أكرم كيزيلتاش – صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس
يسود في تركيا قلق إنساني، والحقيقة أننا محقون بهذا القلق... فالهجمات الإرهابية المتصاعدة هي المصدر الأساسي لهذا القلق وهذه المخاوف. كما أن وجود نواب تحت قبة البرلمان يدعمون الإرهابيين ويبررون تلك الأعمال وينقلون السلاح بكل جرأة لهذه المنظمات الإرهابية مصدر مهم وحقيقي للقلق أيضا.
لا يقدم هؤلاء النواب الدعم المطلوب لمحاربة الإرهاب، لأنه يعارض مفاهيمهم وعقلياتهم. ولهذا تسبب قانون رفع الحصانة البرلمانية عن النواب بالقلق لدى السواد الأعظم منهم، فهؤلاء النواب معرضون الآن للمسالة والتحقيق ولن يجرؤوا على الإقدام على دعم أي عمل ضد الدولة، وقد يكون السبب ذاته هو مصدر القلق الأمريكي والأوروبي. فهذه الدول التي لم تصرح مباشرة عن سبب قلقها ومخاوفها تتحجج بأن نوعية الديمقراطية في تركيا ما زالت منقوصة وليست على المستوى المطلوب! قبول التعديلات القانونية الخاصة برفع الحصانة الدبلوماسية عن أعضاء البرلمان سيفتح الباب أمام إدانة النواب والتحقيق معهم الأمر الذي يبدو أنه أثار مخاوف في الداخل والخارج على حد سواء.
المخاوف الداخلية دفعت أولئك الأكثر تأثرا بالتعديلات القانونية الجديدة لأن يرموا بأنفسهم خارج حدود الوطن، الاتحاد الأوروبي بدوره يصر على أن السماح بمرور قانون رفع الحصانة الدبلوماسية يعد "مصدرا لإثارة القلق"، وكان قد صرح أحد مسؤوليه قائلا: "لا بد من أن يتم تطبيق قانون رفع الحصانة الدبلوماسية وفق معايير خاصة تتمتع بالشفافية بعيدا عن التمييز، ولا بد من أن يتم التعامل مع كل قضية على حده بغض النظر عن الموقف السياسي للنواب".
فالاتحاد الأوروبي يريد من وراء هذه التصريحات أن يقول: "ما دام من الممكن التعامل مع كل قضية بشكل منفرد ما الداعي لرفع الحصانة بشكل كامل ودفعة واحدة عن الجميع". المتحدث باسم مساعد وزير الخارجية الأمريكي كان قد استخدم كلمات مشابهة حين قال: "تشعر الولايات المتحدة الأمريكية بالقلق حيال إقدام الحكومة التركية بإقرار قانون رفع الحصانة الدبلوماسية الذي من شأنه أن يطال أكثر من مئة من نواب البرلمان التركي، فالأمر بمثابة تجميد لحرية التعبير في تركيا". في هذا التصريح الأمريكي هناك أمر آخر لافت للأنظار ألا وهو التأكيد على "أن هذه التغييرات القانونية قد تتسبب بضيق مساحة النقاش السياسي، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى سوء نوعية الديمقراطية في تركيا".
نصيحة بغير زمانها...
إن اهتمام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بالديمقراطية في تركيا أمر لافت للأنظار، لكن الأمر الأكثر جذبا للأنظار هو عدم تواني هذه الدول في التوقيع على قوانين وتطبيقات أكثر حدة وتطرفا في دولهم في ذات الزمن الذي يقدمون فيه الرشد والتوصيات لتركيا بطرق ملتوية تهدف لخلخلة النظام هنا.
فعندما يصبح موضع الحديث هو النواب الذين يدعمون الإرهاب بطريقة مباشرة وينقلون السلاح بسياراتهم الخاصة للجماعات الإرهابية يصبح تخمين وتوقع الميكانيكية التي ستعمل فيها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي غاية في الصعوبة. تعطينا ردة الفعل من قبل كل من الولايات المتحدة وإنكلترا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا على الأحداث الإرهابية في السنوات الأخيرة، وكيفية تعاملهم مع هذه القضايا فكرة واضحة عن طريقة وميكانيكية عمل وتعامل هذه الدول. لكن عندما تصبح تركيا هي موضع الحديث يتغير تفكير هذه الدول ونصبح مطالبين بالتغاضي عن نواب البرلمان الذين يدعمون الإرهاب.
لو عايشت دولكم ذات الأوضاع ما الذي كنتم ستفعلونه؟ لا أعتقد أن هناك إجابة على هذا السؤال. من الواضح والمعلوم أن أكثر أعضاء البرلمان تأثرا من هذا القانون الجديد هم أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي حيث أن التعامل مع الإرهاب ليس بالذنب الهين والبسيط. ولعل الدول الأوروبية القلقة تطمئن هؤلاء النواب وتقول لهم: "تحلوا بالسكون والهدوء يا إخوان، لا داعي للمبالغة في هذا الخصوص" فمن يعلم قد تتحلحل الأمور ولا يبقى داعي للقلق…".
النتيجة أن هذا القانون أرضى الشعب والجمهور وكان عند توقعاتهم. لا بد من القلق... أما قلق ومخاوف الغرب فهو مشكلتهم الخاصة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس