ترك برس
ما إن حدثت واقعة إسقاط الطائرة الروسية المُخترقة للأجواء الروسية حتى دُقت طبول الحرب الإعلامية والاقتصادية بين تركيا وروسيا، وتُصنف الحروب الإعلامية والاقتصادية حسب المختصين في المجال السياسي، ضمن الدبلوماسية العامة الناعمة، وتُدعى دبلوماسية عامة لأنها تُمارس من قبل الجهات الحكومية، أما وصفها بالناعمة فمرده إلى استخدام الأساليب "غير العسكرية".
ويُعرف الخبير في مجال الدبلوماسية العامة "محمد إيكشي" الدبلوماسية العامة على أنها عبارة عن أحد أنواع السياسات التي تم تطويرها من قبل الخبراء والمستشارين السياسيين لكسب دعم الآراء العامة الأجنبية، وتمارس من خلال عدة أساليب أهمها وسائل الإعلام المتنوعة.
واعتمادًا على تعريف إيكشي فإن الدبلوماسية العامة وخاصة الإعلامية هي عبارة عن سياسة يمكن ممارستها 24 ساعة وعلى مدار 7 ساعات، لأنها ليس كتلك السياسات العسكرية أو الدبلوماسية المباشرة التي تحتاج إلى تخطيط عميق وزمن ومكان مناسبين لممارستها، ومع تطور وسائل الإعلام وتنوعها تتنوع الدبلوماسية العامة وتكتسب نشاط وحدة أكبر.
ويشير إيكشي، في مقاله "الحرب الإعلامية في عصرنا الحالي" الذي نشر على الموقع الإلكتروني للجزيرة ترك، إلى أن "الحرب الإعلامية أصبحت أولى وسائل المبارزة بين أي دولتين تواجهان توتر أو أزمة فيما بينهما، وكان ذلك الأمر جليا ً عقب إسقاط الطائرة الروسية وما نتج عنها من أزمة بين روسيا وتركيا".
ويتابع إيكشي مبينًا أن "وسائل الإعلام الروسية كانت أسرع إلى استخدام الدبلوماسية العامة ضد تركيا، إذ على الفور اتهمت تركيا بدعمها لداعش وتمويل المنظمات الإرهابية حول العالم، واتهمتها بالتربص للقوات الروسية لاستهدافها واستدعاء الناتو إلى المنطقة وإشعال فتيل الحرب بين الناتو وروسيا".
ويوضح إيكشي أنه "على الرغم من أن الادعاءات الإعلامية الروسية كلها "مُفندة وعارية عن الصحة" إلا أنه من المؤكد أن تأثيرها وصل إلى مساحات واسعة من الرأي العام في العالم، لدرجة أن بعض المواطنين الأتراك "المعارضين ايدولوجيًا" للحكومة باشروا انتقاد الحكومة على دعمها لداعش، وكأن هذه الادعاءات حقيقية وبينة".
وعلى صعيد آخر، يلمح إيكشي بأن "تركيا قيادةً وشعبًا تريثت في تصعيد التوتر مع الجانب الروسي، وحاولت الحكومة بقدر المستطاع تجنب التصعيد السلبي مع روسيا، وهذا ما نتج عنه تمهل وسائل الإعلام التركية في الانطلاق نحو ممارسة سياستها دبلوماسية المستهدفة للجرائم والعربدة الروسية "الواضحة" والتي لا تحتاج إلى افتعال الوقائع، مثل ما فعلت وسائل الإعلام الروسية ضد تركيا".
وفي سياق متصل، يكشف الخبير في مجال الإعلام السياسي "دوغان تشاتين كايا"، في مقاله "هجمات روسيا الإعلامية التعسفية"، أن "تركيا اليوم تمتع بالعديد من المؤهلات التي تجعلها تمارس حربًا إعلامية قوية وشديدة ضد روسيا، إذ أن موقفها من ثورات العدالة كان مشرفًا وداعمًا، ويدها لم تلطخ بدماء الأطفال الأبرياء والمدنيين العزل كما فعلت روسيا ولطخت يدها بدماء السوريين الأبرياء فقط لحساب مصالحها القومية، كما تملك تركيا ورقة رابحة في تدريب بعض عناصر قوات المعارضة "المعتدلين" والذين تم اختيارهم بالتوافق مع قوات التحالف الدولي، الأمر الذي يزيد من مصداقيتها في دعم قوات المعارضة المعتدلة، وليس دعمها لداعش كما تزعم روسيا التي تجاوزت حدها في قذف تركيا بالاتهامات الباطلة".
ويردف تشاتين كايا بالقول إن "تركيا تملك العديد من الأوراق الرابحة التي يمكن أن تستعملها في حربها الإعلامية ضد روسيا، لذا وقبل فوات الأوان يجب على وسائل الإعلام التركية المقروءة والمسموعة والمرئية ووسائل الإعلام الجديد من فيس بوك وتويتر وغيرها من وسائل الإعلام المتاحة، مواجهة الهجمات الإعلامية الروسية الزائفة".
هذا ولوحظ بعد اندلاع الأزمة بين تركيا وروسيا على خلفية إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية، أن رد وسائل الإعلام التركية، كان متماشيًا مع الحكومة التركية، ولكن بعد تصعيد روسيا في هجماتها الإعلامية، ردت وسائل الإعلام التركية من خلال نشر "الفظائع" التي ترتكبها روسيا بحق الأطفال والمدنيين في سوريا وتوجيه نظر المواطن التركي والمواطنين الأجانب إلى روسيا إلى الأخطاء الميدانية العديدة التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها روسيا في سوريا وأوكرانيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!