أمين بازارجي – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
هل لفت انتباهكم أنّ أعمال المناصرين لتنظيم حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" لم تنحصر في الشوارع التركية فقط. بل شهدت عدة مدن أوروبية مظاهرات مماثلة كالتي حدثت في تركيا. ففي ألمانيا، خرج مناصرو هذا التنظيم الى الشوارع في مدينتي نورمبرغ وهانوفر. وفي فرنسا شهدت مدينتي لوريانت ورينّس مظاهرات مماثلة. وكذلك مدينة كراس النمساوية كانت مسرحا لمظاهرات أنصار التنظيم.
لكن طريقة وأسلوب هذه المظاهرات كانت مختلفة عن بعضها البعض. ففي تركيا قام هؤلاء بتكسير وتحطيم البيوت والمحال التجارية. فاستخدموا الأسلحة وقنابل المولوتوف من أجل سفك دماء الأبرياء.
امّا في المدن الأوروبية، أظهروا أنفسهم على أنهم الممثلون الشرعيون للأبرياء الذين يقتلون في بلدة كوباني السورية. حيث أرادوا إعطاء صورة برّاقة عن أنفسهم على أنهم خرجوا للتعبير عن تضامنهم مع أكراد كوباني.
كان الهدف الرئيسي من وارء هذه المظاهرات هو إقحام تركيا في مأزق أمام الرأي العام العالمي. فقد أرادوا بهذه العملية أن يظهروا أنفسهم على أنهم الفئة التي تتعرض للظلم من قبل تنظيم داعش من جهة والدولة التركية من جهة أخرى. خاصة بعد إدراج تركيا لتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي "بي يه دي" التي تقاتل في بلدة كوباني ضمن لائحة المنظمات الإرهابية.
الآن سوف يقومون بطلب السلاح من الدول الغربية بحجة التصدي لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية على بلدة كوباني. فهم يقومون بالترويج لهذا الشيء. لكنهم يخططون لاستخدام هذه الأسلحة ضد الدولة التركية على المدى البعيد. وفي المحصّلة نستطيع أن نقول بأن مسألة كوباني ما هي إلا حجة للحصول على السلاح.
إن هؤلاء لا يختلفون عن تنظيم الدولة الإسلامية. فإذا ما نظرنا إلى المجازر التي ارتكبها تنظيم "بي كي كي"، فإننا نستطيع القول إن تنظيم الدولة أرحم وأفضل من هؤلاء القتلى المجرمين.
لقد قاموا بمهاجمة القرى الآمنة وقتلوا المئات من الأبرياء وارتكبوا مجازر جماعية بحق جنودنا الذين كانوا يدافعون عن حدود بلادنا. فعلى سبيل المثال. قام هؤلاء بقتل أهالي قرية "باشباغلار" بعد أن قاموا بتحريض الأهالي للانضمام إلى تنظيم بي كي كي. فلم يسلم من شرّهم حتى الأطفال الرّضّع. وبحسب الإحصاءات الرسمية فقد قتل تنظيم بي كي كي 400 طفل منذ تأسيسه حتى الآن.
فلو قمنا بتصنيف المنظمات الإرهابية الأكثر دموية في منطقة الشرق الأوسط، لاحتل تنظيم بي كي كي المرتبة الأولى بين هذه التنظيمات. أما الآن تراهم يفعلون ما بوسعهم لكي يوصلوا للعالم رسالة أنهم الفئة الأكثر تعرضا للظلم في منطقة الشرق الأوسط.
لن أطيل الكلام والتحليلات. وأقول باختصار شديد. في حال سقوط بلدة كوباني بيد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، فإن تنظيم بي يه دي ومن ورائه تنظيم بي كي كي يتحملان مسؤولية ذلك.
فعلت قوات البشمركة ما يجب أن تقوم به حيال أزمة بلدة كوباني. فقد أرادت إرسال قوات لمشاركة عناصر تنظيم بي يه دي لصد هجمات تنظيم داعش عن بلدة كوباني والقرى المحيطة بها. لكن تنظيم بي يه دي وبي كي كي رفضوا هذا العرض وأصرّوا على مقاومة هجمات داعش بمفردهم.
فهؤلاء انطلقوا من مبدأ الأنانية. وبدل أن يتقاسموا السلطة ويخلّصوا الأكراد من المجازر والتشرد، أرادوا أن ينجزوا كل شيء لوحدهم. فكان من نتيجة ذلك أن سيطر تنظيم داعش على ما يزيد عن 360 قرية وشرّد الآلاف من السكان الأكراد.
تنيجة أفعالهم واضحةٌ وضوحَ الشمس. فقد كانت أفعالهم سببا لتشريد آلاف الأكراد. حيث كانوا يدّعون بأنّهم يحاربون تنظيم داعش من أجل حمايتهم.
فقد هؤلاء الحياء إلى درجة أنهم قاموا بإلقاء اللوم على تركيا واتهامها بأنها كانت سببا لسقوط كوباني بيد تنظيم داعش. لقد وجّهوا هذه الاتّهامات رغم فتح تركيا أبوابها لما يزيد على مليوني لاجئ سوري وعراقي. بالإضافة إلى ذلك قامت الدولة التركية باستقبال 180 ألف لاجئ كردي قدموا من بلدة كوباني والقرى المحيطة بها.
إنّهم يصرخون وينادون بأن عناصر الدولة الإسلامية سيقومون بإبادة من بقي في بلدة كوباني. وهذا غير صحيح لأن تنظيم داعش لا يقاتل الأكراد، بل يقاتل تنظيم بي يه دي وتنظيم بي كي كي في كوباني. ولا ننسى وجود أعداد كثيرة من الأكراد بين صفوف تنظيم الدولة الإسلامية.
لقد قدم زعيم تنظيم بي يه دي " صالح مسلم " إلى العاصمة التركية أنقرة. حيث عقد عدة لقاءات مع المسؤولين الاتراك. ووعدت الحكومة التركية بتقديم الدعم لهم في حال قبولهم للشروط التركية التي تتمثل في البنود التالية.
1 – قطع الصلة بالإرهاب والعمليات الإرهابية.
2 – إيقاف التعامل مع نظام الأسد والابتعاد عنه.
3 – التحالف مع الجيش السوري الحر والتنسيق معه.
بالطبع لم تلقَ شروط أنقرة قبولا من قبل تنظيم بي يه دي. لأن هدف هؤلاء، إلحاق الضرر قدر الإمكان بالدولة التركية وليس حماية بلدة كوباني.
خلاصة الكلام أن تركيا لم تدعم تنظيم الدولة الإسلامية ولن تقوم بدعم أي تنظيم إرهابي ضد هذا التنظيم، ولن تقوم بالتعاون مع تنظيم بي كي كي لمواجهة خطر الدولة الإسلامية.
تذكرون أن قيادة حزب الشعوب الديمقراطية التي تدّعي أن تنظيم الدولة سينهي وجود الأكراد في كوباني، رفضت قبول المذكّرة التي كانت تنصّ على السماح للقوات التركية بالقيام بعمليات خارج البلاد. فهذا الموقف بالذات كافٍ لتوضيح نوايا هؤلاء ومدى تضارب تصريحاتهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس