جلال سلمي - خاص ترك برس

بعد انقضاء أي حدث سياسي في أي دولة حول العالم يحاول الخبراء والباحثون السياسية جاهدين تمخيض جميع الأسباب والعوامل والمُقومات والعناصر والنتائج الخاص بذلك الحدث من أجل توضيحه وتفاصيليه وجعل استيعابه وفهمه يسير وسلسل من قبل المواطن المهتم بالسياسة والتطورات السياسية.

ومن الحوادث السياسية الأكثر غرابة في الفترة الأخيرة؛ استرجاع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة، انتخابات 1 نوفمبر، لتسع نقاط من أصواته التي فقدها في انتخابات 7 حزيران/ يونيو، يُعتبر هذا الحدث فريد من نوعه ولا مثيل له في أي دولة تحظى بتجربة ديمقراطية مثل تركيا، وتكمن فرادة هذا الحدث في أن حزب العدالة والتنمية استطاع استرجاع نسبة أصواته التي خسرها في فترة زمنية لم تبلغ الخمس شهور؛ فما هي الأسباب التي جعلت حزب العدالة والتنمية قادر على استرجاع هذه النسبة من أصواته بعد خسارته لها؟

تطرق الكثير من الخبراء والباحثين السياسيين إلى هذه القضية ولكن يمكن إجمال أهم هذا التحليلات وأقربها إلى الواقع والتطلع السياسي بالشكل التالي:

يتطرق إلى هذا الأمر بشكل تفصيلي الباحث السياسي التركي محمد تازكان في مقال سياسي له بعنوان "الأسباب الستة  الأساسية في رفع أصوات حزب العدالة والتنمية" نُشرت بتاريخ 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في جريدة ملييت التركية، ويرى تازكان بأن الأسباب الرئيسة في جعل حزب العدالة والتنمية يفوز في الانتخابات الأخيرة هي كالتالي:

1ـ اتضاح عدم قدرة المعارضة على التوافق وتأسيس حكومة ائتلافية.

2ـ اعتقاد الجميع بعدم إمكانية تأسيس حكومة لا تحتوي على حزب العدالة والتنمية.

3ـ القلق من وقوع تركيا في فوضى عارمة خاصة بعد تصعيد الإرهاب لعملياته.

4ـ تصريح داود أوغلو بأن استخرج الدرس من انتخابات 7 يونيو وبأنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لتجنب الأخطاء السابقة.

5 ـ إجراء الحملة الانتخابية بالاعتماد الكامل على الوعود الاقتصادية الشاملة لجميع الفئات.

6 ـ إثبات حزب العدالة والتنمية نفسه سابقا ً بأنه حزب الاستقرار والحرية في تركيا.

ويُضيف تازكان بأن هناك أسبابًا فرعية أو غير مباشرة خاصة بالأحزاب المعارضة الأخرى ولكن صبت في مصلحة فوز حزب العدالة والتنمية ويمكن تسطير هذه الأسباب بتقييم حالة كل حزب معارض على حدا، ويرى تازكان بأن الأسباب التي جعلت بعض أصوات حزب الشعب الجمهوري تتجه لصالح حزب العدالة والتنمية هي:

1ـ وجود مشكلة ثقة بين الناخب وحزب الشعب الجمهوري لا سيما بعد فشل الأخير في تقييم فرصة تأسيس حكومة ائتلافية.

2ـ لم يستطع حزب الشعب الجمهوري التخلص من صيت "حزب المُلحدين"، "الحزب المُعادي للدين" وهذا مايؤثر عليه في كل دورة انتخابية.

3 ـ اتضاح رؤية عدم تمكن الأحزاب السياسية في تركيا من تأسيس حكومة ائتلافية.

أما الأسباب الفرعية الخاصة بحزب الحركة القومية، الذي خسر 5 نقاط في الانتخابات الأخيرة، هذه الأسباب التي زادت من نصيب حزب العدالة والتنمية وجعلت كم كبير من أنصار حزب الحركة القومية يذهبون إلى انتخاب حزب العدالة والتنمية، ويمكن ذكر بعض هذه الأسباب بالشكل التالي:

1ـ إغلاق بهجلي الباب بشدة أمام حزب العدالة والتنمية ووضع شروط تعجيزية أمامه وكما أغلق الباب أمام اقتراحات حزب الشعب الجمهوري الذي اقترح عليه بأن يصبح رئيس الوزراء ورد عليه بإهانة واصفًا هذا الاقتراح "بالرشوة".

2ـ رفض باهجالي لعرض حكومة الأقلية أيضا ً وحكومة الانتخابات الدستورية جعل الكثير من أنصار حزبه ينفرون منه وينتقدونه على موقفه الرافض للحصول على مقعد فعال في حكم البلاد ورفضه المشاركة في حكومة الانتخابات التي ينص الدستور على مشاركة جميع الأحزاب السياسية بها، بعد هذا الموقف الخاص بهجلي أصبح ناخبه يفكر "إن لم يكن لباهجالي هدف للمشاركة الفعالة في الانتخابات المقبلة فما هو هدفه من العملية السياسية؟"، وأصبحت هناك حالة غموض ضبابية وغضب شديدة من قبل الكثيرين من ناخبي حزب الحركة القومية على باهجالي وسياسيته الغامضة.

أوفي نهاية المطاف حزب الشعوب الديمقراطي الذي خسر نقطتين في الانتخابات الأخيرة، أسباب تراجع أصوات حزب الشعوب الديمقراطي وانتقالها إلى حزب العدالة والتنمية يمكن سردها بالاختصار بالشكل التالي:

1ـ إصابة حزب العمال الكردستاني بالغيرة والغيظة بسبب حصول حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة عالية في الانتخابات الأخيرة، هذه الغيرة كان سببها خوف حزب العمال الكردستاني من اعتماد المواطنين الأكراد على القناة السياسية وحجب الثقة عنه.

2ـ فتح حزب العمال الكردستاني لحرب دون أي مُقومات مسبقة تتدعي ذلك وتناحر قيادات حزبي العمال الكردستاني والشعوب الديمقراطي جعل المواطن الكردي يقتنع بعدم قوة حزب الشعوب الديمقراطي في الساحة السياسية وأنه لا يستطيع التحرك مُفصلًا عن تعليمات حزب العمال الكردستاني الداعم الأول والأهم له، لهذا اتجه قسم كبير من الناخبين الأكراد نحو حزب العدالة والتنمية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!