ترك برس
دخلت لبنان تحت حكم الدولة العثمانية منذ ضمّ السلطان العثماني سليم الأول بلاد الشام لحكم العثمانيين بعد معركة مرج دابق في 8 آب/ أغسطس 1516. وقد أرسل مركز دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية "أورسام" في مطلع عام 2009 فريقًا بحثيًا للاطّلاع على الآثار العثمانية وأدلة الوجود التركي المتبقية في لبنان كشاهد على حكم الدولة العثمانية لها في يوم من الأيام.
جمع الفريق أبحاثه للنشر في تقرير يحمل عنوان "الأتراك المنسيون: الوجود التركي في لبنان"، وبيّن في تقريره أن العنصر التركي في لبنان ينقسم إلى 3 أقسام: الأول العنصر التركماني، أما الثاني فهو العنصر التركي العثماني، والثالث هم المواطنون الأتراك الذين تركوا تركيا في أربعينات القرن الماضي لأسباب اقتصادية.
وعلى الرغم من أن العنصر التركي في لبنان كان على اتصال بالجمهورية التركية، إلا أن نشاطات المركز ومن ثم رفع توصياته لوزارة الخارجية التركية لرفع مستوى العناية بالأتراك في لبنان، عادت عليهم بتطورات إيجابية هامة.
تنوعت هذه التطورات الإيجابية ما بين تأسيس جمعيات لأتراك لبنان بدعم من تركيا وتوفير الأخيرة دعمًا ماديًا وماليًا للمناطق التي يقطنها العنصر التركي وإقامة مخيمات للاجئين السوريين التركمان في المناطق ذات الكثافة التركمانية في لبنان، لا سيما في عكار وبعلبك، لتوفير حاضنة اجتماعية مساندة للعنصر التركماني الذي اضطر لترك سوريا نتيجة الحرب الدائرة هناك منذ 5 سنوات، على حد وصف المركز الذي يعتقد أن جزءًا كبيرًا من التركمان السوريين سيفضل الإقامة الدائمة في لبنان، وهذا ما سيغيّر الحالة الديمغرافية للمكون التركي والتركماني في لبنان.
وأجرى المركز بالتعاون مع رئاسة هيئة المنح الدراسية أبحاثًا ميدانيةً جديدةً في العام الجاري، أكّد في نهايتها أن لبنان من ضمن الدول الأكثر احتضانًا للعنصر التركي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعود أصول العنصر التركي في لبنان إلى أتراك الجيريت وأتراك الأناضول خاصة مدينة ماردين.
من جانبه، أشار موقع تايم ترك الإخباري إلى أن تركيا التي نسيت أبنائها في لبنان، تعرفت عليهم عام 1989، عندما قام ضابط لبناني بإحضار الجندي التركماني "خالد أسعد" الذي سمعه يتحدث باللغة التركية، إلى السفارة التركية، ليحظى أسعد بذلك على فرصة ذهبية للحديث عن أهله ومنطقته التركمانية التي تحتضن أعدادً كبيرةً من المكون التركي.
وأوضح تايم ترك أن الحكومات التركية السابقة قصّرت تجاه المكون التركي اللبناني على الرغم من علمها بوجوده، إلا أن حكومة حزب العدالة والتنمية أولت عناية بالغة له بعد حثها على ذلك من قبل مركز دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية "أورسام" الذي نشر تقريرًا مفصلًا يتناول حياتهم ومناطق إقامتهم وأعدادهم وغيرها من التفاصيل.
ووفقًا لتقرير الموقع الذي يحمل عنوان "الأتراك المنسيون في لبنان"، فإن تركيا رفعت من وتيرة اهتمامها بلبنان، واتجهت لتقوّية علاقاتها معها، وهذا ما أشعر المواطنين ذوي الأصول التركية بالاطمئنان نظرًا للفائدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعود عليهم نتيجة هذه العلاقات القوية.
وينقل الموقع شهادة ملك وفاطمة ونرمين على تحسن الوضع الاجتماعي لهم عقب الدعم التركي للحكومة والشعب اللبنانيين على النحو الآتي؛ "نعيش في قرية تركمانية، ولكن تحيط بنا القرى العربية من كل مكان. لم تكن هناك معاملة سيئة أو عنصرية، ولكن كان سكان القرى العربية يغضبون عندما نتحدث باللغة التركية، ويطلبون منا الحديث باللغة العربية، مدعين بأن اللغة الرسمية للبنان هي اللغة العربية. الآن وبعد الدعم الوفير الذي قدمته تركيا للحكومة والشعب اللبنانيين، لم يعد هناك من يغضب لحديثنا باللغة التركية، بل هناك من يحب أن يسمع تلك اللغة، من باب محبته لتركيا التي قدمت الكثير لهم وعاد ذلك على المكون التركي بالنتيجة الإيجابية."
ويؤكّد الموقع أن السياسة الخارجية الناعمة لتركيا ساهمت أيضا ً في لعب دور كبير في تحسين الوضع الاجتماعي للمكون التركي في لبنان، موضحًا أن المسلسلات التركية والمنح التعليمية وغيرها من السياسات رفعت من مستوى القرى التركية في لبنان، بحيث بات الكثير من المواطنين اللبنانيين يزورونها للاطلاع عن كثب على العادات التركية.
رفع تركيا وتيرة الاعتناء بالمكون التركي بشكل مطرد سيكون له دورٌ بارزٌ في تحسن الوضع الاجتماعي للمكون التركي في لبنان حسب موقع تايم ترك، وعلى ما يبدو، فإن التحسن الذي ناله المكون التركي نتيجة الدعم التركي المقدم للبنان وسعي تركيا لتحسين العلاقات معها، سيدفع تركيا لصرف المزيد من الاهتمام لصالح المكون التركي الذي يعدها الدولة الأم بالنسبة له.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!