فؤاد كايمان* - صحيفة راديكال - ترجمة وتحرير ترك برس

في هذه الأيام يعتزم حزب الشعب الجمهوري اتخاذ قرارات حاسمة فيما يخص مستقبله. فمن المستحيل أن يكون بديلا لحزب العدالة والتنمية أو أن يستطيع المساهمة في بناء تركيا الحديثة في ظل سيطرة فئتين مختلفتين أيديولوجيا على قيادة هذا الحزب. فالقيادة الآن مفككة ولا تملك برنامجا سياسيا واضحا.

في الخامس والسادس من هذا الشهر، يعقد حزب الشعب الجمهوري مؤتمره الاستثنائي الثامن عشر. وسينافس "محرم إينجه" في هذا المؤتمر الرئيس الحالي للحزب "كمال كلتشدار أوغلو" على مقعد الرئاسة.

أتساءل هنا. هل كان انعقاد هذا المؤتمر ضروريا؟

الجواب بالطبع لا.

سيعمل الرئيس الحالي للحزب كمال كلتشدار أوغلو على تعزيز موقعه في قيادة الحزب. أما الذين طالبوا بانعقاد هذا المؤتمر، فستتم تصفيتهم واحدا تلو الآخر خلال الانتخابات القادمة. وستتم دعوة أسماء المقربين من اليمين المحافظ القريبين من كلتشدار أوغلو إلى الحزب.

لا بد أن يستمر الصراع على السلطة بعد انعقاد هذا المؤتمر داخل حزب الشعب الجمهوري. ومع استمرار ضعف المعارضة، ستكون الفرصة سانحة لحزب العدالة والتنمية لكي يحقق نجاحا أكبر في الانتخابات النيابية التي ستجري العام القادم.

أودّ أن أطرح سؤالا آخر. هل يحتاج حزب الشعب الجمهوري إلى مؤتمر استثنائي (طبعا ليس مثل هذا المؤتمر الذي سينعقد خلال أيام) يغير المنهج السياسي للحزب من جذوره.

الجواب نعم بالطبع فإن حزب الشعب الجمهوري بحاجة إلى مثل هذا المؤتمر. قد يتسائل البعض لماذا؟

لو نظرنا إلى النسيج الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية التركية، وكذلك بنية الدولة وسياستها الخارجية، واقتصاد تركيا وثقافتها. لرأينا الحقيقة التي تقول إن مستقبل حزب الشعب الجمهوري بات في خطر ويسير نحو المجهول في ظل التطور الحاصل باسم "تركيا الجديدة". وذلك مثلما قال رئيس تحرير صحيفة حرييت "سادات أرغين" في تحليله لنتائج الانتخابات أن أجراس الخطر بدأت تدق من أجل حزب الشعب الجمهوري.

يعتزم حزب الشعب الجمهوري في هذه الأيام اتخاذ قرارات حاسمة فيما يخص مستقبله. فمن المستحيل أن يكون بديلا لحزب العدالة والتنمية أو أن يستطيع المساهمة في بناء تركيا الحديثة في ظل سيطرة فئتين مختلفتين أيديولوجيا على قيادة هذا الحزب. فالقيادة الآن مفككة ولا تملك برنامجا سياسيا واضحا.

إضافة إلى ذلك، إذا لم يتمكن حزب الشعب الجمهوري من اتخاذ القرارات الصحيحة التي تساعد الحزب على التماشي مع هذا النسيج الاجتماعي الجديد، فإن حزب العدالة والتنمية سيظل مسيطرا على الساحة السياسية التركية. ومع ازدياد قوة كل من حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطية، سيظل حزب الشعب الجمهوري الحلقة الأضعف بين الأحزاب المتنافسة.

يجب أن يتخذ حزب الشعب الجمهوري قرارات هامة من أجل مستقبله. وإن استطاع أن يتخذ هذه القرارات في هذا المؤتمر، فسيكون مؤتمراً ناجحا.

هنا لا بد من سؤال يطرح نفسه. ما هي هذه القرارات الهامة؟

1- الهوية: قد يكون حزب الشعب الجمهوري قوميا، وقد يكون مركزاً لليساريين، كما يمكنه أن يكون حزبا ديمقراطيا اجتماعيا. فيجب تحديد الهوية السياسية لهذا الحزب.

2- الحالة الاجتماعية: أصبحت تركيا الجديدة من خلال بنية الدولة وأحزابها السياسية وتعاظم طبقتها الوسطى والعلاقة الوطيدة بين محيطها ومركزها ومن خلال نهضتها السريعة وتمدنها تنافس الدول الكبرى في العالم. ومع كل هذا التطور تزداد قوة حزب العدالة والتنمية، ويحاول كل من حزب الشعوب الديمقراطية وحزب الحركة القومية التماشي مع هذا التطور. أما حزب الشعب الجمهوري فلا زال يعاني من الغموض في سياسته والاستمرار في الانغلاق.

3- المصالحة الوطنية: لا تزال عملية المصالحة الوطنية مستمرة. والأحزاب التي تحقق تقدما في الانتخابات هي التي تؤيد استمرار هذه العملية. فعلى حزب الشعب الجمهوري أن يتخذ موقفا سياسيا واضحا حيال هذه العملية التي تعتبر إحدى أهم الركائز في المرحلة القادمة.

4- الاقتصاد ومشكلة دخل الفرد: تسبب مسألة دخل الفرد في تركيا مشاكل لحزب العدالة والتنمية. فما هي خطط حزب الشعب الجمهوري فيما يخص تطوير الاقتصاد التركي. وما هو برنامج هذا الحزب بخصوص رفع معدل دخل الفرد الذي تجمد عند 10 آلاف دولار سنويا.

5- الاستقطاب: أصبحت الهوية السياسية مهمة في تركيا الجديدة، وبدأت الثقة تتضاءل بين الهويات السياسية المختلفة، مما أدى إلى نشوء استقطابات بين الأحزاب والمواطنين على حد سواء. وبالطبع، يعود هذا الاستقطاب بالنفع على حزب العدالة والتنمية، بينما يعود بالضرر على حزب الشعب الجمهوري. فعلى هذا الحزب أن يعمل لإيجاد حلول لمشكلة الاستقطاب السياسي.

6- الديمقراطية، الوجدان، العدالة، والمساواة بين المواطنين: ماذا سيقدم حزب الشعب الجمهوري من خطط وبرامج حيال هذه الأمور.

أخيرا لا يسعني إلا أن أتمنى أن يخرج هذا المؤتمر بنتائج إيجابية.


* فؤاد كايمان هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة صابانجي ورئيس مركز سياسات إسطنبول

عن الكاتب

فؤاد كايمان

أستاذ العلوم السياسية في جامعة صابانجي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس