جيم كوتشوك - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
أصابتنا العملية الإرهابية أمس بالدهشة. حيث قام شخص يحمل الجنسية السورية بتفجير نفسه في ميدان السلطان أحمد التاريخي بمدينة إسطنبول، ما أدى إلى مصرع عشرة من السياح وجرح آخرين، الأهم من ذلك أن هذه العملية الإرهابية عكرت مزاجنا وجعلتنا لا نشعر بطعم ما نأكل.
فتركيا الآن تتعرض لهجمات كثيرة بعضها من تنظيم "بي كي كي" وبعضها من جماعة فتح الله غولن والتنظيم الموازي داخل الدولة، والبعض الآخر من خارج تركيا عبر بعض التنظيمات الإرهابية، هذه الصورة تظهر مدى الظروف الصعبة التي تعيشها تركيا، فبينما بدأنا نتحدث عن الإصلاحات وعن المواضيع الحيوية التي تخص المواطن التركي، تحول حديثنا إلى الحديث عن الإرهاب ومكافحته، فتحولت كل طاقتنا لتصب في مكافحة الإرهاب والحديث عنه، وهو أمر لا شك متعب يتطلب منا أن نصب جل تركيزنا عليه وعلى مكافحته، وذلك على حساب كثير من المواضيع التنموية التي تهم المواطن.
ندرك أن مكافحة الإرهاب ليست بالأمر السهل، خاصة في بلد مثل تركيا يواجه خطر الإرهاب منذ عشرات السنين. فالإرهاب كما وصفه أحد الخبراء الاستراتيجيين في الحرب الباردة، هو ليس حربًا ضد أيدولوجية معينة ولكنه حرب ضد وسائل، والحرب ضد الوسائل لا يحكمها أي منطق. هنا يمكن القول إن الغرب لا يكافح الإرهاب كما يجب وتركيا تواجه الإرهاب القادم من سوريا ومن تنظيم داعش ومن تنظيم "بي كي كي"، حيث أن قوى الأمن التركية حققت نجاحات كبيرة في مكافحة تنظيم "بي كي كي" في شرق وجنوب شرق البلاد، غير أن الوقوف أمام العمليات الانتحارية لمنعها يكاد يكون مهمة صعبة . وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى العمليات الانتحارية التي شهدتها فرنسا في عام 2015.
في الواقع كنت قد كتبت أنني لا أتوقع أن تشهد تركيا بعد انتخابات الثلاثين من آذار/ مارس وانتخابات السابع من حزيران/ يونيو وانتخابات الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر أياما جميلة من دون مشاكل، هنا أعيد وأكرر ما قلته في السابق، وهو أن تركيا كلما وصلت إلى مرحلة مهمة في تاريخها تتعرض لهجوم إرهابي، هنا أنا أقدر الجهود التي يبذلها رجال الأمن في مكافحة الإرهاب، ولكن يجب التنبيه إلى أننا أمام خطر قادم.
هنا علينا أن نتوحد في وجه الإرهاب بالضبط كما حدث في فرنسا، غير أن هذا في تركيا لا يمكن أن يحدث، وذلك بسبب وجود بعض الشخصيات التي تطلق على أنفسها أنها الطبقة المتنورة والمثقفة من الصحفيين والأكاديميين، حيث لا ندري لصالح من يعمل هؤلاء، ونرى منهم ما قد لا نراه في أي دولة ديمقراطية.
هل تتصورون أن هذا الفريق من المثقفيين والأكاديميين وقعوا على وثيقة كل ما فيها خيانة للوطن. فينتقدون العمليات المسلحة لقوى الأمن ضد تنظيم "بي كي كي" الإرهابي، كما يظهر نص الوثيقة وكأن الدولة هي التي تمارس الإرهاب ضد الناس، وتطالب الوثيقة الحكومة أن توقف ممارسة العنف ضد الشعب ولا تشير إلى الإرهاب الذي يمارسه تنظيم "بي كي كي" على الأهالي في شرق وجنوب شرق تركيا.
قام بالتوقيع على هذه الوثيقة أكثر من 1100 أكاديمي وصحفي ومثقف. كل هؤلاء الداعين إلى التنور هم في نظري خائنون للوطن. هنا لا يسعني إلا أن أسألهم: من أنتم؟ ومن تمثلون؟ وماذا فعلت لكم الدولة حتى تظهروا كل هذه العداوة لها؟ ألا تنظرون إلى الشهداء الذين يسقطون كل يوم من قوى الأمن على يد التنظيم الإرهابي، ألا تنظرون إلى الظلم الذي يمارسه التنظيم بحق المواطنين في شرق وجنوب شرق البلاد؟ وفوق هذا كله من أين تستمدون القوة التي تجعلكم تؤيدون التنظيمات الإرهابية؟
قام مجلس التعليم العالي بتوضيح موقفه من الأكاديميين الذين وقعوا على الوثيقة، وسيقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة ضدهم بما يسمح به القانون. هنا يجب التأكيد على ضرورة أن يسرع مجلس التعليم العالي في إتخاذ ما يلزم ضد هؤلاء الأكاديميين . ويجب أن يحاسب كل من يخون الوطن أم القانون. والأيام القادمة سترينا ماذا سيحل بهؤلاء الذين يظنون أنهم في موقع قوة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس