
وهذا ما حصل بالضبط. حيث إن داود أوغلو باعتباره ابن الأناضول المعروف بعلمه وذكائه، سيكون الرجل الثاني المساهم بعد أردوغان في بناء تركيا الجديدة.
المخزون السلجوقي والعثماني
ومع استلام أحمد داود أوغلو منصبه الجديد، ستتّضح أكثر من ذي قبل، معالم الذاكرة التاريخية والوعي المشترك والهوية المشتركة للشعب التركي. وستكون المرحلة الجديدة بمثابة مرحلة التأسيس الثانية للجمهورية التركية.
سيكون استلام داود أوغلو لإدارة البلاد أملا للذين لجؤوا إلى تركيا بعد الحرب العالمية الأولى ودافعوا عنها من أجل حماية ما تبقى من ميراث الدولة العثمانية والسلجوقية. سيحل التضامن والتعاون في النمطقة بدل الصراعات والاختلافات. وسيتم التخلص من براثن الدولة القومية، حتى تتمكن تركيا من أن تكون القوة السياسية الفاعلة في المنطقة.
إن أحمد داود أوغلو هو الاسم الوحيد القادر على قراءة المرحلة الحالية بشكل صحيح. وإنّي على يقين بأن هذه القراءة ستنعكس على الوزراء الذين سيتم اختيارهم من قبل هذا الشخص.
أود أن أقول لهؤلاء الذين يتوقعون أن يحدث شرخ في كيان حزب العدالة والتنمية بعد أردوغان، إنّ حكومة العدالة والتنمية ستكون قوية كما كانت في عهد أردوغان. وسيشكل داود أوغلو حكومته على غرار الحكومات التي كان يشكلها أردوغان. فلن تكون حكومة داود أوغلو حكومة عادية، بل على العكس فإن هذه الحكومة ستكون بمثابة الحكومة المتممة لعملية بناء تركيا الجديدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس