عمر كوتلو - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
مفتاح تركيا الجديدة هو "قانون أساسي (دستور) جديد". لأن القانون الأساسي الموجود حاليا هو محصلة انقلاب سابق. لذا السلطة ضده، والمعارضة ضده، والشعب ضده. لأن فيه مئة عيب.
مع هذا ما زال قائما إلى الآن ويمثل الوضع الراهن.
"قانون أساسي جديد" يعني "توافق مجتمعي" جديد. فعلى جميع الأطراف أن تتحد لتحقيق هذا التوافق.
الأحزاب، والعاملون، والنقابات، والمؤسسات غير الحكومية، بمعنى آخر كل مراكز القوى يجب أن تكون ضمن "ملح هذا الحساء"، حساء القانون الأساسي الجديد.
يقولون تم الاتفاق على ستين مادة. لكن عند الحديث عن المواضيع الحساسة ينتفض الجميع.
على رأس هذه المواضيع "عملية السلام" و"المسألة الكردية". وهنا إذا حصل اتفاقية منطقية سيعني ذلك "قانون أساسي جديد". وعلى كل مركز قوى بما فيه الجيش، أن يوقع "برضا تام" على متن هذا القانون. وبهذا ترتاح تركيا، وتفتح أمامها طريقا جديدا.
لن يكون ملائما القول: "ماذا نفعل؟ الأكراد يتقربون من المعارضة، ومترددون"، فقد تطول عملية السلام. علينا العمل بصبر، وأن لا نبتعد عن طاولة المفاوضات. فهذه ليست مسألة حزبية وإنما قضية دولة، ولا تنفد الخيارات في الدول الديمقراطية. الذين يدقون الأسافين في عملية السلام لا يحبون وطنهم. وإذا لم تحقق تركيا هذا الهدف، فإن ذلك يعني "لا يوجد رجال حقيقيون" وعلاج هذا الأمر يتطلب سنوات.
في هذه الأيام هناك تفكير يقول أنه حتى ولو لم يخرج قانون أساسي جديد، فإن حزب العدالة والتنمية سيدخل الانتخابات القادمة ويحصل على أغلبية تكفيه لتغيير القانون الأساسي فبالتالي سيغير القانون الأساسي بالشكل الذي يناسبه، وهكذا تنتهي المسألة.
كلا، لا تنتهي المسألة. اسمه "القانون الأساسي للشعب" وليس "القانون الأساسي لحزب العدالة والتنمية"، وإذا حدث ذلك فلن يستطيع الحزب التقدم خطوة واحدة للأمام. نحن قلنا، القانون الأساسي يجب أن يكون بتوافق مجتمعي.
لن أتحدث باستفاضة عن ذلك، في الوقت المناسب سنتحدث عن هذا الموضوع بتفاصيله.
المسألة الثانية، هي كيفية ارتقاء تركيا الجديدة. اليوم سيحاول الجميع – ومنهم أنا- سرد نصائح للحكومة الجديدة، ومحاولة رسم خارطة طريق لها. لكن علينا أن نعلم أن هذا الأمر لا يقوم به الصحفيون وليس من وظيفتهم.
خلال الخلافة الإسلامية العثمانية، وتحديدا في عهدها الأخير، قالت نعم للتحضر الغربي، وأرادت الحداثة بنموذجها الغربي، لذا لم يكن أتاتورك هو أول من أحدث هذا التغيير عندما وضع مبادئ الجمهورية التركية المعاصرة.
أما في عصرنا الحاضر فالسيد طيب أردوغان يستخدم في خطاباته لغة إمبراطورية من جديد. وهذا الأمر في مكانه تماما. يرسل سلامه من البوسنة إلى حلب، ومن القوقاز إلى فلسطين. لكن يجب أن يكون ما تحت هذه الرؤية مليء بالاقتصاد والسياسة والأفكار البناءة. وإلا سيكون كل شيء مجرّد أحاديث عابرة.
نحن الآن تحت هيمنة الأسلوب الأمريكي، وكل العالم هكذا، علينا أولا ترك "اقتصاد الاستهلاك" إلى "اقتصاد القناعة" المتجذر في ديننا الإسلامي.
وبدون تطبيق تغييرات جذرية لن نخرج من تحت هذه الهيمنة. مثلا علينا العودة إلى الزراعة. وأنا اعتقد أن العالم أجمع سيعود إلى الزراعة، لكن أتمنى أن لا نكون نحن آخر من يلحق بالركب. وعلينا أيضا أن ننتقل من صناعة البسكويت، والبطانية إلى أشياء أكثر دقة، إلى صناعة الإلكترونيات.
أنا أرى تركيا في آخر ثلاثين سنة، تتحضر وتصبح أكثر تديّنا. ربما يكون ذلك تناقضا، لكنه حقيقة. على علماء الاجتماع إجراء بحوث حول ذلك، لكن عليهم أولا فهم الإسلام.
هل سنقود تركيا الجديدة بالاتجاهين؟ اتجاه التحضّر واتجاه التديّن؟ أم سنختار أحدهما على حساب الآخر؟ علينا أن نعرف كيف سنحمي أنفسنا من الوقوع بين الأمرين.
بدون "ثورة عقلية" لن نستطيع أن ننقل تركيا الجديدة من مرحلتها الخام إلى مرحلة أخرى.
لكن أحمد داود أوغلو هو بذرة هذه الثورة. وكما قال: العمل منا، والتوفيق من الله.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس