جلال سلمي - خاص ترك برس
كما هو معلوم تُصنف الدخول حول العالم ما بين دخول متدنية ومتوسطة ومرتفعة، وحسب علماء الاقتصاد تُصنف هذه الرواتب بهذا الشكل حسب حجم التطور والتنمية والنمو وحجم الخبرة والمعرفة و التكنولوجيا لدى العاملين وحجم التقدم التكنولوجي الخاص بالدولة.
ويرى العلماء بأنه في حال كانت هذه العناصر مُجتمعة لدى دولة ما فإن إمكانية ارتفاع حجم الرواتب والدخول الفردية لها محتمل وممكن، وإذا كان العكس صحيح فإن الدولة ومواطنيها سيكونون عرضة "لفخ الدخل المنخفض أو المتوسط" والذي ينص بشكل خاص على أنه في حال انعدام التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالدولة وانعدام التنمية البشرية الخاصة بالعاملين والتي تزيد من حجم خبرتهم ومعرفتهم وتطورهم وتقدمهم التكنولوجي فإن الدولة ومواطنيها سيكونون عُرضة للبقاء تحت خط الرواتب المتدنية والمتوسطة وذلك لانعدام خبرتهم وتطورهم التكنولوجي الذي يزيد من حجم أجرتهم وقيمتهم الاقتصادية.
وبما يخص تركيا ووضعها الاقتصادي والتنموي يرى الكثير من الخبراء بأن تركيا الآن تحاول قطع خطوات بارزة في مجال التقدم الاقتصادي والتكنولوجي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن لتركيا أن يصل بها الحال إلى أن تصبح بلد لها مكان في تصنيف الدول عالية الدخل؟
يُجيب على هذا السؤال الباحث الاقتصادي أردال تاناس كاراغول من خلال مقال تحليلي له بعنوان "هل يمكن أن تصبح تركيا أحد الدول مُرتفعة الدخل؟ نُشر بتاريخ 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 في جريدة يني شفق، ويُشير كاراغول في مقدمة مقاله بأن "تركيا أصبحت الآن في فئة الدولة عالية الدخل المُتوسط وهدفها التنموي والاقتصادي الحالي هو الوصول إلى فئة الدول العشرة عالية الدخل حول العالم" وحسب كاراغول؛ فإن هناك بعض المؤشرات الاقتصادية التي تجعل من الدخول الفردية ذات معيار مُرتفع مثل؛ انخفاض مستوى الأخطار الاقتصادية والسياسية، ارتفاع حجم القروض، ارتفاع حجم الاستثمار الخارجي في البلاد، ارتفاع حجم المعرفة المعلوماتية والتكنولوجية لدى العاملين وغيرها الكثير من المؤشرات.
ويُوضح كاراغول بأن "البنك الدولي يستخدم معياري الدخل الشهري والقوة الشرائية أثناء تصنيفه للدول حسب دخول أفرادها، وحسب المعلومات الصادرة عن البنك الدولي والخاصة بعام 2014 فإن 1045 دولار وما هو أقل منه يُعتبر دخلًا متدنيًا بينما ما بين 1046 إلى 12736 دولار يُعتبر دخلًا متوسطًا. وبما يخص الدخول المتوسطة فإنها تنقسم إلى مجموعتين: مجموعة الدخول المتوسطة المتدنية وتحدد بـ1046 إلى 4125 دولار، ومجموعة الدخول المتوسطة العليا وتُحدد ب 4126 إلى 12736 دولار، وفي النهاية فإن الدخول التي تفوق 12736 هي دخول مُرتفعة".
ويبين كاراغول بأنه وحسب هذه المعايير فإن "تركيا منذ عام 2002 وحتى عام 2014 استطاعت تحقيق نسبة نجاح ملحوظة في مجال الدخول، وذلك لأن تركيا التي كان يُقدر متوسط الدخل الفردي بها عام 2002 ب 3500 دولار وصل بحلول عام 2014 إلى 10840 دولار وبذلك استطاعت تركيا منذ عام 2002 وحتى عام 2014 الخروج من فئة الدول منخفضة الدخل المتوسط إلى فئة الدول مرتفعة الدخل المتوسط".
وحسب إحصاءات وتقارير البنك الدولي الخاصة بتركيا فإن "تركيا تمكنت من تحقيق هذا النجاح في الفترة ما بين عام 2002 وعام 2008 حيث ارتفع مستوى التقدم التكنولوجي الصناعي في تركيا وازداد حجم الاستثمارات الأجنبية بها ودخول العملة الصناعية إليها وانخفاض حجم المخاطر الاقتصادية الداخلية والخارجية المُحيطة باقتصادها واستمرت تركيا في تحسين أدائها الخاص بالدخول الفردية، ولكن بعد عام 2008 طرأ على هذا التحسن بعض البطء".
ويفيد كاراغول بأن "السبب الأساسي الذي يقف خلف عدم تؤثر تركيا بالأزمة الاقتصادية التي أصابت العالم عام 2008 والتي تعتبر بمثابة المخاطر الاقتصادية الخارجية هو نجاح الجهاز الإدراي للنظام الاقتصادي بتركيا الذي أدار الاقتصاد التركي بنجاعة وحصّنه من احتمالات المخاطر وزوده بالمضادات التي يمكن اتخاذها من أجل تفادي هذه المخاطر".
ويعلق كاراغول على البطئ الذي شهدته تركيا في مجال تحسين الأداء الخاص بالدخول الفردية بعد 2008 بالقول بأن "هذا التحسن شهد بعض البطئ نتيجة لانشغال تركيا بمحاولة الاستمرار بالابتعاد عن الآثار السلبية لأزمة 2008 الأمر الذي خفض من حجم التبادل التجاري والتمويلي بين تركيا وغيرها من الدول وحجم الاستثمار الأجنبي في تركيا الأمر الذي عاد بالتأثير السلبي الطفيف على إجراءات رفع الدخول الفردية".
في نهاية المقال يؤكد كاراغول أن "بإمكان تركيا دخول فئة الدول مرتفعة الدخل من خلال الاستقرار السياسي والاستمرار في رفع حجم التبادل التجاري والتمويلي بين تركيا وغيرها من الدول بشكل ضخم لا سيما بعد تعافي العديد من الدول حول العالم من الأزمات الاقتصادية والاستمرار في دعم الاستثمار الأجنبي في تركيا وزيادة المؤهلات المعرفية للعاملين وما يؤكد إمكانية دخولها لتلك الفئة هو حجم النجاح الذي حققته منذ عام 2002 إلى عام 2014 حيث نجحت الوصول إلى فئة الدول عالية الأجور المتوسطة ولم يبقى عليها إلا القليل للدخول إلى فئة الدول مُرتفعة الأجور في متوسط الدخل الفردي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!