ترك برس
"مسعود برزاني" هو ابن القائد الأول للثورة الكردية "مصطفى برزاني" الذي قاد الثورة التحريرية للأكراد مع أخيه "أحمد بارزاني" و"قاضي محمد" منذ تأسيس "جمهورية مهاباد" الكردية في أقصى شمال غرب إيران بتاريخ 22 كانون الثاني/ يناير 1946 وحتى وفاته بتاريخ 1 آذار/ مارس 1979، وعقب وفاة أبيه تولى مسعود برزاني قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي حضن الثورة الكردية منذ انطلاقها عام 1946.
تولى مسعود برزاني إبان حرب الخليج الثاني التي احتلت الولايات المُتحدة الأمريكية من خلالها العراق، رئاسة إقليم كردستان العراق الذي أعلن عن تأسيسه عام 2005، ليصبح بذلك أول رئيس للإقليم، كما انتخب رئيسًا للإقليم في الانتخابات الثانية الخاصة برئاسته والتي جرت بتاريخ 25 تموز/ يوليو 2009، وما زال "مسعود برزاني" إلى يومنا هذا رئيس إقليم كردستان العراق.
بعد تأسيس إقليم كردستان العراق وتولي "مسعود برزاني" لرئاسته وجد حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" من ذلك فرصة ذهبية للحصول على ملجأ جديد له، ولكن على الرغم من استيطان عناصر حزب العمال الكردستاني في بعض المناطق في إقليم كردستان العراق، إلا أن الكثير من نقاط الخلاف نشبت بين برزاني وقيادات الحزب، وبرزت بعض صور الخلاف بين الطرفين في أكثر من موقف، وهذا ما جعل الأمر مثار للعديد من التساؤلات حول النقاط الأساسية للخلاف الحاصل بين الطرفين.
في سياق متصل، يوضح الكاتب في صحيفة صباح "محمود أوفور"، في مقال بعنوان "لماذا يختلف بي كي كي مع برزاني؟" أن "هناك عددًا من الأسباب الجوهرية التي تساهم في نشوب خلاف بين الطرفين، أهم هذه الأسباب؛ اقتناع مسعود برزاني وحزبه "الحزب الديمقراطي الكردستاني "كي دي بي" أن الحل السياسي والمفاوضات السياسية والتحرك المدني هي الأساليب الناجعة والنافعة للوصول إلى الحقوق الممكنة، بينما حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" ما زال يصر على نجاعة التحرك العسكري "الإرهابي" في جعل الطرف المقابل يرضخ ويقر بالحقوق المطالب بها، هذا من ناحية الأسلوب والوسيلة، أما ناحية تكتيكية؛ فبرزاني في حال لا يُحمد عليه، ففي الشمال تستوطن داعش وتحاول كل اليوم دك الأمن والاستقرار في الإقليم وفي هذه النقطة برزاني في حاجة ماسة إلى دولة جادة لمحاربة داعش، ولم يجد برزاني سوى تركيا التي تحركت برًا بشكل جدي من أجل القضاء على داعش".
ويضيف أوفور "أما في الجنوب الغربي والجنوب فتوجد إيران وتابعتها العراق التي تتبع بكل أجهزتها لإيران، وتحاول الأخيرة التعاون مع حزب العمال الكردستاني من أجل زعزعة الأمن التركي وإشغال تركيا بشؤونها الداخلية وعزلها عن الساحة، وانضمت إلى إيران عقب حادثة إسقاط الطائرة الروسية روسيا، وتعمل هاتان الدولتان على تقديم الدعم الوفير لحزب العمال الكردستاني الذي بدوره يهاجم الجيش التركي، هذا التحرك يشكل مصدر إزعاج شديد لبرزاني الذي يسعى جاهدًا للقضاء على داعش بالتعاون مع تركيا. استهداف بي كي كي للمصالح التركية انطلاقًا من الإقليم، يشكل حرجًا شديدًا لبرزاني الذي يدرك جيدًا حاجته الماسة لتركيا في الأحداث الجارية في المنطقة، حيث لا يريد أن يغامر بغية توسيع إقليم الكردستان، وبعد ذلك ينقلب على عقبيه أمام داعش، لذا يريد التحرك بعقلانية ولا مجال لذلك إلا من خلال التعاون مع تركيا".
ومن جانبه، يؤكد المختص في شؤون الشرق الأوسط "بيلجاي دومان"، في مقاله "البطاقات تسود من جديد في إقليم كردستان العراق"، أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يزعمه "مسعود برزاني"، يرى من نفسه مؤسس لإقليم كردستان العراق، وجُل همه في الفترة الحالية هو المحافظة على الإقليم قائمة بقوته السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، ولإدامة الأمن والاستقرار ومجابهة داعش وصدها عن الإقليم عمل مجلس الشعب الكردستاني ذو الأغلبية الخاصة بالحزب الديمقراطي الكردستاني، على تمديد فترة رئاسة برزاني التي تنتهي بتاريخ 25 يوليو 2014 حتى شعار آخر، لتجميع التركيز السياسي للإقليم نحو محاربة داعش وتأجيل العمليات السياسية الداخلية التي يمكن أن تشكل عنصر إلهاء عن صد داعش، وما يُزعج برزاني في هذا الخصوص هو قيام الأحزاب المعارضة بدعم حزب العمال الكردستاني والتقرب من إيران لتشكيل أداة ضغط عليه".
ويستطرد دومان حديثه بالقول إن "هناك تنافس جسيم حول القائد الروحي للتحرك الكردي، هذا التنافس بين "عبد الله أوجلان" و"مسعود برزاني". يريد برزاني إنهاء التحرك العسكري لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي" الذي عمل على تأسيسه عبد الله أوجلان، لتحجيم رمزية أوجلان على الساحة الكردية، ويريد إظهار نفسه على أنه هو القائد الروحي الأجدر بتقديم الحريات والحقوق للأكراد من خلال التحرك السياسي وليس العسكري".
هذه هي التحديات البينة التي جعلت بارزاني يصرح الأسبوع المنصرم بأن حزب العمال الكردستاني أرهق الشعب الكردي وأزهق حقه بخططه العسكرية "الغير عقلانية"، وطالب بارزاني خلال تصريحاته، حزب العمال الكردستاني بالتراجع عن خططه العسكرية والرجوع إلى طاولة المفاوضات.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!