غولاي غوك تورك – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
استيقظنا صباح الثلاثاء على أصداء دعوتين مشؤومتين.
دعوتان متغطرستان، غادرتان، معاديتان تناديان بتحويل تركيا إلى محرقة.
فقد قام اتحاد المجتمعات الكردية المعروف بـ (KCK) ومن وراءه قيادات حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) بتحريض الأكراد واليساريين وكافة الأطياف المعارضة للحكومة في تركيا على النزول إلى الشوارع والتظاهر ضد الحكومة وافتعال كل أنواع التخريب في البلاد. حيث ردّد هؤلاء نفس العبارات والجمل من أجل استفزاز الشعب ضد الحكومة والدولة التركية.
وكان الهدف من وراء ذلك تحويل شوارع تركيا إلى شوارع كوباني وإحراق المدن وإغراقها بالدماء. وكانت غايتهم الأسما أنّه في حال سقوط بلدة كوباني فعلى الحكومة التركية أيضا أن تسقط.
الذين لبّوا هذا النداء المشؤوم، أمضوا نهارهم وليلهم في الشوارع. فقد أحرقوا ودمروا وخربوا وأظهروا كل ما بداخلهم من حقد وعداء دفين لهذا البلد ولهذه الحكومة.
وقد خلّف هؤلاء وراءهم تسعة عشر قتيلا ومئات الجرحى. كما ألحقوا بالشوارع دمارا كبيرا وحطّموا المنازل والمحال التجارية والسيارات. والأهم من كل هذا أنهم حطّموا آمال الكثيرين.
هل يكون طلب المساعدة بهذه الطريقة؟
ما هي متطلّباتهم؟ هل يطلبون مساعدة عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) التي تقاتل في بلدة كوباني؟ هل هذا ما يفعله طالب المساعدة؟
اذا أبديتم العداء والحقد للدولة التي تطلبون منها المساعدة. وإذا اتّهمتم الحكومة التي تطلبون منها المساعدة بالعمالة والخيانة من اليوم الأول، فمن هذا الذي سيصدّق أن هدفكم هو الحصول على المساعدة فقط.
يمكنكم انتقاد سياسات الحكومة، لكن إذا كنتم تنوون إصلاح الأخطاء، فلا يجب عليكم أن تتبعوا هذا النهج العدائي.
إنّ الذي يطلب المساعدة من طرف ما، لا يبيّت للطرف الذي طلب منه المساعدة أي نية سيئة ولا يحيك له المؤامرات. بل يحاول التقرّب منه أكثر. يجب أن يكون بنّاءً لا هادما في تعاملاته وسياساته. عليه أن يحاول أن يصل إلى نتائج إيجابية.
تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) لا يفعل هذا. إنهم لا يسعون للإصلاح. إنما همّهم الوحيد هو تخريب ما يمكن إصلاحه من قبل الحكومة التركية. فمنذ عامين وهم يحاولون إحباط عملية المصالحة الوطنية التي تسعى الحكومة التركية إلى إنجاحها في البلاد. حيث يعقدون كل الاتفاقيّات مع حلفاءهم من أجل ذلك. وهم الآن يخوضون تجربة جديدة في هذا الشأن.
لقد باءت تجربة أحداث "غيزي بارك" بالفشل. وهم الآن يحاولون أن يسقطوا هذه الحكومة عن طريق هذه التجربة الجديدة.
لن يبقى شيء على ما هو عليه
من السّهل إعادة إعمار ما تمّ هدمه وتخريبه من مبان وشوارع ومحال تجارية. لكن من الصعب جدا أن تعيد إعمار النفوس المكسّرة. ومن الصعب جدا أن تعيد مشاعر الثقة التي تزعزعت من جديد بين فئات المجتمع.
إنّ من أهم المراحل والمصاعب التي مرّ به حزب العدالة والتنمية خلال فترة عملية المصالحة الوطنية، هو تغيير مشاعر الأتراك المناهضة للطائفة الكردية.
لقد بذل حزب العدالة والتنمية مجهودا كبيرا من أجل إنجاح مسيرة المصالحة الوطنية. فقد عمل هذا الحزب على إخماد نار الانتقام في نفوس الأتراك الذين فقدوا أقربائهم نتيجة هجمات تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) وقد نجح الحزب في ذلك.
ساندت أغلبية المجتمع التركي إجراءات حكومة العدالة والتنمية من خلال قبولها لدخول الحكومة مفاوضات مع هذا التنظيم الدموي. كما أبدت حسن النية من خلال عدم محاسبة الحكومة لعناصر هذا التنظيم الذين تخلّوا عن السلاح وعادوا إلى بيوتهم. وقد بلغ حسن نية هذا المجتمع ذروته عندما قبل بفكرة السجن المنزلي لزعيم تنظيم (PKK) عبدالله أوجالان، وذلك من خلال التزام الصمت حيال هذا الموضوع وعدم اعتراض مناقشة هذا المقترح.
فماذا كانت النتيجة؟
بعد كل ما أبداه هذا المجتمع من حسن النوايا، اصطدم بفئة تهدم وتدمّر وتسفك الدماء وتهدف إلى إسقاط الحكومة الشرعية للبلاد. الواضح أن شيئا لم يتغيّر حتّى الآن. فهذا التنظيم الدموي ظل منذ ثلاثين عاما يحافظ على حقده وكرهه لهذا الشعب. لقد هاجمت هذه المجموعة الحاقدة على الشعب التركي على الرغم من عدم ارتكابهم أي خطأ تجاههم خلال الفترة الاخيرة.
لا أعتقد أن هذا المجتمع الكبير المتمثل بكل الطوائف على اختلاف أجناسه وأعراقه، سيستطيع أن ينسى ما يحصل في هذه الفترة بشكل سريع وسهل.
كما أعتقد أن حزب العدالة والتنمية بحاجة إلى المزيد من الجهود لإصلاح ما تمّ تخريبه وإقناع المجتمع بضرورة الاستمرار في عملية المصالحة الوطنية. فعلى الحزب أن يعمل على إعادة زرع الثقة بين شرائح المجتمع المختلفة التي بدأت تشكّك بنوايا بعض الجهات الكردية. حيث بدا واضحاً بعد هذه العمليات التخريبية بأن الشريحة الأعظم من الشعب التركي بدأت تتسائل وبشكل جدّي عن كيفية الاستمرار في مسيرة المصالحة مع هؤلاء.
إن الشعب الكردي أكبر وأعظم من هؤلاء الغوغائيين الذين يضرمون النيران في الشوارع والأزقّة. وإنّني على ثقة بأن ملايين الأكراد يضعون الآن رؤوسهم بين أياديهم ويفكّرون مليّا بمستقبلهم في ظل هذه القيادات التي تدّعي تمثيلهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس