ولاء خضير - ترك برس

التركمان، هم أحد الشعوب التي تواجدت منذ القدم في منطقة آسيا الوسطى، وهم إحدى العرقيات، التي تمثل مع العديد من شبيهاتها، الشعوب التركية التي كانت قبائل تتنقل في مناطق آسيا الوسطى، وانتقلت منها إلى آسيا الصغرى، وغرب آسيا، وشمال أفريقيا.

وقد تم إطلاق لفظة "التركمان" كاسم عام على أغلب الشعوب التركية، التي انتقلت إلى المنطقة من آسيا الوسطى، بدءًا من السلاجقة الأتراك، والمماليك، الذين بدأ سلاطين بني أيوب في امتلاكهم، وصولًا إلى الدولة العثمانية.

ويتكلم التركمان اللغة التركمانية، ويقال إن الفرق بين التركمان والأتراك، هو فرق في الأصل، أما الاختلاف اللغوي بينهما، هو اختلاف اللهجات، وما زالت اللهجة التركمانية تحتفظ بنسبة 40% من المفردات العربية، بخلاف اللهجة التركية التي أدخلت إليها، بعد تأسيس الجمهورية التركية.

ويعد أكبر تجمعين للتركمان في بلدان المنطقة، هما في العراق وإيران، حيث تصل نسبة التركمان من سكان إيران إلى 1.5%، الأمر الذي يعني أن عددهم هناك يبلغ 750 ألف نسمة، (العديد من المصادر تؤكد أنهم يقاربون المليونين).

ويحدد نسبة التركمان في العراق بحوالي 7% من سكان العراق، وبذلك يقدر عددهم بنحو مليون ونصف المليون من العراقيين (بينما تقدر المصادر التركمانية عدد التركمان في العراق بأكثر من 2.5 مليون نسمة).

وتعد نسبة التركمان من إجمالي سكان سوريا، والأردن، وفلسطين، أقل مما سبق بكثير،إذ يقدر عدد التركمان في سوريا بـ 100 ألف نسمة، وقد لا يتجاوز عددهم في الأردن 25 ألف نسمة، وفي فلسطين يصل عددهم اليوم إلى ما يقارب 30 الف نسمة.

أصل تركمان فلسطين

ثمة رواية تعيد زمن مجيء التركمان إلى فلسطين، إلى أيام الحروب الصليبية، حيث شارك التركمان في الدفاع عن بلاد الشام أثناء تلك الحروب، وهم معروفون بفروسيتهم، وكانت مساهمتهم واضحة في استعادة مدينة القدس للسيادة الإسلامية.

حيث كان بين قادة جيوش صلاح الدين الأيوبي، قائد تركماني بارز، هو "مظفرالدين كوجك (كوكبورو)"، أحد قادة صلاح الدين، وزوج شقيقته، حيث شهد المعركة الكبرى في حطين، وقد انضم إلى جيش صلاح الدين فيما بعد، القائد التركماني "يوسف زين الدين"، وهو أمير أتابكة الموصل في شمال العراق.

ويعتبر هذين القائدين من أسباب قدوم التركمان إلى فلسطين، وكما هو طابع التركمان في كل مناطق تواجدهم، فإنهم تمكنوا من الاندماج الكلي مع محيطهم العربي الفلسطيني، وبالإمكان القول إنهم صاروا عربا من أصول تركية.

وانخرط التركمان في فلسطين، وجميعهم من المسلمين في الحياة الوطنية، ولا سيما في موضوع مواجهة مشروع الاستعمار الاستيطاني، كما أنهم شاركوا في المواجهة الفلسطينية مع الانتداب البريطاني، وتعرضوا كما تعرض غيرهم من الفلسطينين، إلى الطرد من بلادهم، واللجوء إلى الشتات.

أماكن تواجد التركمان

في البداية سكن التركمان الفلسطينيون قرية "المنسي" في لواء حيفا، في الطرف الغربي لمرج بن عامر، ثم سكنوا عكا، والساحل الفلسطيني بين عتليت والخضيرة.

وتسجل أحداث ثورة فلسطين الكبرى 1936 ـ 1939، مشاركة التركمان بالثورة.

وفي حرب 1948 اجتاحت القوات الصهيونية قرى التركمان في فلسطين، ودمرتها بعد قتال عنيف بين المهاجمين وأهالي القرى. وقد سقطت " المنسي " بعد معارك حدثت ما بين 9 و13 نيسان/ أبريل 1948، وتزامن سقوطها مع أغلب القرى المجاورة.

بعد نكبة عام  1948م هجر عدد كبير منهم إلى الجولان وبعض المناطق السورية الأخرى والأردن، ومدينة جنين؛ في أحياء وادي برقين، والألمانية، وحي سبعين، وضاحية صباح الخير، وخروبة.

بالإضافة إلى مخيم جنين وبلدات وقرى بئر الباشا، بئر السبيل، مثلث الشهداء، الزبابدة، عرابة، يعبد، رمانة.

وفي الوقت الحاضر يتركز وجود عشائر وعائلات التركمان في محافظة جنين، وقراها، حيث يزيد عددهم عن العشرة آلاف نسمة في مدينة جنين، ومخيمها فقط، ويقدر عدد التركمان اليوم بأكثر من 30 ألف نسمة، موزعين على بعض المحافظات الفلسطينية، وتحديدا جنين، ونابلس، وطولكرم، وقطاع غزة، حيث يعرفون هناك "بعشائر الشجاعية" التركمان .

"التركمان" بصورة عامة، نجحوا بأنهم تمكنوا من التأقلم والتعايش مع أبناء القوميات الأخرى في البلدان التي يعيشون فيها ، وحتى أواخر العهد العثماني، كان التركمان يحافظون على لغتهم التركية.

ولكن خلال القرن الأخير انتقلوا لاستخدام اللغة العربية، وانخرطوا كليا في المجتمع الفلسطيني،  حيث كان منهم النائب في المجلس التشريعي، ثم الوزير في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، فخري التركمان.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!