جلال سلمي - خاص ترك برس
صرح القيادي في حزب الشعوب الديمقراطي الكردي "ألتان تان"، الأسبوع المنصرم، بأن "التفجيرات الإرهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني الإرهابي الكردي داخل المدن الكُبرى هي عمليات إرهابية محضة"، مضيفا ً أن "هذه العمليات هي عمليات خاطئة وتؤثر بشكل سلبي على مصالح المواطنين الأكراد في تركيا".
اعتُبرت هذه التصريحات جريئة وفريدة من نوعها، حيث أنه على الرغم من بدء حزب العمال الكردستاني عملياته الإرهابية منذ تموز/ يوليو عام 2015، لم يقم حزب الشعوب الديمقراطي باستنكار ذلك وغالبًا ما عمل على توفير المناخ السياسي والإعلامي الداعم لها، ولم يأبه بدعوات الحكومة التركية المتكررة له بالاتجاه نحو استنكار هذه الهجمات والتراجع عن الدعم السياسي، ليحافظ على وجوده على الصعيدين السياسي والشعبي.
ومن جانبه، علق الخبير السياسي "نابي ميش" على تصريحات القيادي في حزب العمال الكردستاني، مشيرًا في مقاله بصحيفة صباح "ماذا يحدث داخل أروقة حزب العمال الكردستاني؟" إلى أن الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش نوّه عقب انتخابات 7 حزيران/ يونيو البرلمانية إلى أن "حزب الشعوب الديمقراطي هو الوحيد الذي يمتلك القدرة لجعل حزب العمال الكردستاني يخلع سلاحه وينصاع لعملية السلام ومبادئها"، ويضيف ميش أنه لم يمض الكثير على التصريحات المذكورة حتى أعلن حزب العمال الكردستاني انقلابه على عملية السلام، وعوضًا عن صمت حزب الشعوب الديمقراطي حيال الإحراج الذي مُني به نتيجة نقض حزب العمال الكردستاني لتصريحاته، اتجه لخلع ثوبه السياسي الشعبي، وشرع في دعم تحركات حزب العمال الكردستاني جهرا وعلانية.
ويُضيف ميش أن حزب الشعوب الديمقراطي لم يكتف بذلك بل ذهب إلى بروكسل وواشنطن وموسكو لطلب المعونة اللوجستية والسياسية لحزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي "الإرهابيين"، ولم ينتقد العمليات الإرهابية التي استهدفت المدنيين في أنقرة وإسطنبول وشارك في تشييع جثمان الإرهابيين الذين نفذوا التفجيرات المذكورة.
وفي ظل الدعم المفتوح من قبل حزب الشعوب الديمقراطي لحزب العمال الكردستاني، كسر تان حاجز الصمت وانتقد بلسان حاد الدعم السياسي الذي يقدمه حزب الشعوب الديمقراطي لحزب العمال الكردستاني، كما انتقد التفجيرات الإرهابية غير الإنسانية، على حد وصفه، التي يقوم بها عناصر حزب العمال الكردستاني هنا وهناك، والتي كانت آخرها وأشدها إيلامًا التفجير الإرهابي الذي استهدف أكثر من 20 فلاح في إحدى قرى مدينة ديار بكر.
وعن الخلافات الداخلية، أكّد ميش أن تان ذو خلفية إسلامية بخلاف القيادات الأخرى، وأن تصريحاته حمل في ثناياها الإشارة إلى أن المواطن الكردي أصبح مجرد آلة قتل مأجورة في يد الدول والمنظمات والجامعات المعارضة لحكومة حزب العدالة والتنمية، وإن لم يذكر ذلك إلا أنه أراد الإشارة ضمنيًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والتحركات اليسارية المتشددة و"الأتراك البيض" المعارضين لجميع إجراءات حكومة حزب العدالة والتنمية.
ويرى ميش أن تان وغيره الكثير من القيادات الكردية ضاقت ذرعًا بما يقوم به حزب العمال الكردستاني الذي يقض مضاجع المواطنين الأكراد ويقلق منامهم، بسبب ما يقوم به من أعمال إرهابية لم تتمكن من تحقيق أي هدف ملموس منذ انطلاقها وحتى الآن، وفي تصريحات تان خفايا تدلل على أن التيار الكردي المحافظ اكتشف خداع حزب العمال الكردستاني الذي ادعى تجميعه لكافة الاتجاهات السياسية الكردية تحت سقف توافقي واحد، إذ اتضح للجميع بأن حزب العمال الكردستاني يقوم بتطبيق أجندة تيارات تُبدي الصداقة وتخفي الخيانة لمصالح المواطنين الأكراد.
وفي إطار تصريحات تان، بدا اليوم السؤال الأكثر تداولًا عبر وسائل الإعلام وأقلام المحللين السياسيين هو هل يحدث انقسام واضح داخل حزب الشعوب الديمقراطي في الأيام القادمة؟ يجيب ميش بأن الحزب أو التيار اليساري الكردي اتبع على مر الزمان أسلوبين اثنين ضد من يعارضه من التيارات الكردية الأخرى هما:
ـ أسلوب التهديد والترهيب والقتل في بعض الأحيان، وقد وقع الكثير من الشخصيات السياسية والأكاديمية والإعلامية المرموقة داخل المجتمع الكردي لهذه العمليات مرارا وتكرارًا.
ـ تنظيم الجماعات والعشائر وغيرها من الكيانات المنظمة في إطار يكفل له عدم خروجه عن رأيه وطوعه.
وعلى الرغم من صعوبة تأسيس حزب كردي منفصل عن حزب الشعوب الديمقراطي إلا أن ميش يرى أنه ليس بالأمر المستحيل، خاصة في الوقت الحالي، إذ فقد حزب العمال الكردستاني نصيبه الأكبر من الدعم الشعبي نتيجة للأعمال الإرهابية التي قام بها، ولا شك بأن حزب الشعوب الديمقراطي أيضًا فقد نسبة كبيرة من قاعدته الشعبية نتيجة دعمه للتفجيرات الإرهابية التي أضرت بمصالح المواطنين، وهذا ما يُشير إلى إمكانية نشوء حزب كردي محافظ في المستقبل القريب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!