ترك برس
رأى الباحث الكردي، مدير مركز رووداو للدراسات "آزاد أحمد علي"، أن خطوط أنقرة الحمراء في سوريا تغيرت مرارا، لكنها لن تألو جهدا للتدخل "لوضع حد وسقف للحقوق السياسية التي يمكن أن ينالها الكرد في سوريا المستقبل".
جاء ذلك في مقابلة أجرته "الجزيرة نت" مع "علي"، حول آفاق الخلاف الامريكي التركي حول سوريا، حيث اعتبر تراجع تركيا أمام روسيا مؤخرا بعد اعتذار رئيسها رجب طيب أردوغان لموسكو على مقتل الطيار قبل أشهر "تراجعا" هدفه قطع الطريق على "الخطر" الذي يمثله تفاهم موسكو وواشنطن على دعم قوات سوريا الديمقراطية.
وفي قراءته للتطورات العسكرية الجارية حاليا في شمال سوريا، قال أحمد علي -وهو رئيس تحرير مجلة الحوار الكردي العربي- أن الاتصال بين الكانتونات الكردية الثلاثة (الجزيرة، عين العرب - كوباني، عفرين) بات "وشيكا وممكنا عبر الريف الشمالي لكل من الباب ومنبج".
وأشار علي أن التفاهم الروسي الأميركي غير مستقبل سوريا برمته، وقد ينسحب ذلك على المنطقة أيضا، وأن تركيا سارعت للتراجع أمام روسيا لقطع الطريق على مسألة في غاية الخطورة بالنسبة لأمنها القومي، وهي تتلخص في الدعم الروسي الأميركي المشترك لقوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي للجناح الكردي المهيمن عليها، وهذا ما لم يحدث قط في التاريخ المعاصر.
واستبعد الباحث أي تصعيد من قبل حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان ضد أميركا، فقد خسرت حكومة حزب العدالة الشوط الأكبر من معركتها، ولا بد من أن تعيد حساباتها، وأن تخفض من سقف أحلامها الإقليمية، إزاء ما قد ينتج عن التفاهم الأميركي الروسي الذي هو أهم من أي تفاهم آخر سواء مع تركيا أو غيرها، بل تركيا أكثر إستراتيجية من مستقبل العلاقات التركية الأميركية، سواء على صعيد المنطقة أو العالم.
وفي ردّه على سؤال حول الخطوط الحمر في تعامل الأميركيين مع أكراد سوريا من وجهة نظر أنقرة، قال علي: "لا أستطيع تحديد الخطوط الحمر من وجهة نظر أنقرة، فدقة الخطوط تخص مراكز القرار في تركيا، لكن ما يستشف من التصريحات المتكررة للسلطات التركية أنها لن تسمح بنشوء وضع مشابه لما حدث في العراق، بمعنى لن تسمح بتكوين كيان فدرالي كردي حسب الدستور وعلى أرض الواقع.
وأضاف بالقول: "بصيغة أكثر إسهابا كانت تركيا طوال عهدها الجمهوري تبدي حساسية عالية تجاه المتغيرات في الساحة السورية عموما وما يخص أكراد سوريا وبلاد الشام على وجه الدقة، فلقد سبق أنها اعترضت على اسم فريق رياضي بمدينة دمشق (فريق كردستان الرياضي) أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، وينبغي قياس المسألة الأهم على ذلك".
واعتبر علي أن طبيعة خطوط تركيا الحمراء في سوريا قد تغيرت وتمت إعادة رسمها مرارا وتكرارا، فقد كانت حمص خطا أحمر وحلب لاحقا، وكذلك تم تعديل هذا الخط بصدد عدد اللاجئين، وبالتالي لم يعد لهذه الخطوط الحمراء أي معنى في جوهرها السياسي، ولكن يمكن القول إن تركيا جادة في التدخل لوضع حد وسقف للحقوق السياسية التي يمكن أن ينالها الكرد في سوريا المستقبل، معربًا عن خشيته في أن تضحي من أجل ذلك بحقوق كل السوريين وتدير الظهر لمعاناتهم وتضحياتهم، وهذا ما استشرفناه وتوقعناه منذ مطلع الانتفاضة الشعبية السورية.
وحول رأيه فيما إذا كان تسليح الأكراد بأسلحة ثقيلة من شأنه أن يشجعهم على تخطي المطالبة بالفدرالية إلى ما هو أبعد، أوضح الباحث: "لا أعتقد ذلك من حيث المبدأ، فقوات سوريا الديمقراطية -والتي عمادها قوات الحماية الشعبية- تتبع خطا سياسيا كردستانيا يسراويا (أي مدعي اليسارية) ليس لديه مشروع قومي متبلور، ولا هو بصدد رفع سقف المطالب، لكن تحسن قدراته العسكرية سيزيد من فعاليته السياسية وربما تشبثه بالأرض، وقد يبدي قوة وممانعة أكثر لعملية التبعية للنظام، وفي جميع الأحوال فهو منخرط تماما في الحرب على تنظيم الدولة، بصرف النظر عن طبيعة أسلحته، وسيتابع حربه دون أن يربط جهده العسكري بأجندات سياسية خاصة، وهذا الموقف شبه التطوعي على ما يبدو يقف وراء راحة واطمئنان كل الأطراف الفعالة في الساحة السورية (أميركا، روسيا، إيران، وحتى نظام الحكم في دمشق)".
وفي ردّه على سؤال حول ما إذا كانت المقاربة الأميركية الحالية للملف السوري يمكن أن تتغير مع انتهاء ولاية باراك أوباما؟، قال علي: "نعم هذا ممكن، ولكن يبدو أن الخلاف الأميركي حول الملف السوري لم يكن بسبب موقف إدارة أوباما فقط أو شخصه، وإنما لها أبعاد مركبة، ويمكن إحالته إلى الخلاف بين البنتاغون و"سي.آي.أي" من جهة، إدارة الحزب الديمقراطي ومنظورها للأزمة والكونغرس من جهة أخرى".
وتابع بالقول إن "الموقف الأميركي القادم سيخضع لنفس العلاقات الخلافية المركبة، ولا أتوقع تغييرا جوهريا في سياسة الإدارة الأميركية القادمة، إلا في حال فوز ترامب، واختياره لطاقم جمهوري ذي رؤية سياسية وأيديولوجية راديكالية خاصة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم، يبدو لي أن المشكلة ليست أميركية فحسب بل ترتبط بالنظام العالمي السائد، وهو نظام تميع وأصبح ذا طابع محافظ في السنوات الأخيرة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!