بيرات أوزبيك - صحيفة يني يوزييل - ترجمة وتحرير ترك برس

سياسات تركيا الخارجية لا تضايق بعض الأطراف الداخلية فحسب، بل يوجد هنالك أطراف عالمية تتضايق منها. فحتى إيران الإسلامية التي تدعي محاربة الإمبريالية تتضايق من تركيا، فبسبب مفهومها السياسي الجديد المبني على الواقعية اضطروا إلى التخلص من الأخلاق السياسية التي لا مكان لها في فلسفتهم العالمية. أما الأسد فرغم موافقته لأجندات عالمية إلا أن وجوده لا يقتصر على تهديد عالمي بل يعد مغذيًا أساسيًا له. وأما روسيا فمهما تعاظم تهديدها فهي ستبقى تحت السيطرة ما دامت تخشى على نفسها.

من مبدأ "أتصرف حسب مصالحي" فإن أيدي النظام السوري الموغلة في الدماء لن تكون مصدر قلق حقيقي للولايات المتحدة الأمريكية، فهي تستطيع استخدامه كبعبع ومطرقة تربي به من عصاها وخالفها. وكأن دول العالم الحر لم تبني حضارتها على مبادئ الحرية كما زعموا، وإلا فأين هم من الانقلاب في مصر؟

بين كل هذه الرايات التي تدعي الدفاع عن الحرية والديمقراطية والسلام نرى تركيا الوحيدة الصادقة في دعوتها هذه، ولهذا وجب عليها البحث عن أيادي أخرى لتشبك يدها معهم في مسعى تحقيق السلام في العالم. ولأول مرة أشعر بالفخر والاعتزاز بسياسات دولتي الخارجية التي تنطق بالحق فتقول عن الانقلاب انقلاب وعن الدكتاتور دكتاتور ولا يستطيع أحد شراءها ببضع دراهم بخسة.

قد يقعون في بعض الأخطاء أو قد تصدر عنهم تصريحات غير منضبطة، لكن خطوط وألوان فلسفتهم الخارجية تبقى ثابتة لا تتزعزع بعيدة عن الانحرافات. فهي الدولة التي فتحت أبوابها مشرعة لكل لاجئ، ومدت أيديها والعز يعلوها لأفريقيا فأقامت مخيمات القرآن وغيرها الكثير من المشاريع. أما اليوم فنرى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وهو ينظر بالأمل إلى تركيا.

ولو كانت كل هذه الإنجازات في دولة أخرى لرأينا المحللين والمصفقين والمدونين يكتبون ويقرون بالنظريات مبهرة، لكنه أردوغان يا سادة، وما أدراك ما أردوغان، فكرههم وحقدهم وايدولوجياتهم منعتهم من رؤية هذا الواقع المزدهر. وعلى أقل تقدير فإن تركيا هي الدولة الوحيدة التي قالت عن انقلاب مصر انقلاب وثبتت ثم دافعت عن موقفها.

ونستطيع هنا وصف تركيا بكلمات ماركس في وصفه الأديان بأنها أفيون الشعوب وقوله "هي القلب لدنيا بلا قلب، والروح لحياة صعبة". نعم هذا أقل وصف بحق تركيا التي قدمت كل ما تستطيع لخدمة المظلومين في الشرق الأوسط، ولو تستطيع القوى الغاشمة سحق تركيا فإن قوى العالمية سترتاح وتبسط سيطرتها وسيادتها في المنطقة بلا مُعيق. وأتمنى أن تستطيع تركيا إكمال مشوارها الإنساني بخط ثابت لا تزحزحه الأهوال والمصاعب.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس