يشار حجي صالح أوغلو – صحيفة أكشم - ترجمة و تحرير ترك برس
مظاهرة السابع من آب / أغسطس في يني كابي هي ولادة الصمود من جديد هي حرب جناق قلعة من جديد هي المقاومة الوطنية الجديدة هي انبعاث روح وإيمان وثبات القوة الوطنية من جديد، فحب الوطن وعشق الاستقلال دفع ملايين المواطنين الأتراك ليجتمعوا في ميدان يني كابي ويقولوا بصوت واحد وبروح عظيمة "تركيا فقط هي من سيدير شؤون تركيا" ويضعوا النقاط على الحروف.
فالملايين الواعية لما حدث في ليلة الخامس عشر من تموز/ يوليو والأسباب التي تقف وراء ذلك خرجت لتذود عن الاستقرار والاستقلال والمستقبل. وحتى لا تذهب دماء 240 شهيد سقطوا دفاعًا عن الديموقراطية رابطت الجماهير ومنذ ليلة الخامس عشر من تموز رابطت كل مساءا في الميادين العامة وتوجت رباطها في تظاهرة الاستقلال والديموقراطية في ميدان اليني قبي في السابع من هذا الشهر. وكان لسان حال الصوت المتعالي من الميدان يقول لسادات وبارونات جماعة فتح الله غولان الإرهابية العالمية: "لن تستطيعوا تقسيمنا ولن تستطيعوا تفرقتنا ولن تحولونا الى سوريا وعراق جديدة، لطالما كنا وحدة واحدة وسنبقى جسد واحد اسمه تركيا".
على مدى التاريخ كان الشرق الأوسط ساحة للصراع والنزاع والحروب وكل ذلك خدمة لبارونات العولمة. ففيما تلي السلطنة العثمانية استُغلت الفروقات المذهبية والعرقية لتتحول إلى سبب للاختلافات والخلافات والتناقضات الدائمة التي استخدمت بين الفينة والأخرى وغذيت لتكون سببا للصراع والنزاع والحروب في المنطقة. وتم تنظيم كل شيء على هذا الأساس وضمن هذا الإطار، فبناءً على ذلك رسمت الحدود الاصطناعية بين دول المنطقة وأسست دول وبنيت كيانات لم يكن لها ذات يوم وجود ووضعوا على رأس هذه الدول أنظمة دكتاتورية وإدارات عميلة. قامت هذه الأنظمة العميلة في العمل لمصلحة بارونات العولمة وكان كل شيء تحت تصرف سلاطين العولمة وباروناتها ويدور في فلكها فهؤلاء هم من رسم سياسات المنطقة ووضع معالمها. وكانت النتيجة الملايين من المظلومين الذين تركتهم أنظمتهم الخائنة في بحار من اليأس يسبحون في تشاؤم وانعدام حيلة.
لكن هذه الأمم المظلومة والشعوب المسحوقة لطالما بحثت عن شعاع الأمل وسعت إلى الحل والعلاج وهو ما دفع بارونات العولمة لاستخدام الإرهاب من جهة والتنظيمات والجماعات المختلفة من جهة أخرى لتربية هذه الشعوب وترويضها ودفعها للقبول والرضوخ بما وجدت عليه. فعلى سبيل المثال منظمة الأمم المتحدة المنعدمة من معاني الحقوق والعدالة والتي ما وجدت إلا لخدمة الأقوياء ليزدادوا قوة إلى قوتهم كانت بمثابة هدم لطموحات وآمال هذه الشعوب المسحوقة وقاتلة لكل ثقة في النفس كان من الممكن أن تتحلى بها هذه الشعوب.
على كل حال، بعد طول أمد ولد الأمل لهؤلاء المسحوقين وكان بمثابة الباب الذي تنفست منه هذه الشعوب الثقة بالنفس من جديد. أنه رئيس الجمهورية التركية رجب طيب اردوغان، فتحت قيادة هذا الرجل سمعنا صوت المظلومين، ورأينا في عيونهم الأمل ونفس الحرية الامر الذي أرعب واخاف بارونات العولمة والاحتلال. فاليوم كل أبناء هذه الأرض الخصبة المباركة الذين يرفضون أن يعيشوا بفقر ويأس وبؤس ينتفضون في وجه العولمة والاحتلال ويدافعون عن تركيا آخر القلاع والحصون. فالكلمات التي وجهها أردوغان في ليلة الخامس عشر من تموز من خلال شاشة هاتف صغير كانت بمثابة صوت كل المظلومين في المنطقة وليس فقط صوت تركيا وكانت نفس الحرية وروح القوة.
إن اتحاد كل فئات الشعب التي تؤمن بقيادة أردوغان وتصدق به جعل من هذه الجماعات أمة وقوة عظيمة. هذه الأمة التي اتحدت مع قائدها لتكتب التاريخ من جديد. هذه الأمة التي لم تتخلى عن التغني بالديموقراطية وترديدها كل حين لقنت دول العالم المتقدم ومن يظن نفسه منهم درسا بمعنى الديموقراطية وكيفيتها. لقد ضبطت هذه الامة بارونات العولمة الاحتلالية الانتهازية ومن يواليهم ويعمل تحت أمرهم وهم يرتكبون رذيلة تشويه وجه الديمقراطية وأمسكت بهم متلبسين بممارسات خارج نطاق الديمقراطية تهدف لزعزعة استقرار هذا البلد، بل إن الأمة أحبطت لعبتهم. لقد رسمت هذه الأمة التي هبت دفاعا عن إرادتها وحقوقها وحريتها وديمقراطية البلاد وتراب الوطن وشرف الأمة وثوابت الشعب وإيمانه وثقافته ومقدساته وقيمه رسمت وبحروف من ذهب تاريخ جديد مشرف ليس فقط في سجلات السياسة التركية وإنما في تاريخ الديمقراطية وتاريخ وسجلات السياسة العالمية بل وفي تاريخ الإنسانية جمعاء.
كل ما عايشته تركيا مؤخرا كان بمثابة ميلاد جديد، ميلاد جديد للصمود ميلاد وبداية جديدة لإعادة هيكلة الدولة، ميلاد للنمو والارتقاء، ميلاد جديد للقوة الخارقة الناجمة من اتحاد الأمة والشعب مع الدولة. والآن يجب أن نستجمع قوانا ونضمد جراحنا وأن نستمر بمقاومتنا من خلال عملية تنظيف وعلاج لفيروسات جماعة فتح الله غولن بتسليم من عُلم منهم ومن استخفى ومن لبس القناع كذلك للعدالة ليتم التحقيق معهم بشكل جدي ودقيق وصارم. وعلى صعيد آخر يجب أن نستمر في طريقا دون تعب أو انهزامية ودون ملل أو كلل وبشكل حازم لنصل إلى أهدافنا الاستراتيجية المتمثلة بتركيا 2023 وتركيا 2053 وتركيا 2071 وكل هذا سعيا لأن نكون قوة عالمية مهمة ومؤثرة.
التاريخ السياسي قائم على ارتفاع وارتقاء القوى وعلى سقوطها وتراجعها كذلك ونحن اليوم في الطور الأول، نحن في طور الارتفاع والارتقاء، طور ولادة قوة جديدة وظهورها على الساحة. وما صوت الملايين المرتفع من ميدان يني كابي في صباح السابع من آب/ أغسطس المبارك إلا بشارة ميلاد الصمود من جديد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس