إسماعيل ياشا - العرب القطرية
تركيا مقبلة على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في الأول من نوفمبر، أي بعد أقل من شهرين، وتنشغل الأحزاب السياسية التي ستخوض الانتخابات بإعداد قوائم المرشحين، إلا أن البلاد بعيدة عن الأجواء الانتخابية العادية بسبب الهجمات الإرهابية التي يشنها حزب العمال الكردستاني ضد رجال الشرطة والجيش.
تركيا شهدت خلال فترة وجيزة سلسلة من الانتخابات الهامة التي كانت المنافسة في جميعها على أشدها، وبدأت هذه السلسلة بإجراء الانتخابات المحلية في 30 مارس 2014، وتلاه إجراء الانتخابات الرئاسية في 10 أغسطس 2014، وهي كانت أول تجربة في اختيار رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة عبر صناديق الاقتراع، ومرت بها تركيا في ظل تحالف دخل فيه حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية مع جماعة كولن، في مقابل حزب العدالة والتنمية ومرشحه رجب طيب أردوغان.
الانتخابات المحلية فاز فيها حزب العدالة والتنمية وكذلك الانتخابات الرئاسية فاز فيها مرشح حزب العدالة والتنمية، وكان المتوقع أن تخرج البلاد من أجواء الانتخابات بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في 7 يونيو 2015، إلا أن نتائج الانتخابات كانت مفاجئة، ولم يتمكن حزب العدالة والتنمية الذي جاء في المرتبة الأولى من الحصول على عدد من مقاعد البرلمان يكفيه لتشكيل الحكومة وحده، وفشلت المباحثات التي أجراها حزب العدالة والتنمية مع حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية على حدة من أجل الوصول إلى تفاهم يشكل أرضية لحكومة ائتلافية يشارك فيها أحد الحزبين مع حزب العدالة والتنمية، كما أن الأحزاب الثلاثة الأخرى الممثلة في البرلمان التركي لم تنجح في التحالف لتشكيل حكومة ائتلافية تجعل حزب العدالة والتنمية في المعارضة لأول مرة منذ تأسيسه. وفي نهاية المطاف، لم يبق أمام رئيس الجمهورية خيار آخر غير الدعوة إلى إعادة الانتخابات.
دعوة أردوغان إلى إجراء انتخابات مبكرة للخروج من الأزمة السياسية وحالة عدم الاستقرار أضافت حلقة جديدة غير متوقعة لسلسلة الانتخابات التي تشهدها تركيا منذ نهاية مارس من العام الماضي، إلا أن أجواء الانتخابات لم تخيم بعد على البلاد، بسبب الأجواء الأمنية وانشغال الجميع بمكافحة حزب العمال الكردستاني وسقوط عدد من الشهداء والجرحى في الهجمات الإرهابية، بالإضافة إلى الملل الذي أصاب الناس من الانتخابات المتتالية. ويرجو المواطنون أن تنتهي الأزمة السياسية وتخرج البلاد من أجواء الانتخابات ليعود الهدوء والاستقرار والأمن والأمان.
حزب الشعوب الديمقراطي يقول إن الظروف الراهنة لا تسمح بإجراء الانتخابات، وهذا في الحقيقة تعبير عما يتمناه قادة الحزب بسبب اعتقادهم بأن حزب الشعوب الديمقراطي لا يمكن أن يحصل في الأول من نوفمبر المقبل على 13 بالمئة من أصوات الناخبين كما حصل عليها في السابع من يونيو الماضي، في ظل التدابير الأمنية التي ستتخذها الحكومة من أجل الحفاظ على سلامة إجراء الانتخابات وحمايتها من محاولات التزوير، ولإدلاء الناخبين بأصواتهم بإرادتهم الحرة دون أن يتعرضوا لأي ضغط أو تهديد.
نتائج استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع طفيف في شعبية حزب الشعوب الديمقراطي، ومن المحتمل أن يتخلى عنه في هذه الانتخابات بعض هؤلاء الناخبين الأكراد الذين صوَّتوا له أملا في أن يسهم في إنجاح عملية السلام الداخلي أو هؤلاء الناخبين الأتراك الذين صوَّتوا له نكاية بحزب العدالة والتنمية وأردوغان، بعد سقوط الشهداء من قوات الأمن في هجمات حزب العمال الكردستاني.
وهناك حزب آخر تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبيته، وهو حزب الحركة القومية الذي رفض رئيسه دولت باهتشلي جميع الخيارات المطروحة أمام الحزب للمشاركة في الحكومة. وهناك نسبة لا بأس بها من مؤيدي حزب الحركة القومية كانت تؤيد مشاركة الحزب في تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب العدالة والتنمية، ويشعر هؤلاء الآن بخيبة أمل بسبب مواقف باهتشلي وتصريحاته المتناقضة. وقد لا يصوِّت هؤلاء في هذه الانتخابات لصالح حزب الحركة القومية، الأمر الذي دفع رئيس حزب الحركة القومية للارتباك والخوف من الانتخابات المبكرة.
الانتخابات ستجرى بإذن الله في موعدها الذي حددته اللجنة العليا للانتخابات، وفقا لتصريحات المسؤولين، إلا أن هذه المرة لن تكون هناك حملات انتخابية صاخبة. ومن المتوقع أن تكتفي الأحزاب بعدد من التجمعات الانتخابية فقط في بعض المدن الرئيسية لينتظر الجميع الأول من نوفمبر المقبل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس