جيرين كينار - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس
لم تتوقف العمليات التركية في جنوب البلاد حتى مع زيارة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان إلى بروكسل واستقباله من قبل ملك بلجيكا، كما قامت تركيا بتوجيه تحذير شديد اللهجة إلى روسيا بعد اختراق طائرة روسية لأجوائها، ومع أنها لم تطبق نفس السياسة المتبعة مع اختراق الطائرات السورية للأجواء التركية، إلا أنّ وزير الخارجية وجه تحذيرا لروسيا لعدم تكرار هذا الحدث.
أرجعت روسيا بدورها سبب اختراق الطائرة للأجواء التركية إلى أنه كان نتيجة خطأ فني في نظام الملاحة، وفي مقابل التحذير شديد اللهجة الذي أرسلته تركيا، أكدت موسكو على "قوة علاقتها بأنقرة، وأنّ مثل هذا الحدث غير المقصود لن يؤثر على العلاقات".
وبعد ذلك توالت التصريحات من مختلف دول حلف الناتو، وقد أوضح وزير الدفاع الأمريكي بأنّ أمريكا على تواصل دائم مع تركيا فيما يتعلق بموضوع اختراق روسيا للأجواء التركية، لكن الرد الأمريكي لم يتوقف على هذا، وإنما أعرب أحد المسؤولين الأمريكيين لإحدى وسائل الإعلام بأنّه "لا يعتقد أنّ هذا الحدث مجرد حادث عرضي"، مرسلا بذلك رسالة مبطنة إلى روسيا.
وقد نشر سفير بريطانيا في أنقرة "ريتشارد مور" تعليقاته حول الحادثة من خلال حسابه في تويتر، حيث كتب "اختراق الطائرة الروسية للأجواء التركية هو عمل متهور ويشعرنا بالقلق، المملكة المتحدة ودول حلف الناتو الأخرى تقف إلى جانب تركيا".
استهداف روسيا للقوات التابعة للحلف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، واستهدافها للمدنيين في سوريا، ساعد في جلوس العديد من الدول على طاولة واحدة، فروسيا رأت بأنّ أمريكا لن تستطيع التدخل في سوريا، ولذلك قررت أخذ دور أكثر جدية وأهمية، لتحجز لنفسها مكانا جيدا وقويا في المنطقة.
الدول المتحالفة مع أمريكا باستثناء ألمانيا غير راضين عن هذا الوضع، فسياسة فرنسا تجاه سوريا قريبة من سياسة تركيا، ويستمر رئيس وزراء بريطانيا كاميرون بانتقاده الشديد للأسد، إلا أنّ التدخل الروسي المفاجئ في سوريا أخرج القضية السورية من كونها مشكلة شرق أوسطية، لتشكل أزمة حقيقية لحلف الناتو.
أكد أوباما في تصريحاته الأولية على التدخل الروسي في سوريا، أكد على إعطائه الأولوية لمصادر القلق التركي إزاء هذا التدخل، وأشار إلى أنّ أمريكا تدرس مع تركيا مسألة تأمين حدودها، وهذا الأمر يدفع إلى ما طلبته تركيا من فترة طويلة وهو تأسيس منطقة آمنة، ومع أنّ أمريكا لم تكن واضحة فيما إذا كانت أعطت الضوء الأخضر لمثل هذا الطلب أم لا، إلا أنّ دراستها لهذا الأمر الذي تجنبت ذكره طيلة الفترة الطويلة الماضية، هو أمرٌ هام ويحمل دلالات عديدة.
تتغير بعض الأمور في جبهة الغرب، وأصبحت تركيا عنصر توازن بين الرأي العام الغربي وعداوته لروسيا، وبذلك تزداد أهمية وتأثير تركيا في المشهد الحالي. لكن ماذا بخصوص الجبهة الجنوبية؟ وكيف ستكون ردود فعل قطر والسعودية على توجيه روسيا ضربات للمعارضة المدعومة من قبل البلدين؟
إجابة معظم المراقبين على هذا السؤال مشتركة: سيزيدون من دعم المعارضة.
أصبحت تركيا اليوم حليفا استراتيجيا لحلف الناتو، خصوصا بعد وصول أزمة اللاجئين إلى الغرب وتأثيره على الرأي العام الغربي، وبعد التدخل الروسي في سوريا ايضا، وهنا نتساءل كيف سيكون تصرف تركيا بعد كل هذه الأحداث؟
الإجابة واضحة في الحقيقة، تركيا لن تسير وفق ما تريده روسيا ولا أمريكا، وإنما ستستمر في تنفيذ سياستها بما يحقق مصالحها، وتحقيق احتياجاتها الأمنية، وستتصرف بما يخدم مصلحتها الوطنية والقومية، لكن الفرق هو أنها ستستمر في هذا الطريق بدعم أكبر مما كان عليه قبل المناورة الروسية في سوريا.
روسيا اليوم، ربما كانت مضطرة، إلا أنها ذكرت الغرب بحلفائه في المنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس