جلال سلمي - خاص ترك برس

صعدت القوات الصهيونية الأسبوع الماضي من وتيرة اقتحماتها للأقصى والاعتداء على المرابطين به، ورأى الكثير من المتابعين لمنطقة الشرق الأوسط بأن هذه الاعتداءت زادت وتيرتها نتيجة لاطمئنان دولة الكيان الصهيوني بأن أحدًا لن يوقفها بعد اليوم وذلك لأن المنطقة بأسرها تعاني ويلات الاقتتال والانقسام والكل مشغول بقضيته.

ولكن لم تهنأ إسرائيل بهذا الإطمنئان كما تريد إذ قد مضجعها الموقف التركي الحاد وماتبعه من مواقف مُدينة أخرى مثل موقف المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية ودول إقليمية أخرى أدانت هذه الاعتداءات السافرة واعتبرتها سيلًا من سيول "الغطرسة" الصهيونية التي لا تنتهي في الأراضي المقدسة المحتلة.

جاء الموقف التركي بصورته الحادة من خلال اعتبار رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان في أكثر من خطاب له بأن "هذه الاعتداءات لا يمكن تقبلها تركيا وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذه الاعتداءات التي يقوم بها الاحتلال المتغطرس ضد المعالم المقدسة"، كما أكد أردوغان أنه "اتصل بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد هاتفيًا وتشاورا معًا من أجل التوصل إلى خطط عملية تقف الغطرسة الصهيونية وتمنع التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك والمُخطط له من قبل الاحتلال الصهيوني".

كما أعرب الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين في مؤتمر صحافي له "عن انزعاج تركيا الشديد من هذه الهجمات"، وأوضح أن " تركيا تعتبر أن إسرائيل تلعب بالنار وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الغطرسة اليهودية"، وبين كالين خلال خطابه بأن "تركيا بدأت باتصالات دبلوماسية مُوسعة مع عدد كبير من الدول الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر والمملكة الأردنية الهاشمية لاتخاذ خطوات عملية لمنع الغطرسة اليهودية من التمادي في أفعالها التقسيمية للأقصى".

وحسب الوثائق الدولية؛ تقع المدينة المقدسة تحت حماية ملك الأردن، ولا يُسمح لأي شخص آخر من غير المسلمين بالدخول إلى المسجد الأقصى إلا في أوقات وأيام مُحددة وتُمنع منعًا باتًا ممارسة غير المسلمين العبادة بداخله، ولكن وبناءًا على الهجمات المتعددة والمتكررة يبدو أن بعض المجموعات اليهودية تسعى إلى تغيير الحالة القانونية للأقصى ليتم السماح لهم هم أيضًا بممارسة العبادة بداخله".

وعلى الصعيد الشعبي التركي كتب الكثير من الكاتبين والمحلليين السياسيين والتاريخيين والقانونيين الأتراك عن الموضوع وأبدوا جميعهم سخطهم الشديد جراء هذه الأحداث المتغطرسة والمُتحدية للعالم الإسلامي، مؤكدين على الوضع القانوني الدولي للأقصى، المذكور أعلاه، وبينوا أن إسرائيل أصبحت بحاجة ماسة لقوة رادعة توقفها عند حدها في قضية اعتدائها على الحرم الشريف والمقدسات الإسلامية في القدس، وقيّم الخبراء الأتراك الموقف التركي على أنه يحتاج إلى خطط عملية واستراتيجية سريعة ورادعة للكيان الصهيوني وإنه على الرغم من أنه الأقوى دبلوماسيًا على مستوى الشرق الأوسط إلا أنه يجب أن يكون أكبر وأوسع من الإطار الدبلوماسي.

ومن الكُتاب السياسيين الذين قيموا الوضع الحالي للمسجد الأقصى والموقف التركي منه أفق أولوطاش الذي بين في مقال له بعنوان "ماذا يحدث في الحرم الشريف؟" نُشر في جريدة صباح التركية بتاريخ 18 أيلول/ سبتمبر 2015 أن "الموقف التركي يجب أن يكون نشيطًا جدًا وذلك لأن حماية المسجد الأقصى تُعتبر أمانة من الدولة العثمانية إلى وريثتها الجمهورية التركية، ما تزال أسوار سليمان القانوني الحامية للمدينة قائمة على أصولها ويجب على تركيا الاعتبار بهذه الأسوار والعمل بجدية كبيرة من أجل حمل الأمانة العثمانية وحماية الأقصى من "دنس" الصهاينة وغطرستهم".

وأشار أولوطاش في مقالته إلى أن "الاحتلال الصهيوني سيرتدع من التحركات الدبلوماسية الحادة المشتركة بين تركيا والدول الإسلامية الأخرى وخاصة المملكة الأردنية الهاشمية التي تُعد الحامي القانوني للأقصى، وأشاد أولوطاش "بتحركات تركيا الدبلوماسية النشطة مع المملكة الأردنية الهاشمية التي يخشى الاحتلال الصهيوني من إفساد علاقته الاقتصادية والسياسية المتنوعة والمتعددة معها".

وفي نهاية مقالته أكّد أولوطاش "ضرورة اتخاذ تركيا موقفًا أكثر جرأة تجاه  الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى من خلال إعلان  الصهاينة المقتحمين للمسجد الأقصى إرهابيين مثلهم مثل داعش ولافرق بينهم وبين داعش فكلاهما يقتل الآخر ولا يحترم الإنسانية، ومنع قادتهم من دخول تركيا وملاحقتهم قانونيًا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!