أمين بازارجي - صحيفة - ترجمة وتحرير ترك برس
تعد كينيا وأوغندا من بين الدول الأفريقية الفقيرة، ويعيش مواطنوها على خط الفقر وتعاني من المجاعات، وذلك لأنّ هاتين الدولتين كانتا تغذيان الآخرين، وبرغم أنهما تجلسان على ثروات طائلة، إلا أنهما لم يكونا يستطيعان الاستفادة منها، لأنّ الغرب أخذها ورحل بها، وترك شعوب هذه الدول تعاني من الجوع وقلة الحيلة.
يوجد في افريقيا أكثر من مليار شخص، ويعيش اليوم 15% من سكان العالم في القارة الأفريقية، منهم ما يقارب 600 مليون إنسان لا يوجد في بيته كهرباء، فمن المسؤول عن هذا؟ بكل تأكيد هي الدول الغربية الاستعمارية، التي استعمرت هذه البلدان منذ مئات السنين، وما تزال تنهب خيراتها من النفط والألماس والذهب والبلاتين والمعادن الثمينة الأخرى، وتبني الدول الغربية رفاهيتها و"مدنيتها" على أنقاض شعوب تعاني الفقر والجوع برغم ثروات أراضيها الغنية.
لكن نحن مختلفون، فقد بدأنا مرحلة انفتاح واسع على أفريقيا، ورفعنا عدد سفاراتنا هناك إلى 40، والمزيد على الطريق، ونحن من قمنا بفتح الطريق الوحيد بين مطار الصومال ومركز المدينة، وفتحنا لآخرين مخازن للتبريد والهواء البارد، وأقمنا المستشفيات، ونحن من ساهمنا بزيادة عدد المدارس، ومصادر المياه، لكننا في مقابل ذلك لا نطلب الذهب والبلاتين والنفط، وإنما نكتفي بالدعاء، والابتسامات، وذكر الناس لنا بالخير!
هل توجد دولة أخرى تتصرف في أفريقيا مثلنا نحن؟ للأسف لا يوجد.
**
انظروا إلى الاتحاد الأوروبي، يتحجج بأي حجة من أجل أنْ لا يدعم اللاجئين السوريين بمبلغ 3 مليار يورو، برغم أنّ هذا الأمر في مصلحته ويخفف عليه أزمة اللاجئين المتدفقين إليه، لكن عندما يتعلق الأمر بالأموال يصبحون عميانا، ولا يستطيعون حتى رؤية مصلحتهم على المدى البعيد.
لكن في المقابل، قمنا نحن بصرف مليارات الدولارات من أجل اللاجئين السوريين، وقررنا تخصيص ثلث مساعداتنا في التنمية والنهضة للقارة الأفريقية، وهو ما يزيد عن مليار دولار، وهذا لا يشمل ما تقوم به منظمات المجتمع المدني التركية من مساعدات، حيث يصل مجموع قيمة المساعدات الكلية المقدمة من تركيا لمبلغ 5 مليار دولار.
ولو أردنا الحديث عن مساعدات الأضاحي، لما وسع المجال لذكر الأرقام، ومؤسساتنا المدنية مثل تيكا وآفاد والهلال الأحمر التركي، تتواجد في كل المناطق الأفريقية.
**
تعد القارة الافريقية من أهم المناطق الجغرافية الصامتة والتي تحمل أهمية كبرى، ولو وصلت لمرحلة استقرار ونالت شعوبها الحرية التامة، ستصبح من أقوى قوى العالم، وهذا الأمر تدركه الدول، ولذلك بدأت أمريكا والصين وأوروبا بالتوجه نحو أفريقيا، لكن عاداتهم القديمة ما زالت هي التي تحكم تصرفاتهم هناك، ويبحثون عن مصالحهم من خلال آلام الشعوب في القارة السمراء.
هذه الدول هي التي اضطهدت التشكيلات الدينية، وساهمت في ظهور منظمات راديكالية متشددة، وهم الذين ينشرون الفتن والنزاعات الأهلية التي تسببت بمقتل مئات الآلاف من البشر، هل تريدون مثلا على ذلك؟ ألم يسببوا في نشوب نزاع مسلح بين شعوب توتسي والهوتو لاختلاف شكل أنوفهم؟
التاريخ الأفريقي مليء بالمآسي التي جلبها الاستعمار الغربي، هم يعملون على ذرف دموع تلك الشعوب، ونحن نعمل على اسعادهم، فمن منكم ينسى مشهد الفرحة والابتسامة على الوزير الغاني عندما أعلن اردوغان عن منحه 30 حافلة من حافلات البلدية؟
نعم، هذا هو الفرق الهائل بيننا وبينهم!
**
تعمل تركيا الآن جاهدة من خلال الانفتاح على افريقيا، من أجل إعادة ترميم ما دمره، وفتته، ونهبه، وسرقه، الاستعمار الغربي، ونحن نعمل الآن على تنظيف قذارة الغرب التي نشرها في القارة الافريقية، لأننا مختلفون تماما عنهم، مختلفون تماما بدرجة تمنحنا الثقة والفخر كوننا مواطنون في الجمهورية التركية، وسيدرك الجميع اختلافنا عن الاستعمر الغربي مجددا في افريقيا، لذلك هم منزعجون جدا.
والانفتاح التركي على افريقيا، أحد الأسباب التي تجعل البعض يهاجمها ويفتري عليها، وينشر الإشاعات والاتهامات الباطلة، لأنهم يخافون أنْ تؤثر تركيا على مصالحهم التي ينهبونها من الشعوب الأفريقية. لكن مهما فعلوا ومهما قالوا، لن يؤثر ذلك علينا، وما داموا يتصرفون مع الشعوب المضطهدة بعقلية استعمارية، فإنهم لن يكونوا جزءا من مستقبل افريقيا، بل ستكون تركيا جزءا منه، وهذا ليس وصف مبالغ به، وإنما وصف نستخلصه من تعبيرات وجوه الشعوب تجاهنا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس