ترك برس
قالت الباحثة السياسية "بيريل ديدي أوغلو" إن تركيا التي حولت قبلتها إلى الشرق عام 2004، بعد تمادي الاتحاد الأوروبي في رفض انضمامها إليه بشكل كامل، رغم امتثالها لكافة معياريه، عادت من جديد إلى قبلتها الغربية القديمة الجديدة، مشيرةً إلى أن التدهور الشديد الذي يشهده الشرق الأوسط، اضطر الكثير من الدول إلى الحياد عنه والاتجاه نحو وجهات جديدة.
وجاءت تحليلات ديدي أوغلو في مقالِ لها بصحيفة ستار بعنوان "تركيا، أوروبا، الناتو"، حيث أوضحت أن عودة تركيا إلى الغرب، وخاصة إلى الاتحاد الأوروبي، على العكس من سابقتها، لم تكن من جراء إصرار تركيا على الانضمام إليه والمشاركة في اتفاقياته، بل جاءت بناءً على طلب الاتحاد الأوروبي الذي أصر عليها للرجوع، ويمكن أن يكون ذلك جيدًا جدًا لمسار العلاقات التركية الأوروبية، حيث أظهرت التحركات الدبلوماسية الجارية أن حاجة الاتحاد إلى تركيا، أدت إلى إتاحة الاتحاد فرصة جديدة لتركيا لإعادة إحياء عملية التفاوض، كما قدم لها فرصة ذهبية هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات التركية الأوروبية، وذلك من خلال منحها فرصة دخول مواطنيها دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة.
وأُشارت ديدي أوغلو إلى أن الاتحاد الأوروبي سيمنح تركيا حق الدخول بدون تأشيرة في حزيران/ يونيو من العام الجاري، إن لم يحدث أي خلاف جذري بين الطرفين، ولكن انضمام تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي، ما زال منوطًا بمسار المشاورات التي ستجري بين الطرفين، ونية الاتحاد الأوروبي الصادقة لانضمام تركيا إليه.
ورأت الباحثة أن عودة تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها معظم دول العالم، مهمة جدًا في ظل حاجة الاتحاد الماسة إليها، والتي منحتها قدرة على إملاء ما تريده بقوة عليه، بعدما كان يملي عليها شروطًا صعبة.
ومن جانبه، وافق الخبير السياسي "أفق أولوطاش" دادا أوغلو في تحليلها، مضيفًا أن تركيا ما زالت تحاول جاهدةً إقناع الجميع بفكرة إنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية السورية، توفّر لها الحماية من قبل قوات دولية، وبالتالي رأت أنه لا بد من الرجوع إلى الغرب من الجديد لتتمكن من تنفيذ هذه الفكرة، ورأت في الاتحاد الأوروبي البوابة الرئيسية لها، لإحراز ذلك، فعادت إليه بإصرار.
وبيّن أولوطاش أن تركيا تحاول حتى اليوم بكل ما أوتيت من قوة إقناع الناتو والولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء هذا المنطقة، وترى إن إقناعها للاتحاد الأوروبي الذي يحتاج أصلًا مثل هذه المناطق، لكبح تدفق اللاجئين إليه، نقطة بداية ناجحة نحو إقناع الآخرين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والناتو.
وأكّد أولوطاش، في مقاله بصحيفة أقشام "لماذا المنطقة الآمنة مهمة في سوريا"، أن المحرك الأساسي لالتفات تركيا إلى أوروبا من جديد هو حاجة تركيا لنفوذ قوي لإنشاء المنطقة الآمنة، ولكن عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية والناتو الدخول في مواجهة عسكرية محتملة مع روسيا، حال دون تتويج تركيا لعلاقتها مع الغرب بنجاح كامل.
وبدورها، نقلت صحيفة "صباح"، عن رئيس مفوضية بحث الأزمات الدولية التابعة للأمم المتحدة "جيين ماريا جويهانو" قوله؛ سعت تركيا بكل ما تملك لحل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سورية، وعادت بثقلها إلى أحضان الغرب طالبةً منه المساندة لتطبيق خططها المطابقة للمعايير السياسية والإنسانية، ولكن الغرب لم يُعِر تركيا وخططها الأهمية اللازمة لتنفيذ ما ترنو إليه، وسيسجل التاريخ "تخاذل" الغرب للمرة الثانية في حل أحلك الأزمات الإنسانية، بعد أزمة البلقان.
ونوّهت الصحيفة إلى أن جويهانو أكّد، في مقاله المنشور في صحيفة "غارديان" البريطانية بعنوان "لا تخسروا خطط تركيا من أجل مصالحكم في سوريا"، أنه في حال استمرار الغرب في صمّ آذانه أمام الخطط والأهداف التركية في سوريا، فإنها ستحاول بنفسها تفادي الخسائر الممكنة في سوريا، موضحًا أنه في حال تلقّي تركيا المزيد من الخذلان الغربي، فإن استمرارها بالتفاوض معه ومحاولة مسايرته لن تستمر طويلًا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!