محمد عمر زيدان - خاص ترك برس
لم تصمد الهدنة التى كانت برعاية أممية في سورية طويلًا بين نظام الأسد وثوار ثورة الكرامة السورية التي كانت قد بدأت في 27 شباط/ فبراير من هذا العام ونتيجة للخروقات المتكررة التي مارستها قوات الأسد المتهالكة بدعم روسي جوي وشيعي متعدد الجنسيات بري، وأصبحت هذه الخروقات نتيجة طبيعة وحتمية وقصة مقروءة سلفًا عندما يكون الأسد تحت أي ضغط سياسي أو استحقاق إنساني، وهذا ما بدا واضحًا وجليًا من خلال مجريات مؤتمر جنيف ثلاثة حيث جاء وفد النظام إلى المؤتمر بدون أي تصور مسبق وواضح لحل الأزمة السورية من جهة وعدم امتلاكه لرؤية مستقبلية وهذا ما بدا جليًا للرأي العام العالمي وهذا ما عبر عنه أيضاً ديمستورا، أما وفد المعارضة بدا متماسكًا واثقًا من ناحية التصريح ومن خلال الوثيقة التى قدمها لديمستورا لرؤيته لسورية المستقبل الموحدة المستقلة المنسجمة بكل أعراقها وطوائفها، فلجأ وفد النظام حيال هذا الأمر إلى استخدام أسلوب جديد وهو أسلوب التهكم وبدأ بالتهكم على أفراد الوفد المعارض تارة وعلى أشكالهم وألوانهم وعلى المجتمع الدولي تارة أخرى باعتباره متآمرًا على النظام السوري لا بل ذهب وفد النظام إلى أبعد من ذلك عندما وصف بعض أعضاء المعارضة بالإرهابيين وهذا ليس غريبًا على وفد النظام إنما غريب على الأعراف الدبلوماسية أو ربما تناسى وفد النظام أنه عندما قبل القدوم إلى جنيف أن هذه دلالة واضحة منه على اعتراف معلن بوفد المعارضة كند له في هذه المفاوضات ولكن على ما يبدو لم يكن وفد النظام يقدر مدى قوة خصمه وحنكتهم في إدارة هذا الملف وظن نفسه المحنك الوحيد وعندما فشل بمجارات خصمه عادت حليمة إلى عادتها القديمة وأراد إيجاد بدائل تنقذه من مأزقه الحالي وبما أن سياسة التفجيرات التي اعتاد النظام القيام بها في مناطقه قبل أي جولة مفاوضات لم تعد تجدي نفعاً اليوم فلجأ إلى نسف المفاوضات بتشديد الحصار على المناطق المحاصرة التى كانت تتطلع إلى هذا المؤتمر لإدخال الماء والغذاء والدواء وبتكثيف الغارات على المناطق المحررة واستخدم كل ترسانته العسكرية مستغيثاً بأصدقائه وحلفائه ولكنه هذه المرة أيضًا مني بفشل عسكري فاق فشله السياسي عشرات المرات نتيجة للكميات المهولة من أسلحة الدمار التي استخدمها ضد تلك المعارضة التي لا تملك إلا سلاحًا خفيفًا وبهذا السلاح الخفيف استطاعت الوقوف بوجهه وقهره، فصب جام غضبه على المدنيين السوريين ولا سيما في حلب تلك المدينة السورية التاريخية الموغلة بالقدم والتي تعاقبت عليها حضارات متعددة ومازالت آثارها وأوابدها تشهد لها بذالك ولكن الأسد الذي جاء من الجبال ومن حياة الهمج والرعاع إلى حياة المدنية لا يقدر قيمة الموروث الإنساني فيظن أن كل الحجارة حجارة أما حليفته روسيا عندما فشلت في إدارة الملف السوري سياسيًا بعد انسحابات تكتيكية للقوات الأمريكية من المشهد السوري تذكرنا بتلك الانسحابات لقوات النظام من مدينة إدلب إبان تحريرها لذلك عمدت القوات الروسية إلى استحداث تكتيكات مختلفة منها تشديد ضرباتها على مناطق المعارضة لإجبارها على الرجوع إلى طاولة المفاوضات وهي صاغرة بعدما انسحبت المعارضة نتيجة تخاذل المجتمع الدولي لرفضه تطبيق مقررات مجلس الأمن والأمم المتحدة التي قررت في مؤتمر جنيف 1 بانتقال سياسي للسلطة وبتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات وعدم مشاركة الأسد فيها أو أيًا من اتباعه تلطخت أيديهم بدماء السوريين وهذه السياسة التي اتبعتها روسيا كانت محاولة لشق صف المعارضة المسلحة في الداخل وذلك بمحاولة زرع بذور الخلاف والفتنة وذلك بمحاولة استثناء حلب من الهدنة المتفق عليها من الجانبين الروسي والأمريكي بتمديد أجل الهدنة في ضواحي دمشق واللاذقية واستثناء حلب والمتأمل والمتابع للمشهد السوري يجد مكرًا واضحًا ومفضوحًا وسياسة بلهاء لا تنم إلا عن جهل روسيا بطبيعة الشعب السوري المسلم من جهة ومن جهة أخرى أرادت روسيا حماية نظام الأسد ومراكزه الأمنية بتمديد الهدنة بضواحي دمشق، وربما تحاول روسيا فرض عملائها على وفد التفاوض مثل صالح مسلم وهيثم مناع ولكن إذا كان الإعلام السوري وحلفاؤه يتبجحون كل يوم عشرات المرات بوصف جيش الإسلام المرابط على أطراف دمشق وحركة أحرار الشام المرابطة على أطراف اللاذقية بأنهما منظمتين إرهابيتين فكيف يمكن لهذا النظام المقاوم والممانع أن يعقد صفقات وهدن مع هذا الإرهاب ولكن الأسد من أجل بقائه يمكن أن يتحالف مع شياطين الإنس والجن وبهذا يمكنه نقل جنوده إلى الجبهات الملتهبة التي مني بها بخسائر فادحة وهكذا يضمن أن تبقى طائفته بمنأى عن صواريخ المعارضة المسلحة وبالمجمل إذا أراد الثوار أن تنتصر ثورته وأن يكبحوا جماح هذا الثور الهائج وأن يوقفوا حمام الدم المتدفق في سورية فلابد عليهم أن يعيدوا ترتيب أوراقهم وإعادة تأهيل وهيكلة لجيش الفتح الذي أذاق جيش الأسد الويلات في كثير من المعارك التي أسفرت عن تحرير مدينة إدلب ومن المفترض إرباك الأسد أمام أنصاره بقصف المربعات الأمنية والثكن العسكرية في كل من دمشق واللاذقية وريف حماه وحمص حتى يعلم اتباع هذا النظام أن النظام لن يستطيع الدفاع عن نفسه حتى يدافع عنهم وبذالك تظهر عورة النظام وتكون الفئات المنطوية تحت سلطته ورقة ضغط عليه لا له وبذالك يمكن للمعارضة أن تحقق أهدافها المشروعة وتجبر الأسد وأعوانه على الانصياع إلى القرارات الدولية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس