ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي، محمد زاهد غول، أن القيادة الإيرانية وحزب الله اللبناني فقدوا كل مصداقية أخلاقية لهم بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، وخسروا قضيتهم في إيران ولبنان وسوريا والعراق، بقتلهم لأكثر من مليوني مسلم في هذه البلاد.
وعبّر غول في مقال له بصحيفة "القدس العربي"، عن استغرابه حيال الصمت الذي يمارسه رؤساء البلاد العربية والإسلامية وهم يسمعون صباح مساء تهديد ميليشيات الحشد الشيعي السيستاني لمدينة الفلوجة أو لمدينة الموصل، وقد شاهدوا قبل أيام تدمير مدينة الرمادي، حتى قال مراقب أجنبي: لقد كان ثمن تحرير الرمادي من أيدي داعش تدمير الرمادي كلها"، كمن يسعى لتحرير رهينة فيؤدي إلى قتله ثم يقول لقد نجحت عملية تحرير الرهينة، فهذا ما يؤكد أن هناك إصراراً مسبقاً على ما يتم فعله، في تدمير مدينة الرمادي كمقدمة لتدمير مدينة الفلوجة كمقدمة لتدمير مدينة الموصل وهكذا.
وأشار غول إلى أن هذا الأمر يؤكد على وجود خطة مبرمجة لتدمير المدن العربية الإسلامية في العراق، وبالأخص التي توصف بالسنية منها، والتي لا يتم تدميرها تخضع لعملية تطهير عرقي وتغيير ديمغرافي، فمهدي العامري قائد ميليشيات بدر الشيعية الطائفية طالب علانية سكان الفلوجة مغادرتها وإخلاءها، لأن الخطة ليست تحرير الفلوجة وإنما حرقها، والقصف المدمر الذي بدأ قبل بدأ المعارك في الفلوجة يثبت ذلك، وفي نفس الوقت لا تجد من يعمل لوقفها ولو في المستوى الشعبي، طالما أن الزعامات السياسية في البلاد العربية والإسلامية عاجزة عن فعل شيء، أو ممنوعة أن تفعل شيئا، أو قيل لها بأن ما يجري في تدمير المدن العربية والإسلامية العريقة والحضارية هو مصلحة عربية وإسلامية، ولكن كيف؟ ولماذا؟ ولمصلحة من؟
وتابع الكاتب التركي:
كيف لا يدرك الزعماء في البلاد العربية والإسلامية أنهم بسكوتهم إنما يقتلون أنفسهم على أيدي أنفسهم قبل أعدائهم، فالاقتتال الجاري في العراق وسوريا واليمن ولبنان وبعض مشاكل دول الخليج العربي واضحة الأسباب والدوافع، والخطة واضحة جداً لدرجة بلغت حد الإسفاف والاستخفاف والاحتقار للطرف العربي، فخطة تدمير الفلوجة تعلن عن مواقفها الأيديولوجية الشيعية الطائفية، وهذا يكشف عن الجهة التي وضعت هذه الخطة وهي القيادة الإيرانية الطائفية، وان الميليشيات العراقية مثل ميليشيات عصائب الحق أو فصيل أبو الفضل العباس أو ميليشيات بدر وهي وغيرها من مكونات الحشد الشعبي الذي أسسه المرجع المذهبي الطائفي السيستاني.
إن إيران تعلن عن عدوانها على البلاد العربية بكل وسائل إعلامها صراحة ودون مواربة، ولا تسمع من الزعماء العرب رداً، لقد صرح متحدث إيراني على قناة الجزيرة بتاريخ 25/5/2016 وبكل استخفاف بالعرب والمسلمين،: "إن الهجوم على الفلوجة قد صدر في حقها فتوى من المرجعية الدينية العليا"، وهو بذلك يقصد مرجعية خامنئي لأنه لا يرى مرجعية مذهبية أعلى منها، كما أن قائد الحملة العدوانية الإيرانية الخارجية الجنرال قاسم سليماني لم يعد يخفي حضوره وتواجده في قيادة المعارك الإيرانية ضد العرب في العراق وسوريا، فقد ظهر أولاً في اجتماع مع قادة المليشيات الشيعية الطائفية في اليوم الأول السابق لبدء العدوان الإيراني على الفلوجة بتاريخ 24/5/2016، ثم ظهر في اليوم التالي وهو يجتمع مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي على أبواب الفلوجة، وهم يتابعون عمليات اليوم الأول في الهجوم العدواني على الفلوجة، وفي ذلك تحد للعراقيين أولاً، وتحد للعرب والمسلمين ثانياً.
أما جنود المرتزقة من العراقيين العرب الذين يقاتلون مع الحملة الإيرانية في العراق فهم يدعون للانتقام من اهل الفلوجة، بحجة أن كل من فيها هم إرهابيون ومجرمون وكفرة، وتتنافس الميليشيات الطائفة الشيعية العراقية الرسمية والأهلية على تدمير مدينة الفلوجة وقتل أهلها بحجة قتل الإرهابيين، وهم لا يدركون أنهم جنود مرتزقة وضحايا بأيدي العدواني الطائفي الإيراني، بل تأتي الجيوش الإيرانية أمام أعينهم وتعلن عن قدومها، ويأتي الحرس الثوري الإيراني، وتقدم وسائل الإعلام العراقية قبل غيرها صور المحتلين الإيرانيين من أمثال قاسم سليماني زعيم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وهو يشرف ويقود عمليات تدمير الفلوجة، ويلتف زعماء الحشد الشعبي العراقي وحزب الله اللبناني من حوله وكأنهم أمام بطل عظيم، وهو محتل أجنبي طائفي يعلن عن انتقامه من العراق وشعبه.
فكيف يتم هذا الاعلان الصريح عن العدوان والاحتلال الإيراني، ويفاخر بقتاله وقتله للمسلمين في العراق وسوريا ولا يتحرك زعماء البلاد العربية والإسلامية، لا يفسر ذلك إلا أن هؤلاء الزعماء مشتركون في هذا العدوان بواسطة السيد الأمريكي، وحجتهم أو ذريعة سكوتهم انها لمحاربة تنظيم الدولة أو داعش، بينما القتل والضحايا من الشعب العراقي العربي، فأمريكا هي التي تقود الحرب الطائفية الشيعية الإيرانية، فهي التي تسمح لهم أين ومتى يغزون هذه المدن إن كانت الرمادي أو الفلوجة او الموصل وغيرها، وهي التي تسمح لهم في هذا المكان او ذاك بادخال الحشد الشعبي القاتل أو لا، ولا يملك زعماء البلاد العربية منعاً ولا رفضاً، حتى يأتهم الدور ويجدون قاسم سليماني على أراضيهم وفي مدنهم، وهو يجند مرتزقة جددا كما جند الحوثيين وهم عنه غافلون.
لا شك أن القيادة الإيرانية وحزب الله اللبناني قد فقدوا كل مصداقية أخلاقية لهم بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، وأنهم خسروا قضيتهم في إيران ولبنان وسوريا والعراق، بقتلهم لأكثر من مليوني مسلم في هذه البلاد، دون أن تكون لهم صلة بهذا التنظيم الذي يوصف بالإرهابي أو غيره، لأن القتل بالملايين سبق وجود الدولة الإسلامية في العراق والشام بسنوات طويلة، إن لم يكونوا هم، أي قيادة إيران والعراق في عهد المالكي وبشار الأسد هم من اوائل المؤسسيين لهذه التنظيمات الإرهابية، سواء اخذت اسما طائفيا شيعيا أو من عموم المسلمين.
أما لماذا ؟ فلا بد من أخذ المرحلة الزمنية والتاريخية التي اختارت فيها القيادة الإيرانية الطائفية الشيعية القيام بعملية الانتقام من المسلمين في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها، وهي المرحلة التي اختارت أمريكا ان تصنع عدوا حضاريا لها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما جاء في مذكرات الرئيس الأمريكي نكسون في كتابة الفرصة السانحة وغيرها، فسعي مراكز الأبحاث الأمريكية والكتاب المنظرين في صدام الحضارات قد هيأوا الأرضية الفكرية الصليبية والصهيونية لمحاربة الإسلام والمسلمين، وبالأخص في البلاد العربية وتركيا لأنها قلب العالم الإسلامي، الذي انطلقت منه الدول الإسلامية الحضارية الكبرى في الدولة الأموية والعباسية والسلجوقية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، فهذه القوميات الإسلامية الكبرى من العرب والأتراك والكرد والشركس وغيرهم هم من قادوا الدفاع عن الإسلام والمسلمين في الأربعة عشر قرنا الماضية، ولذلك جاء التفكير العدواني في مراكز الأبحاث الغربية الأمريكية والصهيونية بدراسة كيفية التغلب على هذه القوميات التي حملت الإسلام لسكان الكرة الأرضية، والعمل على شلها، وتكسير أرجلها، وتحطيم طموحاتها بالعودة إلى الريادة والنهضة الإسلامية الثانية، التي أخذ المسلمون الحديث عنها منذ أربعة عقود تقريباً.
هذه القوميات العربية والتركية والكردية والشركسية المقيمة في البلاد العربية والتركية والكردية يجري الآن تدمير مشروعها الاستقلالي من قبل الدول الكبرى التي تحمل مشروع صراع الحضارات وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني الإسرائيلي المحتل لأرض عربية وإسلامية هي فلسطين، وقد يكون عجز العرب والمسلمين عن تحرير فلسطين خلال خمسة عقود قد اطمع الإدارة الأمريكية ووزارة دفاعها البنتاغون أن تطمح وتطمع باحتلال بلاد إسلامية وعربية على الطريقة الصهيونية والإسرائيلية، طالما أن العرب والمسلمين بهذا العجز والضعف والتخلف، ومع ذلك فقد عملت أمريكا بالتعاون مع أرباب المشروع الصهيوني لاختلاق الأسباب التي تبرر خروج الجيش الأمريكي خارج حدوده، حتى يبدو ذلك حربا دفاعية أمام الشعب الأمريكي اولاً، وامام شعوب العالم ثانياً، وأمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن ثالثاً، فتم اختلاق أحداث أيلول/سبتمبر 2001 بغض النظر عمن نفذها، لأن الإرهابي الحقيقي هو من خطط لها، أو من سكت على تنفيذها وهو يستطيع منعها قبل وقوعها دون أن يفعل شيئاً، كما أقر بذلك مدير المخابرات الأمريكية السابق جورج كنت في كتابه عن أحداث سبتمبر في نيورك، ولكن الكتاب تم منعه ومصادرته من الأسواق، لأن السلطة الأمريكية الحاكمة تمنع كشف الحقيقة، وتشير بأصابع الاتهام إلى الإيرانيين مرة وإلى السعوديين مرة أخرى، ولكن العقوبة المبرمجة أو ردة الفعل الأمريكي المخطط لها ذهب لمعاقبة ملياري مسلم في الأرض، باتهام الإسلام بالإرهاب، وأن المسلمين حملة مشروع إرهابي قابل للانفجار في أي وقت، وبالأخص عند المسلمين الذين يعلنون تمسكهم بالإسلام، أو يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية، أو ينظمون أنفسهم للدفاع عن أنفسهم ضد المحتلين الأجانب سواء كانوا اسرائيليين صهاينة أو أمريكيين صليبيين غربيين، أو صليبيين شرقيين مثل الروس والصرب وأتباعهم.
هذه خلفية الحروب التي شنتها أمريكا على المسلمين في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وباكستان والصومال ولبنان وغيرها، فكل غارة أمريكية بطيار أو بغير طيار وقتلت مسلما في مشارق الأرض ومغاربها هي جزء من الحرب الصليبية العامة التي تخوضها العقلية الأمريكية اليمينية المتصهينة، والتي بدأ بتنفيذها جورج بوش الأب، في حرب الخليخ الثانية عام 1990ـ1991، مستغلاً احتلال صدام حسين للكويت عام 1990، واكملها ابنه بوش باحتلال العراق عام 2003 وتدميرها، ولا يزال يواصلها المحامي باراك اوباما بمكر وخداع، بعد ان أخذ الحليف السري لأمريكا في حربها الصليبية على المسلمين يظهر صورته علانية ودون خجل ولا حياء ولا خوف من الله تعالى، فمن المفترض أن يكون خوفه من الله رادعاً له عن التحالف مع الصليبيين أو منفذا لمشاريعهم، ولو كانت تخدم مشاريعه أيضاً، بحكم انه يدعي تمثيل مشروع إسلامي في إيران منذ عام 1979، بينما أثبت الواقع أنه يمثل مشروع انتقام طائفي تاريخي ضد العرب والأتراك والكرد والشركس وضد الأمة الإسلامية، لأنها لا تشاركه في الذهنية المذهبية الطائفة الحاقدة على الإسلام والتاريخ الإسلامي، ومن كان يمثله من المسلمين في التاريخ أولاً، ومن يمثله في الحاضر ثانيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!