جلال سلمي - خاص ترك برس
شهدت الآونة الأخيرة زيارات متتالية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أفريقيا، حيث قُدر عدد زيارات أردوغان للقارة السمراء خلال 18 شهرًا بـ10 زيارات كان آخرها زيارته لكينيا وأوغندا خلال الأسبوع الماضي.
وفي هذا السياق، لفتت صحيفة "فايننشال تايمز" الأنظار نحو توالي زيارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أفريقيا طارحة في تقريرها "السبب وراء تكرار أردوغان لزيارته لأفريقيا"، عدة تساؤلات عن سبب توالي الزيارات ذات الأجندة الاقتصادية إلى أفريقيا.
أسباب الزيارات التركية المتعددة لأفريقيا
كان التساؤل الأول الذي طرحته الصحيفة هو "لماذا يقضي الرئيس أردوغان وقتًا طويلًا في أفريقيا؟".
وفي معرض الإجابة على هذا التساؤل، تُشير الصحيفة إلى أن هناك سببين أحدهما سياسي والآخر اقتصادي، موضحةً أن الرئيس أردوغان يحمل هدفًا سياسيًا استراتيجيًا وهو حصول تركيا على موقع مؤثر في اللعبة السياسية ليس فقط على صعيد منطقة الشرق الأوسط، بل على صعيد القارة السمراء أيضًا.
وترى الصحيفة أن التوجه التركي تجاه القارة الأفريقية شهد حيويةً منقطعة النظير، إذ أصبح لدى تركيا 34 سفارة بعد أن كان لديها 7 فقط عام 2009، موضحةً أن أفريقيا أيضًا من أكثر المناطق الحاصلة على المساعدات الإنسانية التركية، إذ حصلت الصومال لوحدها على مساعدات تركية بقيمة 400 مليون دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأضافت الصحيفة أن الخطوط الجوية التركية كانت تذهب إلى سبع مطارات أفريقية فقط عام 2009، ولكنها الآن تذهب إلى ما يقارب 51 مطارًا في 34 دولة أفريقية، وبعدد هذه الخطوط سبقت شبكة الخطوط الجوية التركية خطوط الطيران الإماراتية وتساوت مع شبكة الخطوط الكينية والإثيوبية.
وفي حوار للصحيفة نفسها مع رئيس بنك تشارترد بانك الأفريقي الاقتصادي "رازية خان"، قال إنه يعتقد بأن الخطوط الجوية التركية ستزيد من خطوطها ورحلاتها لأفريقيا في الفترة الحالية، لكي يتسنى لها الوصول إلى هدفها الاستراتيجي الذي يتمحور حول جعل إسطنبول نقطة وصل بين قارات العالم القديم.
وفي إطار متصل، أفاد سفير نيجيريا إلى الأمم المتحدة "إبراهيم جامبري" بأن حجم التطور الملحوظ الذي حققته تركيا في أنشطتها الإنسانية والتجارية تجاه أفريقيا ينم عن القرار الاستراتيجي لتركيا التي تسعى إلى وضع قدم سياسي واقتصادي فعال لها في أفريقيا".
وفيما يتعلق بذلك طرحت الصحيفة سؤالًا آخر فحواه هل ترفع هذه الأنشطة من قوة روابط التجارة والاستثمار التركية في أفريقيا؟
وردًا على السؤال تؤكّد الصحيفة على أن تركيا تمكنت من تحقيق نجاح تجاري واستثماري ملموس في المناطق غير الآمنة سياسيًا واقتصاديًا مثل العراق وليبيا وإيران، وهذا يدل على القدرة العالية التي تتمتع بها تركيا في عمليات الاستثمار في المناطق المستقرة وغير المستقرة حتى.
وأردفت الصحيفة بأن المواطنين الأتراك بارعون في التجارة، وهم بحاجة ماسة للاتجاه نحو أفريقيا في الوقت الحالي، لتعويض ما خسروه في العراق وسوريا وليبيا وروسيا، نتيجة حالة التدهور الشديدة التي تمر بها تلك المناطق ونتيجة للأزمة الروسية التركية التي ظهرت للسطح عقب إسقاط القوات التركية لطائرة روسية حربية.
وحسب ما تبيّنه الصحيفة فإن تركيا تسعى إلى الولوج لمناطق تبعد عن المنافسة الأوروبية، لذا فإنها تتجه نحو الدول الأفريقية.
ووفقًا لمعطيات الصحيفة، فإن حجم التبادل التجاري مع أفريقيا ارتفع من 1.5 مليار دولار عام 2006 إلى 4.1 مليار دولار 2013، وقد ارتفعت نسبة النمو التجاري التركي الأفريقي بنسبة 5.1% بحلول نيسان/ أبريل 2016.
أما فيما يتعلق بالاستثمار التركي المباشر في أفريقيا، فتوضح الصحيفة أنه لم يشهد ذات الازدهار الذي يتمتع به الميزان التجاري وبقي على حاله كما هو منذ 3 عقود.
التحديات المتوقعة
تستعرض فايننشال تايمز التحديات التي يمكن أن تواجه رجال الأعمال الأتراك الراغبين في الاستثمار بأفريقيا، وتعدد منها:
ـ المنافس الصيني الذي يتمتع بعلاقات دبلوماسية واقتصادية قديمة ومتينة مع الدول الأفريقية.
ـ قلق رجال الأعمال الأتراك من دخول السوق الأفريقي، لعدم اكتمال بنيته التحتية وافتقاره لأدنى الخدمات التجارية والمستوى الأمني المرغوب به لإجراء أي عملية تجارية حسب ما يشير إليه سرب تارهانجي ممثل شركة كارادينز لإنتاج الكهرباء في غينيا.
ـ تواجد رجال الأعمال الأتراك التابعين "للكيان الموازي" بقيادة فتح الله غولن منذ زمن بعيد، حيث عملوا بالتجارة وأنشأوا العديد من المدارس والمستشفيات وغيرها من المباني الخدميّة، وعلى ما يبدو فإن نفوذهم القوي والمتجذر سيحول دون دخول عدد كبير من الشركات التركية الأخرى لأفريقيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!