ترك برس

زُرعت البذرة الأولى للاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 1949، حيث تم تأسيس المجلس الأوروبي ومن ثم التجمع الأوروبي للفحم والفولاذ، واستمرت مراحل الاتحاد الأوروبي في التطور إلى أن تم تأسيس الاتحاد الأوروبي الموحد سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا من خلال اتفاقية "ماسترخت" المُبرمة عام 1992، والتي يُطلق عليها أيضًا معاهدة الاتحاد الأوروبي.

ونعم الاتحاد الأوروبي بتعاون سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي جعل منه كيانًا سياسيًا يشبه الدولة الواحدة، إلى أن ساق القدر بعض المواطنين السوريين والعراقيين وغيرهم إلى التدفق أفواجًا إلى دول الاتحاد الأوروبي، ما اضطر بعض دول الاتحاد إلى وضع أسلائك شائكة لرسم حدودها مع الدول الأخرى لحجر اللاجئين عن التدفق، وعلقت اتفاقية "شنغن" التي تقضي بتنقل مواطني دول الاتحاد الأوروبي فيما بينها دون الحاجة إلى تأشيرة، الأمر الذي وضع الاتحاد الأوروبي تحت خطر محدق يلوح بتفكك الاتحاد الأوروبي، على حد تصريحات رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي "دونالد تاسك".

وقد أكد تاسك، في أحد تصريحاته الصحفية، أنه في حال إصرار بريطانيا على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي واستمرار موجات الهجرة الهائلة فإن الاتحاد الأوروبي أمام خطر محدق يهدد وجوده واستقراره، موضحًا أن دول الاتحاد الأوروبي لن تتحمل طويلًا هذه الموجات، لذا ستلجأ إلى اتخاذ سياسات فردية مخالفة لسياسات الاتحاد الأوروبي العامة، لحماية حدودها ضد موجات اللاجئين المتدفقة.

وأفادت الخبيرة في شؤون الاتحاد الأوروبي "صفية مروى أوتنو" بأن ناقوس الخطر قد دق في بروكسل منذ العام الماضي، حيث اتجهت كافة مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى العمل بجد لوضع برامج وقائية لموجات الهجرة التي باتت تشكل خطر استراتيجي على وجود الاتحاد الأوروبي.

وجاء ذلك في مقال لها منشور عبر "مركز أنقرة الاستراتيجي"، 16 شباط/ فبراير 2016، وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي وجد من وضع الحدود بين دوله ومراقبتها بشكل صارم وتوطين اللاجئين في دول خارج إطار الاتحاد الأوروبي والاتفاق مع تركيا لنكص عمليات الهجرة غير الشرعية حلولًا ممكنة لإيقاف حدة تفاقم خطر انحلاله.

وألمحت أوتنو إلى أن الحل الأول من الممكن تطبيقه، ولكن يواجه الاتحاد الأوروبي خلافات حادة في إيجاد سبل متطابقة مع الدول الواقعة خارج إطاره في قضية استقبال اللاجئين مقابل دعم مادي، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يرى من تركيا الأمل الوحيد لمساعدته في مواجه الخطر المحيط به وبالتالي كبح انحلاله المحتمل.

ويُذكر أن الاتحاد الأوروبي يشهد حالة من الاجتماعات المُكثفة بينه وبين تركيا، للتوصل إلى حل يخدم مصالح الطرفين، وقد توصل الطرفان إلى اتفاقية تعاون متبادلة في عدد من القضايا في الرابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر للعام الماضي، وشملت هذه الاتفاقية عدة قرارات أهمها:

ـ يتعهد الاتحاد الأوروبي بدفع 3 مليار يورو لتركيا، لكي تتمكن من المساهمة في توفير خدمات أوسع للاجئين المقيمين بها، تُحيدهم عن الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

ـ يمنح الاتحاد الأوروبي المواطنين الأتراك فرصة الدخول لدوله دون الحاجة إلى تأشيرة.

ـ إحياء المفاوضات بين الطرفين بشكل نشط، من خلال فتح بعض الفصول المعلقة.

ـ تتعهد تركيا باتخاذ كافة الإجراءات لمنع عمليات الهجرة الغير شرعية التي تنطلق منها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وفي لقاء صحفي أجراه مع وكالة الأناضول على هامش اجتماع حوار الطاقة التركي الأوروبي الذي عُقد في إسطنبول بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2016، دعا مفوض الاتحاد الأوروبي للمناخ والطاقة "ميغول أرياس كانيتي" دول الاتحاد الأوروبي إلى اتباع سياسة نشطة مع تركيا، لما تمثله من آمال سياسية واقتصادية لدول الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن تركيا تلعب دورًا أساسيًا في إمكانية منع عمليات الهجرة غير الشرعية، وبالتالي الحفاظ على الاتحاد الأوروبي متماسكًا، وكما تشكل تركيا ممرًا استراتيجيًا آمنًا للطاقة التي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى استيرادها من بعض الدول، ويحتاج إلى تركيا لنقلها داخل دوله بأمان.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!