بارين كايا أوغلو - صحيفة المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
أعلنت شركة بال بال العملاقة للدفع الإلكتروني في الـ31 من أيار/ مايو أنها ستوقف عملياتها في تركيا. وقالت شركة الخدمات المالية ومقرها كاليفورنيا إن وكالة التنظيم والإشراف على عمل البنوك التركية (بي دي دي كي) رفضت منح الشركة ترخيصا. وابتداء من السادس من حزيران/ يونيو لن يكون بمقدور المستخدمين في تركيا تحويل الأموال أو شراء السلع والخدمات عبر باي بال.
أحدث الخبر عاصفة صغيرة. أشار إنجريد لوندين المحرر والكاتب في موقع "تيك كرانش" إلى أن هذا التطور الجديد قد يكون جزءا من الجهود التي تبذلها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان لإظهار سيطرتها على قطاع التكنولوجيا.
صحيفة "سوزجو" المعارضة لحزب العدالة والتنمية وضعت عنوانا مثيرا "غادر محمد شيمشيك نائب رئيس الوزراء منصبه وانتهت باي بال". على الرغم من أن شيمشيك احتفظ بمنصبه في حكومة رئيس الوزراء الحالي بن علي يلديريم، فإنه لم يعد يشرف على (بي دي دي كي). يُعد محمد شيمشيك لاعبا رئيسيا في معسكر الإصلاح الواقعي في حزب العدالة والتنمية، وصديقا للمستثمرين الأجانب. ويمكن أن ينظر إلى تقلص دوره وإلى مشاكل باي بال على أنها ضربة للمدافعين عن اندماج أوثق لتركيا في الاقتصاد العالمي.
يعكس سخط جينك سيدار هذا الشعور. كتب جينك، وهو عضو في حزب المعارضة الرئيس حزب الشعب الجمهوري، ويرأس شركة سيدار ومقرها واشنطن للاستشارات العالمية، تغريدة على موقع تويتر في 31 أيار/ مايو "هل يدرك من رفضوا منح تصريح لباي بال الضرر الذي أوقعوه على النشاط الاقتصادي والتجاري؟ وزعم جينك أنه بدون باي بال سيكون من الصعب جدا على رجال الأعمال البيع في الخارج، وسيكون من الصعب على الفنانين العمل في مشروع.
ولكن هل الأمور حقا على هذا النحو من السوء بالنسبة لتركيا أو لباي بال؟ ليس صحيحا.
في تصريح لوكالة الأناضول المملوكة للدولة في الثاني من حزيران/ يونيو قال رئيس وكالة (بي دي دي كي) محمد علي أكبين إن شركة باي بال لا تريد الالتزام بالقانون التركي. وقال أكبين إنه على الرغم من أن (بي دي دي كي) أبلغت باي بال دائما خلال الاجتماعات والرسائل المكتوبة أن على الشركات أن تحضر نظم معلوماتها وأنظمة النسخ الاحتياطي إلى تركيا، لكن شركة باي بال رفضت المبادرات التركية. وأشار كبين إلى أن شركات دولية مماثلة امتثلت للقانون التركي.
قدمت خبيرة التكنولوجيا الرائدة وسيدة الأعمال فوسون سارب نبيل تفاصيل إضافية لموقع المونيتور عن وضع شركة باي بال، وأوضحت كيف رفضت باي بال الامتثال للقانون العمومي التركي رقم 6493 بشأن المعاملات النقدية الإلكترونية. وبموجب القانون الذي شرع في حزيران 2013 لكنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى نهاية العام الماضي، يمنح مزودو الخدمات مهلة للامتثال للقانون التركي، حيث يجب على شركات الدفع عبر الإنترنت أن تدير مخدماتها في تركيا، وتخزّن بيانات المستخدمين الأتراك في تلك المخدمات. والمنطق، بحسب نبيل، تأكيد سيادة القانون التركي وحماية المستهلكين الأتراك في المعاملات التي تقع في الأراضي التركية، ولاسيما في حالة وجود نزاعات قضائية. وحتى الآن لا يمكنك مقاضاة باي بال في تركيا.
وتذكر نبيل سببا آخر لطلب وضع خوادم باي بال في تركيا، وهو تتبع الكيانات التركية التي يمكن أن تشارك في عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ومع أن نبيل نفسها ليست من مؤيدي الإجراءات التنظيمية للدولة التركية، فإنها تؤيد (بي دي دي كي) في موقفها من باي بال، وتشير إلى أن الاتحاد الأوروبي طلب أيضا من شركات الدفع الدولية أن تضع مخدماتها على أراضيه. يوجد ما يقارب 150 من شركات الدفع المماثلة لباي بال، وتمكنت كثير من هذه الشركات من الحصول على تراخيص وهو ما لم تفعله باي بال. وأضافت نبيل أن باي بال تملك مصرفا في لوكسمبورغ يخضع لقانون الاتحاد الأوروبي.
وردا على سؤال هل سيؤثر انسحاب باي بال على التجارة الإلكترونية في تركيا، قالت نبيل إن التأثير سيكون ضئيلا للغاية. ثمة مجموعة واحدة ستتأثر سلبا وهم مصممو الغرافيك وبناة المواقع الذين يجرون تعاملات مع العملاء الدوليين. وهناك مجموعة أخرى ستتأثر سلبا، وهم المقامرون الذين يفضلون إجراء معاملاتهم على الإنترنت. وفيما عدا ذلك وحتى تتم خصخصة اليانصيب الوطني التركي، فإن ألعاب القمار لا تزال غير مشروعة في تركيا. باي بال ليست لاعبا كبيرا في التجارة الإلكترونية التركية.
وعلى ذلك إذا كان رحيل باي بال ليس بالقضية الكبيرة ومن المحتمل أن يكون مؤقتا، فلماذا كل هذه الضجة؟
السبب الرئيس هو أن الإدارة الاقتصادية في ظل حزب العدالة والتنمية كانت شأنا مختلطا منذ أن وصل الحزب إلى سدة الحكم في عام 2002. فبينما عهدَ الحزب الحاكم إلى رجال أذكياء ومؤثرين بإدارة الاقتصاد التركي، مثل شيمشيك وسلفه علي باباجان الذي درس الاقتصاد في الولايات المتحدة، فإن الرئيس التركي والمقربين منه ضغطوا من أجل قرارت شعبوية، مثل المشاريع المتوسطة والصغيرة لتوظيف العمال للحد من البطالة، ودفع البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
وفي هذا السياق يبدو مأزق باي بال على أنه محاولة تعسفية من الحكومة لطرد شركة أمريكية لإقامة مساحة للمتنافسين الأتراك.
وفي الواقع فقد رأى بعض المنتقدين لحزب العدالة والتنمية أن الإطاحة بشركة باي بال جزء من مؤامرة لتعزيز بطاقة الدفع التركية (بي كي إم) المعروفة بطريقة الدفع التركية (تروي). تأسست (بي كي إم) عام 1990 لتبسيط تعاملات البطاقات الائتمانية بين مختلف البنوك التركية، ولذلك فربما تستفيد مجموعة من الإطاحة بباي بال.
لكن نبيل ترفض ذلك الادعاء وتقول إن (تروي) سوف تنافس بطاقات الائتمان التقليدية مثل ماستر كارد وفيزا، وليس باي بال.
وتقر نبيل بأن المنافسين الأتراك ليسوا حزينين على وضع شركة باي بال. من بين هؤلاء المنافسين شركة (ليزيكو) ومقرها إسطنبول التي نجحت في هزيمة باي بال في السوق الإيراني المربح. ومن المرجح أن ليزيكو وغيرها من الشركات ستعزز تقدمها في سوق الشراء والمعاملات عبر الإنترنت في تركيا والمنطقة.
وفي النهاية إذا صحت الشائعات بأن باي بال تتفاوض مع شريك محلي لتتوافق مع القانون التركي، فإن سوق الدفع الإلكتروني في تركيا سوف يصبح أكثر إثارة للاهتمام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس