أفق أولوطاش - صحيفة اقشام - ترجمة وتحرير ترك برس
يتابع المراقبون تطورات عملية درع الفرات العسكرية، ويتساءل البعض، إذا كان بإمكان تركيا السيطرة على منطقة جرابلس في غضون ساعات، وإبعاد داعش عن حدودها، فلماذا لم تفعل ذلك منذ وقت طويل؟ وأصبح هذا السؤال متداولا لدى العديد من المراقبين والمحليين والخبراء في شتى أنحاء العالم.
أعتقد أنّ الإجابة عن مثل هذه التساؤلات هي أسهل مما يتوقع البعض، وهي متعلقة بالتطورات والأحداث التي جرت وتجري داخل تركيا، وأريد هنا التعريج على بعضها.
تسببت الأزمة السورية بتصدعات في المشهد السياسي التركي الداخلي، حيث وقف بعض قادة المعارضة إلى جانب الأسد، والبعض الآخر حاول استخدام الملف السوري لتحقيق مكاسب سياسية، وآخرون حذروا من دخول تركيا في فوضى كالتي في سوريا. ومع أنّ موضوع دعم المعارضة السورية كان يحظى بدعم أغلبية الشعب التركي، إلا أنّ قوى المعارضة حاولت استغلال هذا الملف للمناورة وتحقيق مكاسب سياسية خصوصا بعدما استمرت الأزمة السورية طويلا.
أكبر مشكلة كانت تواجه تركيا هي وجود مجموعة داخل الجيش، ترفض وتعارض الحراك العسكري التركي في سوريا، واستطاعت هذه المجموعة منع الجيش التركي من التدخل، وعرقلت الدور التركي في سوريا. نعم، هم عناصر منظمة فتح الله غولن، فهؤلاء كانوا يسعون إلى نشر الفوضى السورية إلى داخل تركيا من أجل التحضير للانقلاب، حيث سهلوا مرور بعض العناصر الإرهابية عبر الحدود، وأسقطوا الطائرة الروسية، وقاموا بالتشويش والتمويه على جهاز الاستخبارات، ومنعوا تركيا من القيام بدورها المطلوب.
موقف منظمة غولن من سوريا، ملائم ومتوافق تماما مع الموقف الأمريكي، حيث دعموا في البداية طلب أوباما من تركيا التدخل في سوريا، وبعد ذلك اتهموا تركيا بأنها تتدخل في شؤون دولة أخرى، ولاحقا عملوا على الترويج بأنّ تركيا تحتضن داعش وتدعمها. ولهذا تركيا واجهت صعوبات جمّة في التعامل مع منظمة غولن، وأدّى ذلك إلى عدم قدرة أنقرة اتخاذ خطوة جريئة في سوريا.
تذكروا بأننا عشنا أحداثا عديدة في فترة زمنية قصيرة، مثل أحداث غزي بارك، ومحاولة الانقلاب في 17-25 كانون الأول/ ديسمبر، ومحاولة الانقلاب الأخيرة ليلة 15 تموز/ يوليو، فضلا عن العمليات الإرهابية التي استهدفت إسطنبول ومطار أتاتورك، والعاصمة أنقرة، والتي تمت بتواطؤ من منظمة غولن. وفي نفس الفترة أيضا جرت العديد من الانتخابات، واستخدمت العديد من الأدوات، مثل حزب الشعوب الديمقراطي، وذلك من أجل الإيقاع برئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.
هذه الأمور والأحداث قادرة على الإطاحة بأي دولة، لكن تركيا صمدت في وجهها واستطاعت البقاء على قدميها، ولهذا هل تستغربون تأخر عملية درع الفرات وسط كل هذه المؤامرات؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس