مراد يتكين – صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
مع تصاعد التوتر الذي بدأته عملية الموصل بين العراق وتركيا اتضح منح الولايات المتحدة الأمريكية ضمانة بي كي كي إلى تركيا من أجل الموصل.
وبحسب معلومات أكدها مسؤول رفيع المستوى لصحيفة حرييت، فإن هذه الضمانة منحت من قبل مسؤولين أمريكان رفيعي المستوى خلال مباحثات أجريت في أنقرة في 27 من أيلول/ سبتمبر الماضي. حيث قدم الأمريكان ضماناتهم إلى المسؤولين الأتراك بخصوص عدم تدخل أي تنظيم "سواء أكان بي كي كي أو تنظيم مرتبط به" بالعملية الجارية تحضيراتها من أجل استعادة الموصل من داعش. هذا وقد علق المسؤول في سياق حديثه إلى الصحيفة بشرط عدم الإفصاح عن اسمه بالقول إننا "نأخذ هذا الضمانة على محمل الجد، وسنرى مدى تطبيقها على أرض الواقع".
كما تضمن هذا التصريح مفهومًا رمزيًا بقدر قيمته الطبيعية. وإن لم تكن العملية في مدينة الموصل فإنها بجميع الأحوال تقع ضمن نطاق مناطق النشاط الفعلي لبي كي كي في الشمال. إذ تعد إحدى المناطق التي شكلت ممرًا بين المنطقة الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا على حد قول قيادة قنديل وروج آفا. بينما تعد نصيبين ونظيرتها القامشلي في سوريا إحدى قواعد انطلاق عمليات بي كي كي ووحدات حماية الشعب الكردي. والهدف بالطبع تقديم التدريب العسكري للميليشيات المحاربة لداعش كسبب لإقامة تركيا قاعدة تدريب في بعشيقة وبمعرفة بغداد المسبقة، أما الهدف الآخر فهو قطع طرق بي كي كي المتجهة إلى الجنوب مباشرة نحو الموصل وكركوك. ومن ناحية أخرى تشير هذه الضمانة إلى قبول ضمني نتيجة إدراك الولايات المتحدة الأمريكية فعليًا لما فعلته بينما تتعاون مع وحدات حماية الشعب الكردي المرتبط بالـ بي كي كي والذي تصنفه كتنظيم إرهابي في سوريا.
ووفقًا للمعلومات المتوفرة لدينا، أصبحت الموصل موضوعًا أساسيًا، بدلًا من الرقة كما بدى للرأي العام، في لقاءات الهيئة المشكلة من استخبارتيين وعسكريين ودبلوماسيين بمن فيهم أنتوني بلينكن نائب وزير الخارجية الأمريكي وبريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأمريكي بارك أوباما في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الارهابي بدلًا من الرقة كما تجلى لدى الرأي العام.
يبدو أن المسؤولين الأمريكان قد قدموا هذا الاقتراح من أجل الموصل عقب حديث الرئيس أردوغان عن رفض تركيا الانضمام إلى عملية الرقة في حال مشاركة وحدات حماية الشعب الكردي خلال لقاء عقده مع جون بايدن مساعد الرئيس الأمريكي في نيويورك في 23 من أيلول.
وبالمقابل وجه إلى الوفد الأمريكي سؤال حول إمكانية انضمامهم إلى عملية الموصل تحت قيادة قوات الحشد الشعبي ومجموعات تركمانية وسنية أخرى مدربة من قبل تركيا لمدة من الزمن في معسكر بعشيقة بالقرب من الموصل مندمجين وموحدين تحت راية القيادة المركزية الأمريكية.
إن هذا الموضوع وغيره من الموضوعات المرتبطة به تمت مناقشتها في الاجتماع الأمني الذي عقد في القصر الرئاسي بأنقرة بمشاركة رئيس الوزراء بن علي يلدرم والرئيس أردوغان في 27 من أيلول، وكذلك في اجتماع مجلس الأمن القومي في 28 من الشهر نفسه. بينما تناول وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الإيراني جواد ظريف آخر التطورات في سوريا والعراق وعملية الموصل خلال لقاء عقده في أنقرة قبيل اجتماع مجلس الأمن القومي.
في حين أكد لنا المسؤول رفيع المستوى الذي أجاب عن أسئلتنا بخصوص عملية الموصل على عدم اعتراض تركيا على وجود قيادة مشتركة للمجموعات التي دربتها. وفيما يتعلق بإعلان موقف أنقرة البارحة أوضح أن المشكلة لا تقتصر على ذلك.
بل تكمن المشكلة في مطالبة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تركيا بمغادرة الأراضي العراقية عقب تأكيد أنقرة لواشنطن قبولها انضمام المجموعات السنية التي تتلقى تدريبًا عسكريًا إلى القيادة المركزية الأمريكية. في الواقع كانت تركيا قد وافقت على وجود ضباط عراقيين داخل قيادة هذا المعسكر التدريبي عقب أزمة بعشيقة في وقت سابق.
كما أشار المسؤول إلى تباهي رئيس الوزراء العبادي على المنابر دون أن تعكس أقواله حقيقة ما يجري في الساحة؛ ونشره دعاية مفادها بأن تركيا سوف تنتهز الفرصة من أجل السيطرة على الموصل. ولكن الأمريكان يدركون تمامًا بأن تواجدنا في معسكر بعشيقة يقتصر على حماية القاعدة والتدريب.
كما حظيت إيران بمكان لها على تلك المنصة. نتيجة رغبتها في انضمام الحرس الثوري وميليشيات الحشد الشعبي الإيراني الذين يحاربون داعش في سوريا والعراق إلى عملية الموصل. وإدراك الأمريكان أيضًا لما قد يترتب على دخول الوحدات الشيعية إلى الموصل ذات الأغلبية السكانية السنية من إفساح المجال أمام صدامات خطيرة أخرى وبالتالي إمكانية تعزيز قوة داعش مجددًا.
والسؤال الحرج هنا هو: ألم يكن للمحادثات مع ظريف أي تأثير على الموقف الإيراني. ولكن الإجابة على هذا السؤال أصبحت مثار خلاف داخل الإدارة الإيرانية. حيث استجابت الميليشيات الشيعية والحرس الثوري إلى علي خامنئي القائد الديني المتشدد بدلًا من رئيس الجمهورية حسن روحاني ووزير الخارجية ظريف. ولهذا تعتقد حكومة العبادي أن بوسعها الصمود من خلال الدعم الذي نالته من القيادة الدينية الإيرانية.
وبناء عليه يبدو أن هذا الموضوع سيؤدي إلى إفشال مخططات إستعادة الموصل من داعش قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية في 8 من تشرين الثاني/ نوفمبر. بينما لا تزال تركيا غير متأكدة إن كانت ستشارك في عملية الموصل أم لا في ظل الظروف الراهنة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس