ترك برس
رأى المفكّر العربي بشير نافع، المتخصص في تاريخ الشرق الأوسط، أن قادة العمال الكردستاني (بي كا كا الإرهابية)، في جبال قنديل ارتكبوا خطأ استراتيجيا عندما ظنوا أن نتائج انتخابات يونيو/ حزيران 2015 غير الحاسمة ستجعل أنقرة أكثر استعدادا للتنازل أمام ابتزاز العنف.
جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة "عربي21"، تحت عنوان "المسألة الكردية تحل فعلا ضمن تصور جديد للمشرق"، اليوم، أشار فيه إلى أن تركيا ودول الجوار، تعيش مرحلة جديدة في صراع الجماعات الكردية القومية، سيما حزب العمال الكردستاني، مع الدولة والمجتمع التركيين، بما في ذلك مجتمع المناطق ذات الأغلبية الكردية.
وقال نافع إنه بعد عدة سنوات من الهدنة، ومضي الدولة التركية قدما نحو وضع حل نهائي، ثقافي واقتصادي سياسي، للمسألة الكردية وتهميش جنوب شرقي البلاد، خرق حزب العمال الكردستاني الهدنة في صيف العام الماضي.
وأضاف أنه "خلال الأسابيع التالية على انهيار الهدنة، أصبح واضحا أن الحزب مارس عملية خداع كبرى على الدولة والشعب؛ وبدلاً من سحب السلاح والمسلحين من المدن والبلدات، استغل سنوات السلم لتكديس المزيد من السلاح. كما في مناسبات عديدة سابقة".
وتابع بالقول، ارتكب قادة العمال الكردستاني في جبال قنديل خطأ استراتيجيا عندما ظنوا أن نتائج انتخابات يونيو/ حزيران 2015 غير الحاسمة ستجعل أنقرة أكثر استعدادا للتنازل أمام ابتزاز العنف. ولكن حكومة داود أغلو واجهت عنف العمال الكردستاني بقدر مكافئ من القوة. في 26 أكتوبر/ تشرين أول، صعد قادة العمال الكردستاني في جبال قنديل من سياسة العنف المسلح عندما أصدروا الأوامر لأنصار الحزب بالتحصن في الأحياء والبلدات ذات الأغلبية الكردية وإعلان الإدارة الذاتية.
في هذه الجولة من الصراع، قتل حتى الآن 300 جندي ورجل شرطة ومدني، وما يقارب ثلاثة آلاف من عناصر العمال الكردستاني. ولكن الواضح، على أية حال، أن الدولة التركية أوقعت هزيمة كبيرة بالعمال الكردستاني. وليس أدل على نتيجة هذه الجولة من الصراع من الاستقبال الشعبي المذهل الذي أحاط برئيس الحكومة التركية في زيارته لديار بكر يوم 31 مارس/ آذار، مدينة الأغلبية الكردية الساحقة. الواقع، وبالرغم من كل التضخيم الذي يحيط بالمسألة الكردية في تركيا وجوارها، ومحاولة دول كبرى استخدام الورقة الكردية للضغط على أنقرة وابتزازها، أن أغلبية الصوت الكردي الانتخابي لم تزل تذهب لحزب العدالة والتنمية، وأن كتلة الحزب البرلمانية تضم أكبر عدد من النواب الأكراد.
بيد أن هزيمة حزب العمال الكردستاني لا يجب أن تكون نهاية الطريق. مشكلة العمال الكردستاني، ومجمل المجموعات الكردية القومية الراديكالية، هي تبني النموذج الغربي للدولة في المشرق وكأنه الحل الوحيد للمسألة الكردية. كما الراديكاليين القوميين العرب والأتراك، يفترض القوميون الأكراد أن دولة ما بعد الحرب العالمية الأولى في المشرق هي النموذج المنشود للدولة. تعرب الشعوب، يوميا تقريبا، عن شكوكها في شرعية هذه الدولة، بينما يتصرف العمال الكردستاني وكأن دولة ما بعد الحرب الأولى هي جنة الأرض وطريق الخلاص الوحيد. أيديولوجيا الدولة هذه هي ما يجب أن يواجه، وأن يهزم. في النهاية، ومهما طال هذا الصراع، ليس ثمة حل للمسألة الكردية بدون بناء مستقبل سياسي جديد، ونظام إقليمي مختلف، للمشرق برمته.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!