بريل ديدي أوغلو - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
ماذا كان سيحدث لو هوجم أفراد الشرطة والعساكر، لو حُفِرت الخنادق وقُطِعت الطرق، لو لم نعش في حالة نفير متواصلة، لو لم يحدث كل هذا كيف كنا سنحيا وما الذي كان سيحدث!
بداية، كان بإمكان قسم مهم وكبير من الشعب الذي يعيش في تلك المناطق التي لا يخلو فيها صباح من أصوات الرصاص والبنادق أن يأخذوا نفسًا عميقًا وبراحة، وكان بالإمكان إعادة تصليح الشوارع والطرق، وكان بإمكان الناس أن يسيروا آمنين في الأزقة والطرقات، وكان بإمكان الأطفال أن يذهبوا إلى مدارسهم في الصباح؛ ولعدم وجود الإرهاب كانت ستقل نسبة الهجرة إلى المناطق الأكثر أمانًا، وبدلًا من الدبابات والمجنزرات كانت ستتجول عربات الخضروات وبائعوا الغاز المتجولين.
كان بإمكان الشباب أن يعيشوا حياتهم المفقودة، وكان بإمكاننا أن نسمع المناقشات السياسية والجدل الشعبي عن الارتقاء بقيمة الإنسان بدل الحديث عن الموت، وبدلًا من أن يتم توظيف الشباب بعد تصنيفهم "من أولئك أو من هؤلاء"، وكنا سنرى مثل بقية دول العالم الراقي توظيف الأكثر كفاءة وأكثر فائدة.
لو كان الحال كذلك، لانخفض مستوى التوتر في السياسة وبين السياسيين، ولو أخرجنا الإرهاب من مركز السياسة لرأينا عناوين عريضة عن مناقشة حقوق الإنسان، والمساواة، والعدالة، والتنمية والحريات بدلًا من مناقشة "المسألة الكردية". لو لم يكن هناك إرهاب، لكان بالإمكان إعادة صياغة الدستور بشكل جديد ديمقراطي ولكان بالإمكان إعادة ترتيب أوراق الدولة.
لرأينا اختلافًا في طبيعة العلاقات في المنطقة.
لو لم تكن مسألة الإرهاب على الطاولة، لاتخذت العلاقات التركية الخارجية شكل جديدا. وعلى سبيل المثال، كان بإمكان القتال ضد داعش أن يكون أكثر حزمًا وتأثيرًا، ولكان بالإمكان التغلب على عقبة دعم روسيا لإرهاب نظام الأسد والحيلولة دون تدخلها في المنطقة.
ولكان بإمكان تركيا أن تطور علاقات أكثر قوة مع الأكراد في المنطقة، ولكان بالإمكان عقد الأحلاف مع التركمان أو غيرهم من الجماعات ومساعدة هذه الفئات التي حُشرت بين إرهاب داعش من جهة وإرهاب نظام الأسد من جهة أخرى.
لو لم يكن هناك إرهاب، لكان بإمكان تركيا أن تنشىء منطقة آمنة على حدودها بدلا من نشر الأسلاك الشائكة على الحدود لنكون دولة يُشار لها بالبنان، وهدفا تسعى للوصول له كل الشعوب المقهورة التي تعيش تحت الأنظمة الاستبدادية. ولكان بالإمكان الحيلولة دون تدخل إيران التي تدعم الأسد ليستمر في إرهابه ولا تتوانى عن إثارة الفساد بين الدول للحصول على أهدافها.
وما كانت قوة إيران ستتوسع بمثل هذه الدرجة، وما كانت المنطقة ستتحول لمرتع لمنظمات المخابرات الأجنبية ولا مستقرًا للمنظمات التي تدعمها السعودية، ولم يكن الشعب المسحوق بين هذه القوى ليضطر إلى إلقاء نفسه في مياه بحر إيجه الباردة هربا إلى بر الأمان.
لو لم يكن في تركيا إرهاب، لما استطاعت داعش أن تصل إلى هذه القوة ولما تحول شرق البحر المتوسط لمخزن للأسلحة ولما اضطرت الدول إلى رفع السلاح بوجه بعضها بعضا.
العلاقات على مستوى العالم كانت ستختلف.
لو لم تضطر تركيا إلى محاربة الإرهاب في أراضيها، لكان بالإمكان بناء العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بناءا على قاعدة أقتصادية بدلا من بنائها على قاعدة وأساسات "الأمن" ولكان بالإمكان مناقشة فعاليات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا. ولما شهدنا استثناء الدول لبعضها البعض أثناء توجيه الدعوات لمناقشة الملف السوري. وبدلا من مناقشة العلاقات الثنائية "بداية" لبدأنا مناقشة الاستقرار.
لولا قضية الإرهاب، لكانت العلاقات التركية الأوروبية قد أصبحت أكثر اعتيادية ومنذ زمن، وبدل من افتتاح المناقشات بملف اللاجئين السوريين كنا سنرى مناقشات في آخر التطورات على صعيد حقوق الإنسان والحريات.
هل كان سيتحقق كل هذا؟ لا أحد يعلم. لكن بالنظر إلى النقطة الحالية والوضع الراهن نرى وبوضوح أن الإرهاب والحركات الثورية لم تقدم أي فائدة تذكر في سبيل هذه الأهداف ولم تدعم أي طريق أو أحد جعل من هذه الأمور هدفا له.
لو تساءلنا من أكثر المستفيدين من الوضع الراهن ومن وجود الإرهاب؟
عندما تتعرض تركيا للمآزق والأضرار لا يمكن الحديث عن أي فائدة للشعب المقهور في سوريا والعراق لكن بطبيعة الحال سيعم الفرح والراحة نظام الأسد وإيران وبالخصوص روسيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس