ترك برس
من أجمل وأروع وسائل السياحة في تركيا إلى جانب المناظر الطبيعية والأماكن الأثرية، هو ركوب القطارات بشتى أنواعها من قطار خفيف والقطار السريع، فمنها ما يسير بجانب الشارع العام في خط سير خاص، ومنها على سكك حديدية خاصة بها وأخرى تحت الماء، فهي تعد بحد ذاتها متعة سياحية فائقة وجميلة جدا في تركيا، والأكثر تميزا وروعة قطار "مرمراي" الساحر فهو مشروع النقل بالسكك الحديدية في مدينة إسطنبول التركية، ويشتمل على نفق السكك الحديدية البحري تحت مضيق البوسفور، وكذلك تحديث خطوط السكك الحديدية في الضواحي الموجودة على طول بحر مرمرة من "خلقالي" على الجانب الأوروبي إلى "جبزه" على الجانب الآسيوي.
بدأ بناء هذه المشروع في عام 2004، وكان موعد الافتتاح الأولي له في نيسان/ أبريل 2009. وبعد تأخيرات متعددة ناجمة عن بعض الاكتشافات التاريخية، افتتحت المرحلة الأولى من المشروع في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2013. "مرمراي" يُعد أول نفق تؤسسه تركيا للسكك الحديدية تحت مضيق البوسفور يربط بين الضفتين الأوروبية والآسيوية لإسطنبول، استغرق العمل عليه مدة 9 أعوام، بتكلفة إجمالية تقدر بـ3 مليارات يورو. ويبلغ طوله 14 كلم، من بينها 1.4 كلم تحت الماء، وينقل القطار عبر هذا النفق الركاب من آسيا إلى أوروبا بهدف تسهيل التنقل بين القارتين بفضل قدرته على استيعاب 150 ألف مسافر في الساعة.
النفق عبارة عن قناة مزدوجة محفورة على عمق 50 مترًا تحت البوسفور، ومن المفترض أن تكون مقاومة للهزات الأرضية في هذه المنطقة التي يكثر فيها النشاط الزلزالي، لذلك صمم القطار بشكل أنيق، كما يتمتع بالقوة والمتانة، ليتمكن من الصمود أمام الزلازل الشديدة. وتختلف قطارات "مرمراي" عن باقي قطارات المترو الأخرى، بأن عرباتها ليست مقسمة، أي أن الراكب يمكنه التنقل من أول القطار إلى آخره دون حواجز.
يعتبر أول من فكر بربط القارة الآسيوية بالأوروبية هو السلطان العثماني "عبد المجيد الأول" (1823 - 1861)، لكن الأمر آنذاك كان مجرد طرح أفكار لا أكثر، حيث عمل الخليفة عبد المجيد وقتها تحقيق هذا الأمر وربط ضفتي القارتين بعضهما ببعض من خلال خطة طويلة المدى قد تستغرق 150 عامًا. فيما بعد اعتلى السلطان "عبد الحميد الثاني" عرش الخلافة وكان السلطان الرابع والثلاثين من سلاطين الدولة العثمانية، وقام بدعوة عدد كبير من المهندسين وأمرهم برسم تصاميم لمشروع ربط القارتين، لكن القدر كان أقرب إليه مما يحلم، فلم يستطع تحقيق هذا الأمر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!