أحمد تاشكاتيران - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
في عشية اليوم الذي ناقشت فيه تركيا تلك المبادرة سالت الدماء في ديار بكر وكان الخبر كالتالي: "في بلدة تشينار التابعة لمدينة ديار بكر فتحت عناصر حزب العمال الكردستاني الإرهابية النيران من الأسلحة الرشاشة والبنادق على قيادة جندرما المنطقة وذلك بالتزامن مع هجوم إرهابي على مديرية الأمن في البلدة مستخدمين في الهجوم عربة محملة بالقنابل المتفجرة وقاذفات الصواريخ والأسلحة الرشاشة الطويلة ، نتج عن هذا الهجوم والانفجارات الشديدة خسائر فادحة في المباني وانهيار مبنى سكني مكون من طابقين بالقرب من مكان الحدث وسقوط شهيد من عناصر الأمن إضافة إلى خمسة أشخاص منهم طفلين ورضيع وإصابة ما يزيد عن 39 شخص. وحسب ما وردنا من معلومات فإن الضحايا هم لقمان اتشكجوز، صادق آفآ اتشكجوز (خمس سنوات) وأجرين اتشكجوز (عام) إضافة إلى سيدة ورضيع له من العمر خمسة شهور في انهيار المبنى المجاور".
الخلاصة:
- عربة محملة بالقنابل، قاذفات صواريخ وأسلحة رشاشة.
- ستة قتلى و39 جريح.
- أحد القتلى رضيع عمره خمسة أشهر وطفلان آخران إضافة إلى شهيد من عناصر الشرطة.
ما قولكم؟
كيف يوقع على "مبادرة أكاديميين من أجل السلام" من قرأ هذا الخبر؟ ما موقع هذا الخبر من السلام؟ وما موقعه عند الأكاديميين؟ وأين هو من والرشتاين، وهابيرماس وتشومسكي؟
من الواضح أنهم يرغبون من وراء هذا البيان في إظهار عبارة وفكرة "لن نكون شركاء في هذا الجرم" على السطح، فحسب وجهات نظرهم إن كل ما يحدث في شرق وجنوب شرق الأناضول في ذمة الدولة وهي المسؤولة الوحيدة عما يجري هناك من جرائم وحسب قولهم كذلك فإن الدولة تنفذ عمليات تطهير ومذابح ضد سكان المنطقة من جميع الأعراق وعلى رأسهم الأكراد.
إذا ما هذا الخبر ؟ ومن هو المجرم الذي قتل الطفل الرضيع ذو الخمسة أشهر وأمه؟
حتى كتابنا الليبراليون المدافعون عن حرية التعبير الموقعون على هذا البيان وهذه المبادرة التي "لم تتناول إرهاب حزب العمال الكردستاني ولو بكلمة ولم تشر إلى الخنادق أو إلى المتفجرات ذات الصنع اليدوي ولم تتطرق إلى الحديث عن التغيرات الديموغرافية التي يقوم بها الحزب عن وعي ودراية" قد أصيبوا بمرض "العمى الأكاديمي"، وهم لهذا السبب مُدانون بتأييدهم للإرهاب خصوصا إذا لاحظنا أنهم وفي سبيل تحقيق "نداء السلام" المزعوم تعاموا وتظاهروا بأنهم لم يروا الفقرة التي تقول: "إن الدولة تنفذ مذابح ومجازر وعمليات تطهير". ما يمكننا أن نفهمه في هذا الموقف هو أن هؤلاء الكتاب لا يستسيغون قبول أن "ترتكب الدولة مذابح" لكن السفينة تحمل الطالح والصالح وقد تمازج السم مع العسل والثقافة مع الفكر الاستعماري وهم قد قبلوا بهذا كله بحلوه ومره. وإذا ما جمعنا هذا كله مع البغض الدفين ضد أردوغان ووسمنا البيان بـ"معارضة أردوغان"، عندها ستختلط خيوط الأوهام وستجد من يسعون إلى توقيع اسمهم تحت المبادرة دون قراءتها.
العملية التخريبية الأخيرة في ديار بكر ما هي إلا مثال واضح على وحشية وإرهاب حزب العمال الكردستاني في الشرق والجنوب الشرقي من الأناضول.
وجه رئيس الوزراء كلامه في اجتماع السفراء إلى القنصل الأمريكي طالبا منه دعوة تشومسكي إلى تركيا، وقال إنهم مستعدون لاستضافته حتى يرى بأم عينه حقيقة ما يحدث ولا يكتفي بما يصله من خلال عملاء الطابور الخامس. هذه الدعوة وإن كانت تنم عن حسن نوايا تركيا وثقتها بنفسها، ولكن هل ستكون كافيه لإزالة "العمى الأكاديمي" الذي أصاب علماء في علم الاجتماع معروفين على مستوى العالم أمثال تشومسكي ووالرشتاين وهابيرماس؛ الحقيقة أنني لا أتوقع ذلك أبدًا!
في الحقيقة نعم، هذا هو ما يجب فعله بالضبط، فمهما بلغت أعداد الذين وقعوا على المبادرة سواء من الداخل أو الخارج وكائن من كانوا يجب أن تتم دعوتهم ليزوروا صور وسلوان وسيلوبي ونُسيبة ودارجيتشت ويروا ما يحدث هناك، لن نأخذ من وقتهم طويلا فثلاثة أيام كافية لمعايشة الحدث، أو حتى يوم، أو ليكون خمسة ساعات من يوم أو ثلاثة ساعات. نعم "لنستضِف" هؤلاء الأكاديميين لخمس ساعات ليروا بأم أعينهم الجدارن المثقوبة، والأبواب المفتوحة بشكل مستمر يسمح لعناصر التنظيم المرور بحرية، والعبوات المتفجرة ذات الصنع اليدوي والمخفية في كل زقاق وشارع، والحواجز والخنادق، والبلدات التي حولت إلى ساحات معارك...
أنظروا أعزائي، فحتى أعضاء حزب الشعوب الديموقراطي الذين تربطهم مع حزب العمال الكردستاني روابط "قرابة" قوية، استطاعوا وبصعوبة بالغة أن ينجوا بأرواحهم من رصاص الحزب وهم الذين ما انطلقوا إلى الأزقة إلا لجمع جثث من سقط من الحزب أو الموالين له...
تشومسكي ، ووالترشتاين وهابيرماس لم يعيشوا في صور ولم يُعايشوا ما عايشته ياسمين انجي أوغلو أو ما عاشه قوراي تشالشكان ولم تكن زوجاتهم أو أطفالهم في المنطقة المجاورة لمخفر تشينار!
أتعلمون ماذا قال رئيس نقابة المحامين السيد متين فايز أوغلو، قال: "إن الذين لا يفوتون الفرصة للانتقاص من الدولة والجمهورية في حين أنهم لا ينبسون ببنت شفة عن التنظيم الدموي الإرهابي حزب العمال الكردستاني لا يختلفون شيئا عن القلة من المتنورين المثقفين الذين صفقوا للاحتلال إبان فترة التهدئة (1918 - 1922)".
لكن للأسف فإن حزب الشعوب الديموقراطي (HDP) أعمى البصيرة!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس