ترك برس
صرح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأن تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية "قرار سيادي تركي"، وذلك في تصريح لوكالة الأناضول في السفارة الفلسطينية بأنقرة.
وأشاد المالكي برغبة أنقرة المستمرة في مد يد العون للشعب الفلسطيني، وذلك على هامش زيارة قام بها إلى تركيا قبل أيام التقى خلالها نظيره التركي مولود تشاويش أوغلو.
وخلال المقابلة، تطرق الوزير إلى عدد من الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والعلاقات الفلسطينية التركية، نافيا وجود أي أنشطة أو مدارس لمنظمة "فتح الله غولن" الإرهابية في الضفة الغربية، ومحذرا في الوقت ذاته من أنشطة لهذه المنظمة في القدس الشرقية بغطاء إسرائيلي، على حد قوله.
وقال المالكي إن تطبيع العلاقات التركية - الإسرائيلية يعد "قرارا سياديا تركيا"، مضيفا أن أنقرة من حقها كدولة ذات سيادية أن تقرر مع من تكون علاقاتها.
وحول المساعدات التركية لبلاده، قال الوزير الفلسطيني إن "تركيا كانت وما زالت ترغب في مد يد العون للشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال سواء في قطاع غزة أو القدس الشرقية أوالضفة الغربية".
وأشار إلى أن ثمة جهودًا تبذلها "وكالة التعاون والتنسيق التركية" (تيكا)، التي تتبع رئاسة الوزراء التركية، في تنفيذ العديد من المشاريع في الأراضي الفلسطينية، مؤكدا أن الحكومة التركية التزمت بما تقرر في مؤتمر القاهرة قبل عامين، من تقديم 250 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع".
وفي أعقاب اتفاق إسرائيلي تركي، تم توقيعه في 27 يونيو/حزيران الماضي، لتطبيع العلاقات بين الطرفين، أعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، أن من شروط الاتفاق، تأمين دخول المواد التي تستخدم لأغراض مدنية إلى قطاع غزة، ومن ضمنها المساعدات الإنسانية، والاستثمار في البنية التحتية، وحل أزمة المياه والكهرباء.
ورست السفينة التركية "ليدي ليلي" في ميناء أسدود الإسرائيلي، في 3 يوليو/تموز الجاري، وعلى متنها 11 ألف طن من المساعدات الإنسانية، تشمل موادًا إغاثية، فيما أعلن نائب رئيس الوزراء التركي، ويسي قايناق، الأسبوع المنصرم، أن الحكومة تخطط لإرسال سفينة مساعدات أخرى إلى قطاع غزة، قبل حلول عيد الأضحى المبارك.
وفيما يتعلق بالمبادرة الفرنسية لاستضافة مؤتمر دولي في باريس حول السلام في الشرق الأوسط قبل نهاية العام الجاري، قال المالكي إن "فرنسا حصلت على تأييد من الجانب الفلسطيني للمبادرة، بينما رفضتها إسرائيل".
وأشار إلى أن باريس عازمة في جهودها لتنفيذ مبادرتها رغم معرفتها المسبقة بموقف إسرائيل، وستعمل على عقد لقاءات خلال اجتماعات الدورة الـ71 للجمعية العمومية للأمم المتحدة من أجل التحضير للمؤتمر الدولي للسلام.
واستطرد: "إذا ما رغبت أي جهة بإعادة المفاوضات (المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين) يجب أن تأخذ بعين الإعتبار كل التجارب السابقة، حتى لا يتكرر التاريخ مرة أخرى"، مؤكدا على ضرورة وجود تحديد سقف زمني للمفاوضات، وهدف أساسي لها.
وقبل عدة أسابيع أطلقت فرنسا مبادرة تدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، بهدف لإعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية التي توقفت في أبريل/نيسان 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان والقبول بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس، فضلًا عن رفضها الإفراج عن معتقلين فلسطينيين أمضوا سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية.
في سياق متصل، فند المالكي الانتقادات التي تعتبر أنه ليست هناك جدوى من ذهاب الفلسطينيين إلى مجلس الأمن في محاولة لاستصدار قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي طالما أن هذا الأمر سيصطدم حتما مع الفيتو الأمريكي.
وقال: "علينا أن نعرّي موقف أمريكا، ويجب أن نذهب (إلى مجلس الأمن) لإحراجها، ونعيد الاهتمام بقضية المستوطنات ليصبح موضوع نقاش بين دول أعضاء مجلس الأمن، ونحن التزمنا بالعمل من خلال اللجنة الوزارية الرباعية، ولهذا قدّمنا لهم طلب لعقد اجتماع قريب، لتحديد آليات التوجه قريبا إلى مجلس الأمن لطرح قضية الاستيطان من جديد".
ودافع الوزير الفلسطيني عن مساعي حكومته للحصول على اعترافات من دول العالم بفلسطين كدولة مستقلة، وقال: "هناك الكثير من الحكومات في العالم تقول إن الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يكون ضمن سياق طبيعي من خلال الوصول إلى اتفاق ثنائي بين فلسطين وإسرائيل، لكننا ندرك أن إسرائيل لا تريد ذلك؛ لأن الاحتلال يشكل فائدة اقتصادية ومالية لها، فالسوق الفلسطيني يستهلك من 8 إلى 10 مليار دولار سنويا، وهو يحتل المرتبة الثانية بعد الاتحاد الأوروبي" بالنسبة لإسرائيل.
وخلال زيارته الحالية إلى تركيا، أشار المالكي، في تصريحات صحفية، إلى أن "137 دولة اعترفت حتى الوقت الراهن بفلسطين كدولة مستقلة، وينبغي أن يزداد هذه العدد بشكل أكبر".
وحول الانتخابات المحلية الفلسطينية المقبلة، قال المالكي، لـ"الأناضول"، إن "الحكومة الفلسطينية قدمت كل الامكانات اللوجستية والمالية لإنجاحها، وهناك استعدادات لغالبية الأحزاب الفلسطينية لكي تنخرط فيها، والانتخابات البلدية لسنا بحاجة إلى توافق (حركتي) فتح وحماس بها، لأن القضية داخلية للحكومة، ونحن متفائلون تجاه هذه التجربة، ولم يتحدث أي أحد حول تأجيلها".
وفي 21 يونيو/حزيران الماضي، أعلن مجلس الوزراء الفلسطيني أنه سيتم إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يوم 8 أكتوبر/تشرين أول القادم، بينما أعلنت حركة "حماس"، في 15 يوليو/تموز الجاري، أنها "ستسمح بإجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة، والضفة الغربية، وستعمل على إنجاحها".
وجرت آخر انتخابات بلدية في فلسطين عام 2012، وشملت هيئات محلية في الضفة فقط؛ حيث رفضت حركة "حماس" المشاركة فيها، ومنعت إجراءها في قطاع غزة.
وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، تطرق إلى المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف الشهر الماضي، وقال: "قلوبنا في فلسطين كانت مع تركيا في ليلة 15 يوليو، خوفاً على تركيا ومستقبلها، وقمت بالاتصال بنظيري مولود جاويش أوغلو، للاطمئنان على الوضع، وتقديم الإسناد لتركيا في مثل هذه الظروف".
وأضاف: "رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية (ماجد فرج) كان على تواصل مع نظيره التركي (هاكان فيدان) منذ اللحظات الأولى؛ حيث كان (فرج) يقدم تقاريره باستمرار للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي سهر طوال الليل وهو يتابع الأمر".
ونفي وجود أنشطة لجماعة "فتح الله غولن" في الأراضي الفلسطينية، قائلا: "لا توجد مدارس للجماعة في فلسطين، ولا يوجد لهم أي تمثيل أو وجود أنشطة في الضفة الغربية (الخاضعة لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية)".
لكن الوزير الفلسطيني حذر، في هذا الصدد، من وجود أنشطة في أنشطة لعناصر من منظمة "غولن" في القدس الشرقية تعمل بغطاء إسرائيلي، على حد قوله.
وأضاف: "فيما يتعلق بالقدس الشرقية فنحن نعلم أن هناك مواطنين أتراك يقوموا ببعض التحركات فيها، ويتعامل معهم شخصين فلسطيين يحملان الهوية المقدسية، وهم يعملون تحت غطاء إسرائيلي، وبالتالي المشكلة بين تركيا وإسرائيل، وإذا ما قامت تركيا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فعليها أن تضع بندا تتعهد به إسرائيل بأن توقف كل الدعم والحماية لمنظمة غولن في القدس الشرقية، ونحن جاهزون للتنسيق مع الحكومة التركية قدر الإمكان في كيفية الحد من نشاط هؤلاء في القدس الشرقية، ومتابعة الفلسطينيين الإثنين الذين يتعاملان معهم".
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة "فتح الله غولن"، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة "فتح الله غولن" قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!