أحمد تاشكاتيران – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
في تقييم سابق للأوضاع في الشرق الأوسط كنت قد كتبت وقلت "إن الأوضاع في المنطقة في حالة مضطربة اختلط فيها الحابل بالنابل بسبب صوت البنادق التي تعلو على كل الأصوات، وعندما يلتقي خصمان ببندقيتهما ويطلقان على بعضهما البعض فإننا وفي الوهلة الأولى لا نستطيع أن نحدد من هو المنتصر، إذ لا بد أن ننتظر ونرى من سيسقط أولا..."، ما زال هذا القلق القديم يساورني إلى الآن ويقض مضاجعي. في أيام المرحوم أوزال كنت قد كتبت مقاله بعنوان "دحرجة البهلوان" معلقا فيها على أحداث دخول العراق وقلت حينها "إذا لم نكن نملك القوة الكافية والمناسبة للتعامل مع المستجدات فإننا سنعاني من أي تصرف غير رشيد".
كنت دائما أطالب بغلق ملف المئة عام الماضية وأتساءل إن كنا نملك القوة لفعل ذلك، حتى جاء الربيع العربي وتساءلت حينها "هل سيكون هذا الربيع هو موجة التغيير المرتقبة لكل العالم الإسلامي؟"، وقلت: "نحن نحتاج إلى قوة حقيقية ننتصر بها في المعركة لا بعراك صغير". نعيش في هذه الأثناء الذكرى المئوية لتقسيم سايكس وبيكو، وبينما يتغنى كل أناس بخطته؛ نسمع أصواتا كثيرة تتعالى وتطالب بتقسيم آخر يكون أكثر عدلا من سابقه الذي كان ظالما عليهم!
في الأول من الشهر الجاري لهذا العام كنت قد كتبت معلقا على خطاب نائب الرئيس الأمريكي بايدن حيث قال "أطلب منكم أن تتفكروا فيما حققناه، لقد حددنا معالم حدود المناطق السنّية، وأعطينا كل الحقوق للشعب ذي الاختلافات العرقية والدينية والثقافية، فتمسكوا بما حققتم وتعايشوا معه"، ما الذي يقوله نائب الرئيس الأمريكي؟ وما هي حدود المناطق السنّية التي كان قد سمّاها؟ وهل يؤكد في كلامه هذا على دعم التقسيمات العرقية والدينية والثقافية؟
في هذا الموضوع نرى صحيفة نيويورك تايمز وقد خرجت بخرائط جديدة مبنية على ما قاله الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية وودرو ولسون "من حق الشعوب تقرير مصيرها". لقد قسّمت خرائط الصحيفة كلا من الأراضي العثمانية وبلاد ما بين النهرين وكردستان وإزمير وأرمينيا وسوريا وتركيا، فجعلوا مثلا في تركيا إسطنبول كإقليم مستقل دولي، وجعلوا إزمير منطقة مستقلة. ليظهر هنا البون الواضح بين مطالبنا التي تسعى من اجل إعادة توحيد العالم الإسلامي المتفكك إثر التقسيمات البريطانية والفرنسية بعد الاحتلال، بينما تريد أمريكا زيادة تفتيت دول سايكس وبيكو أكثر مما هي مفتتة بناء على القومية والطائفية الدينية والاختلاف الثقافي. ويعلق مسعود برزاني على اتفاقية سايس وبيكو ويقول "لقد قسموا الشعوب وفتتوها من دون أن يستشيروا الشعب والناس، ونحن لن نقبل بأن تتم إعادة تشكيل خرائط المنطقة مثلما حصل مع خرائط المئة سنة الماضية".
ماذا تقولون وماذا تعتقدون فيما سبق؟ هل هنالك فرق بين كلمات برزاني وبايدن؟ هل تشمل كلمات بايدن دعم أمريكا لحزب الاتحاد الديمقراطي رغم المعارضة التركية؟ وهل نملك القوة الكافية من أجل غلق فترة المئة سنة الماضية حسب ما نريد ونشتهي؟ وهل رسائل دميرطاش التي يحملها إلى بروكسل وموسكو هي من أجل إعادة مفاوضات السلام والاندماج في المكون التركي أم هي من أجل تذكيرهم بالانفصال ونظام الحكم المحلي؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس