أكرم كيزيلتاش – صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

"ولو اجتمع من القدر كل الجفاء لن يوقفني من السير على طريق الولاء، فلو عدت عن أهداف الأمة سأكون عديم الأخلاق"، كلمات من قصيدة الحرية لنامق كمال... ماذا لو بدلنا كلمة القدر بكلمة الأعداء أو شيء على شاكلتها هل ستبدو القصيدة غريبة وغير مقبولة؟! لكن هذه هي حقيقة الحال الذي نقف قبالته وجها لوجه، فما تشير إليه الأبيات السابقة هو حال رئيس الجمهورية ومن يسير على دربه من الإداريين، ولا بد أنهم يرددون القصيدة هذه مرارا وتكرار ويقسمون أن لا يتراجعوا عن ثوابت الوطن والأمة.

فالبعض يفكر ويظن أنه يتوجب على تركيا ألا تخطو إلى الأمام أي خطوات من شأنها أن تضعنا على الطريق الصحيح للنمو والتقدم كما يؤمن البعض من هؤلاء أنه يجب على تركيا أن تتسمّر ثابتة في مكانها دون أي تقدم. من المؤكد أن هؤلاء وأعوانهم وأذنابهم في تركيا لا يقولون ذلك صراحة. وإنما يتخفون خلف عدد من المصطلحات الكونية العالمية وينمقون جملهم وينتقون كلماتهم في محاولات لإخفاء أحقادهم وأهدافهم الدفينة.

حرية التعبير هي إحدى الأمثلة على المصطلحات العالمية التي يتخفون بها. فحرية التعبير التي يتحدثون عنها موجودة في تركيا بقدر يفوق دولهم وولاياتهم، لكنهم لا يصدقون أو لا يريدون التصديق والإيمان بأن تركيا تسبقهم في هذا المجال فراسخ وأميال. فرغم أنهم يعلمون أن الصحف ومواقع الإنترنت والقنوات التلفزيونية أصبحت بمثابة جيش حاقد يهاجم الدولة والحكومة صباح مساء ويمطر المسؤولين بأقبح الشتائم والاتهامات؛ لكنهم ينتفضون محجتجين عند محاولة محاكمة من يسوقون الشتائم لرئيس الجمهورية ومحاولة مواجهتهم بالإدانة القانونية ويرون ذلك بمثابة تعدٍ على حقوق حرية التعبير. حتى أنهم اليوم يسعون لاستخراج قانون يسمح بموجبه توجيه الشتائم والاتهامات لرئيس الجمهورية وغيره من الإداريين في الدولة.

في الحقيقة، إن السبب الرئيسي لهذه الشتائم قد يكون المشاريع المثيرة للاهتمام والخطوات التركية المهمة على طريق التقدم.

فهم يحاولون منع المشاريع التي تُعدُّ بمثابة خطوات تخطوها تركيا على الطريق الصحيح ويستخدمون لذلك مجموعة من الأكاذيب والحجج المثيرة للعجب. فعلى سبيل المثال المطار الثالث الأكثر إعدادا وتجهيزا من مطار يشيل كوي (مطار أتاتورك الدولي) الذي من شأنه حل مشكلة تلوث أجواء إسطنبول والذي يتوقع له أن يحتل أهمية عالمية يؤذيهم ويثير ضغينتهم. ومثال آخر هو جسر ياووز سليم على مضيق البسفور والذي سيساعد على حل مشكلة أزمة المواصلات في إسطنبول، هذا الجسر الثالث الذي يسبب لهم الأرق وعدم الراحة.

من أين خرجت موضة تجهيز – إدارة – تسليم؟

هذا النوع من الاستثمارالذي يتعرض للهجوم والاعتراضات بحجة الطبيعة والبيئة، فهم جعلوا من الشجر والحشرات أكذوبة يستخدمونها لمهاجمة هذا النوع من المشاريع. فهم يتناسون كم التلوث الذي تتعرض له مدينة إسطنبول نتيجة مخلفات محركات الطائرات التي تحط وتقلع من مطار أتاتورك الدولي في منطقة يشيل كوي لأن البيئة في الحقيقة لا تهمهم وإنما يحاولون استخدامها كحجة فقط، ذات الشيء ينطبق على أحاديثهم عن الجسر الثالث الجديد فهم يتناسون كم الفوائد البيئية التي سيحققها.

هم لا يتحدثون عن أساس المشكلة علانية ويبقونه في صدروهم. المسألة هي أن هذه المشاريع الكبيرة تسبب المخاوف لدول أخرى لكنهم لا يملكون الجرأة للتصريح عن ذلك علانية. فالمطار الثالث في إسطنبول يؤثر على مطار فرنكفورت ومطارات عالمية أخرى وسيؤدي إلى تراجع أهميتها كما أنه سيؤدي لارتفاع أهمية تركيا على المستوى العالمي.

أمر آخر لم أتحدث عنه هو طبيعة مشاريع ( جهِّز - استخدِم - سلِّم)، ففي العهود السابقة للجمهورية التركية كان يتم استلاف قروض من البنك الدولي من أجل إنجاز مشاريع كبرى وكانت مخاطرات سياسية تترتب على ذلك وينتج عنها نوع من التبعية لكن الآن الوضع مختلف إذا أن شركات فردية هي من تتبنى المشاريع وتتبنى استلاف القروض وتتحمل المخاطر المترتبة على هذه القروض دون تدخل الدول، الأمر الذي يعود على الشعب بالخير والنفع والمشاريع الناجحة الكبيرة.

اليوم تركيا تقف على قدميها، تستطيع أن تتخذ قراراتها الخاصة من تلقاء نفسها وتتبنى مشاريع وضعت تركيا على الطريق الصحيح وعززت مكانتها الدولية، كما أن الاستقرار الذي حققته تركيا والأمن الذي تساعد في إحلاله عالميا عزز كذلك من هذه المكانة العالمية لتركيا.

بالتاكيد هناك جماعات لا يعجبها هذا النجاح والتقدم. ولذلك يهاجمون رئيس الجمهورية ومن يشرف على إدارة الدولة بأبشع التهم والشتائم.

لكن ما يقوله رئيس الجمهورية والإداريون في الدولة معروف وقد قاله نامق كمال من قبل "ولو اجتمع من القدر كل الجفاء لن يوقفني من المسير على طريق الولاء فلو عدت عن أهداف الأمة ساكون عديم الأخلاق".

عن الكاتب

أكرم كيزيلتاش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس