ولاء خضير - خاص ترك برس
بحسب كل الدلائل والمؤشّرات، فإنّ المصالحة بين تل أبيب وأنقرة، بعد "عداوة" استمرّت ست سنوات، باتت قريبة، فبعد سلسلة محادثات، تمت بين الجانبين الإسرائيلي والتركي في جنيف، خلال الأيام الماضية، صرح الناطق باسم حزب العدالة والتنمية "عمر تشليك"، بأن بلاده تقترب من عقد اتفاقٍ مع "اسرائيل"، وأنه تم التوافق على كافة الشروط، ما عدا شرط رفع الحصار عن قطاع غزة!.
وسبق، وأن شهدت المفاوضات الإسرائيلية-التركية، تطورات هامّة، سبق وأن نشر تفاصيلها الإعلام الإسرائيلي، فيما لم تنفِ تركيا صحتها، مصرحةً أن المفاوضات جارية، وتم التوافق على كافة الشروط، إلا أن النقطة الأهّم، وهي ورقة التفاهم بين الجانبين، ممّا يتعلق بالشرط الأساسيّ لأنقرة، والتي تمسكت به طيلة السنوات الماضية، وحال طويلًا دون المصالحة، هو رفع الحصار عن قطاع غزة!.
لم تؤكد أي مصادر رسمية تركية، على أنه تم توقيع اتفاق نهائي حول المصالحة مع "إسرائيل"، وخرجت أنقرة وصرحت مرارًا وتكرارًا، بأنه لا اتفاق، طالما أن "اسرائيل" ترفض شروط أنقرة، وعلى رأسها رفع الحصار عن غزة، وهو الشرط الذي ورد على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان، كشرط أساسي، لتطبيع العلاقات، حيث قال أردوغان إنه "في حال تم تطبيق إجراءات متبادلة بشكل صادق، سنصل إلى تطبيع العلاقات لاحقا".
وقد كان لافتًا، أن إسرائيل تدير مفاوضات التفاهمات الأولية مع تركيا، في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في سويسرا، من خلال طاقم استخباري، ترأسه رئيس جهاز "الموساد الاسرائيلي" الجديد يوسي كوهين، فيما غابت وزارة الخارجية الإسـرائيلية، بينما كان يتفاوض عن تركيا، وفد دبلوماسي، ترأسه وكيل وزارة الخارجية التركية، فريدون سينيرلي أوغلو.
وذكرت مصادر إعلامية، أن البنود المتفق عليها في ورقة التفاهمات الأولية بين الجانبين الإسرائيلي والتركي، تضمنت: رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، بإعادة سفيري البلدين إلى أنقرة وتل أبيب.
ومن جانبها، استجابت إسرائيل لشرطين تركيين: أولهما، الاعتذار، حيث قام رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، بالاعتذار من تركيا في آذار/ مارس 2013. وثانيهما دفع تعويضات لأسر شهداء أسطول الحرية الأتراك العشر، ومتضرري سفينة "مافي مرمرة"، مقابل سحب تركيا، الدعاوي القضائية المرفوعة أمام القضاء الدولي، ضد العسكريين الإسرائيليين، الذين قاموا بالهجوم على سفينة مرمرة.
وعلى الرغم من البوادر الأولية، التي ترشح عن اتفاق مصالحة تركي- إسرائيلي، إلا أنّ استئناف العلاقة التركية ــ الإسرائيلية القديمة أصلًا، والتي توقفت وجُمدت إبان حرب غزة منذ عام 2010 م، على إثر هجوم القوات البحرية الإسرائيلية، على سفينة "مافي مرمرة" التركية.
إلا أنّ بعض الأطراف الفلسطينية، أظهرت عدم رفضها لاستمرار العلاقات التركية- الاسرائيلية، والذي قد يحقق مكسبًا سياسيًا منصفًا برأيها، لا سيما في ظل توتر العلاقات مع النظام المصري القائم حاليًا، والذي كان يلعب دورا مركزيا في المفاوضات، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وبإلنسبة للحركة الإسلامية "حماس" في غزة، فهي بحاجة إلى وسطاء منصفين، في بعض الملفات المعقدة التي تواجهها، كملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزة، وملف التهدئة ومنع الحرب، ورفع الحصار عن غزة، وهو ما باتت تراه في تركيا، في حين أن الوساطة المصرية تراجعت، وباتت مستحيلة، بل تحوّلت إلى طرف أكثر تشددًا ضد المقاومة الفلسطينية.
وبيّد أن جهات فلسطينية اخرى، تنظر بخطورة إلى الموقف التركي، بمفاوضاته مع "اسرائيل"، معتبرينه يصبُّ في التشكيك بمصداقية أردوغان، فيما يخص مواقفه تجاه القضية الفلسطينية، وأن الأمر قد ينعكس، ويحمل في طياته عواقب وخيمة، على الدور التركي، وعلى شعبية أردوغان وصورته في المنطقة.
إلا أنه، وبعد أيام من حديث وسائل الإعلام، عن مسودة اتفاق بين تركيا وإسرائيل، لإنهاء الأزمة بين الجانبين، وإعادة تطبيع العلاقات بينهم، جاءت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، والتي التقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في قصر يلدز الرئاسي بإسطنبول، لتحمل الزيارة في طياتّها تطمينات تركية، إلى حركة المقاومة الفلسطينية، بأنّ تحسّن العلاقات مع إسرائيل، لن يكون على حساب قطاع غزة، وأن القيادة التركية عملت وتعمل بمحادثاتها مع تل أبيب، على تخفيف الحصار، وحتى رفعه عن قطاع غزة.
حيث أن تركيا طرحت مجموعة أفكار، مع شركاء أوروبيين، بهدف تخفيف الحصار عن قطاع غزة، فيما يتعلق بآليات التدقيق، وتقديم المساعدات، بما يدخل إلى قطاع غزة بحرًا وبرًا، بما يحسّن من حياة الفلسطينيين المحاصرين من قبل "إسرائيل"، ومن قبل مصر!.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس