ترك برس

أشار المستشار السياسي، علي باكير، الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بسحب منظومة صواريخها الدفاعية من الحدود التركية السورية، لتمهّد الطريق أمام الإنخراط العسكري الروسي المباشر في الملف السوري.

جاء ذلك في مقال تحليلي له نشرته وكالة الأناضول التركية للأنباء بعنوان "سياسة أوباما في سوريا: فليبق الأسد، ويرحل الشعب"، حيث أوضح أن ادارة أوباما كانت تدعم تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني المصنّف ارهابيا، بشكل رسمي وعلني نهاية العام 2014، وقامت بعد ذلك بسحب بطارية صواريخها من الحدود التركية ممهدةً الطريق للإنخراط العسكري الروسي المباشر في الملف السوري بضوء أخضر وتشجيع من ادارة أوباما تحت شعار مكافحة الإرهاب.

وكانت وزارة الخارجية التركية قد أعلنت منتصف شهر أب/ أغسطس 2015، في بيان رسمي نشرته على موقعها الرسمي، بعنوان "إعلان مشترك بين الحكومة التركية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية"، أن الولايات المتحدة الأمريكية أبلغت الحكومة التركية أنها قررت عدم تمديد فترة بقاء منظومة صواريخها الدفاعية "باتريوت" في الأراضي التركي بعد انتهاء مدتها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وأنها مستعدة لإعادتها مع الكادر العامل فيها خلال أسبوع واحد عند الحاجة، وتشاورت في الأمر مع الحلفاء المعنيين.

وعلى خلفية ذلك، حذّر مسؤول رفيع المستوى في حلف شمال الأطلسي "ناتو" خلال تصريحات أدلى بها لوكالة الانباء التركية "الأناضول"، من استمرار خطر سقوط الصواريخ السورية إلى الأراضي التركية، مؤكدًا احترام الحلف لقرار ألمانيا والولايات المتحدة الامريكية بشأن سحب منظومة صواريخها الدفاعية "باتريوت" من الأراضي التركية.

وقال باكير إن توجّهات إدارة أوباما  أثارت حنق حلفاء أمريكا المفترضين في المنطقة كتركيا والسعودية، فقد أضرت سياساته هذه بأمنهم القومي، وقوّت من منافسيهم وأعدائهم، وفاقمت من تصدير المشاكل إليهم، وسمحت بتدمير سوريا تماماً وقتل مئات الآلاف من المدنيين وتهجير الملايين. وعندما حاولت هذه الدول طرح الحلول كاقامة منطقة آمنة وتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة نوعيّة والضغط على الأسد لإخراجه من السلطة، رفضت ادارة اوباما ذلك بشدة و قامت بجعل موضوع محاربة الارهاب أولويّة.

وأضاف باكير أن إدارة أوباما كانت تعتقد أنّ التركيز على ملف الارهاب سيؤدي الى تجاوز التناقضات بين مصالح روسيا وإيران من جهة ومصالح تركيا والسعودية من جهة أخرى وعندها يصبح الجميع في خندق واحد ويتم تجاوز مشكلة الأسد. لكنّ ما حصل هو العكس، فهذه الدول كانت تقول دوماً ما لم يتم إخراج الأسد فانّ التطرف سيزداد والطائفية ستزداد والارهاب سيزداد واللاجئين سيزدادون والوضع سيتدهور، ولن يكون هناك نتائج حقيقة في التركيز على "داعش" دون الاسد لأنّ التنظيم نتيجة وليس سبباً لما يجري في سوريا.

في منتصف العام 2015، بدأت التحضيرات الروسية للتدخل العسكري في سوريا لصالح دعم الأسد، ورافقت إجتماعات فيينا-1 وفيينا-2 إنطلاق العمليات العسكرية لتخدم هذه الفكرة وتعطي شرعية لدخول روسيا المسار السياسي والعسكري في سوريا. وكل ما جرى بعد ذلك هو لإضعاف المعارضة السورية المعتدلة أكثر وانهاء الثورة السورية وإعادة إنتاج نظام الأسد.

لقد روّجت الادارة الأمريكية، بحسب باكير، لمقولة ان روسيا ستضغط على الاسد وأنّ ايران ستتراجع وأنّ الجميع يجب أن يذهب الى التفاوض. ما حصل حقيقة بعدها هو أنّ الاسد لم يتعرض لأي نوع من أنواع الضغط، بل على العكس قامت روسيا بدعمه بشكل علني سياسياً وعسكرياً، كما قامت إيران علناً بارسال المزيد من قواتها العسكرية ومن ميليشياتها الطائفية.

خلال المفاوضات في العام 2016، لم يتم إجبار الاسد حتى على تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالتوقف عن استخدام استراتيجية التجويع ضد المدنيين والافراج عن آلاف المعتقلين تعسفيا وايقاف القصف بالبراميل واستهداف المنشآت المدنية عمداً كما ينص عليه القرار الدولي 2254.

وبيّن باكير، أن أوباما كان قد قال في بداية مارس 2016، في مقابلة مع مجلة (ذا أتلانتك) إنّه "فخور جدا" بعدم استهدافه للأسد بعد المجزرة الكيماوية، وفي نهاية مارس كانت ادارة أوباما قد وافقت على عدم مناقشة مستقبل الأسد في المفاوضات، وهكذا انتقل كلام الادارة الامريكية من "الاسد يجب أن يرحل" في العام 2011 الى "الأسد لا يمكن أن يختفي فجأة"، ثم لاحقاً الى "لا مانع من بقاء الأسد لفترة معيّنة" وصولاً الى الحقيقة الحالية التي تُقرُّ رحيل الشعب السوري وبقاء الأسد!"

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!