إسماعيل كابان – صحيفة تركيا – ترجمة وتحرير ترك برس
دأبت إسرائيل، من خلال اعتمادها على مساندة القوى العالمية لها، على استغلال كل الوسائل والسّبل المتاحة لكي توجّه سهام غدرها لمشاعر وعواطف العالم الإسلامي. وبعد الاعتداء الاخير على المسجد الأقصى، نرى أنّ هذه الدّولة تلعب بالنار مجدّداً.
نعم، تواصل إسرائيل ارتكاب جرائمها تجاه الشّعب الفلسطيني الأعزل. فهذه الدولة لم تقم بهذه الأعمال الوحشية لأوّل مرة. حيث أنّنا نذكر كيف ارتكب رئيس وزرائهم "أرييل شارون" الذي مات بعد أن عارك المرض لسنوات طويلة، قبل خمسة عشر عاماً جرائم مماثلة بل وأفظع ممّا يقوم به نتنياهو الآن.
شارون الذي قتل آلاف الفلسطينيّين، دنّس حرم المسجد الأقصى بدخوله ساحة المسجد برفقة ما يزيد على ألفي عنصر من الشّرطة الإسرائيلية، حيث ألقى هناك خطاباً استفزازياً أثار سخط العالم الإسلامي بأسره.
كان هذا الحدث الشنيع الذي أقدم عليه شارون سبباً رئيسياً في إشعال فتيل الانتفاضة الفلسطينيّة الثانية. فهذه الدّولة منذ أن تأسّست تحاول استثمار الاضطرابات والأوضاع الإقليمية السيئة لتحقيق مخطّطاتها التوسّعية في المنطقة.
وخلال السنوات الاخيرة، حاولت الحكومة الإسرائيلية أن تستغل فرصة الاضطرابات التي حدثت وما زالت مستمرّة في البلدان العربية نتيجة ما يسمّى بالربيع العربي، الذي تحوّل إلى شتاء قارس عصف بالشّعب العربي من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبالفعل خرجت إسرائيل من بين هذه الاضطرابات دون أيّ خسارة تذكر.
ونتيجة انشغال العالم بالقضية السورية التي تحوّلت إلى أزمة عالمية، قامت دولة الإرهاب المتمثّل بالكيان الصهيوني بأعمالها الوحشيّة ضد الفلسطينيّين. وقامت كذلك بقصف كل المواقع العسكرية والجماعات المسلّحة التي من الممكن أن تشكّل خطراً مستقبلياً على وجودها في المنطقة.
وعلى الرغم من كل هذه الانتهاكات الإسرائيلية التي لم تعد تحدّها أي حدود، فإنّ المجتمع الدّولي وخاصةّ العالم العربي، لم يُبدِ أي تنديد أو استنكار، غير الشعارات والعبارات المعتادة التي أصبحت معروفة من قبل الأمة الإسلامية.
وهذا الصّمت العالمي والعربي، شجّع بطبيعة الحال هذا الكيان على الاستمرار في ممارساته الوحشية بحق هذا الشّعب الأعزل. حيث بدؤوا أخيراً بتنفيذ مخططهم القديم الذي يقضي بتقسيم المسجد الأقصى إلى قسمين وإعطاء جانب منه لليهود. وقد بدأ الكيان الصّهيوني بالحفر أسفل المسجد من أجل هدمه.
ويؤسفني أن أقول إنّ العالم الإسلامي لم يُبدِ ما هو مطلوب منه أمام الانتهاكات الإسرائيلية للأقصى المبارك. فقد اكتفى العالم الإسلامي ببعض التّصريحات السياسيّة التي لا تنفع إلّا لحفظ ماء وجه القيادات الإسلامية، وبعض المظاهرات المندّدة التي باتت لا تخيف ولا تقلق أحداً.
وكعادتها، وقفت تركيا وقفةً شجاعة أمام هذه الانتهاكات الإسرائيلية. ولعل ما قاله الرئيس رجب طيب أردوغان في هذا الصّدد سيجد صدىً في الأوساط العالميّة. حيث قال إن الاعتداء على المسجد الأقصى يعتبر اعتداءً على مكة المكرّمة وإنّ على الحكومة الإسرائيلية أن تنهي هذه الأفعال الشنيعة فوراً.
وبالتّوازي مع تصريحات الرئيس أردوغان، فقد أكّد رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى لا يمكن قبولها وأنّ تركيا ستفعل ما يلزم لإنقاذ الأقصى من دنس اليهود. حيث قال "إنّ القدس أمانة في أعناقنا من سيدنا عمر وأمانة ياووز سليم والقانوني والسلطان سليم. فلو تخلّى العالم كله عن القدس، نحن لن نتخلّى عنها. لأنّ القدس قضيّتنا وستظل إلى الأبد قضيّتنا”.
كما ندّد داوود أوغلو بمواقف المعارضة الدّاخليّة الذين يتهجّمون على الحكومة ويقولون ما لنا والمستنقع الشرق أوسطي. حيث قال في هذا الصّدد: ”لا يحق لأحد أن يقول إنّ القدس ليست قضيّتنا. لا يحق لأحد أن يقول إن علينا أن لا نتدخّل فيما يجري في الشام والعراق والقاهرة. لا يمكن لأحد أن يقول إنّ منطقة الشّرق الأوسط مستنقع علينا الابتعاد عنه قدر الإمكان”.
هذه هي الرؤية المستقبلية الصائبة. فلا يمكننا أن نصبح دولة عظمى إذا بقينا أسرى العقول التي تقول ما لنا ولليمن. وأقول للذين يفكّرون بهذه الطّريقة، انظروا إلى الدّول التي تأتي بجيوشها الجرّارة من أقاصي الأرض إلى منطقة الشّرق الاوسط لعلّكم تدركون مقاصدنا وغاياتنا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس