جلال سلمي - ترك برس
صرح رئيس إقليم شمال العراق مسعود بارزاني في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2015 أي في بداية أزمة بعشيقة بين الحكومتين العراقية والتركية، بأن إقليم الكردستاني يقف إلى جانب تركيا ويؤكد على استدعاء حكومة بغداد للقوات التركية.
وبالرغم من تصريحات بارزاني الداعمة للموقف التركي، إلا أنه حرص على زيارة بغداد والاتفاق على إنشاء تحالف عسكري ينسق التحرك في عملية تحرير الموصل.
حافظ بارزاني في موقفه العقلاني على مبدأ توازن القوى القائم على التحالف مع كافة الأطراف المعنية بقضية ما، وقد رسخ بارزاني اتباعه لمبدأ توازن القوى من خلال دعوته من إحدى القواعد القريبة للموصل كل من العراق وتركيا إلى إيجاد حل وسط للجدال القائم بينهما، مؤكدا ضرورة تنسيق كافة القوى مع الحكومة العراقية المركزية قبل المشاركة في عملية تحرير الموصل.
وفي السياق ذاته، قال مسؤول تركي لم يرغب في ذكر اسمه لموقع الجزيرة ترك: إن تركيا تقدر ضرورة تحالف بارزاني مع الحكومة العراقية المركزية من أجل تحرير الموصل، موضحًا أن بارزاني رجل عقلاني حافظ على التوازن بين قوله وتحركه إزاء الحكومتين العراقية والتركية، ومن جانبنا سنسعى لمساندة بارزاني في سياسته، إذ لا ترغب تركيا في تكدير العلاقات بين الإقليم والحكومة المركزية، فكلاهما مهم بالنسبة لها.
ووفقًا للمسؤول نفسه، فإن التهديد الخطير الذي تشكله إيران ذات النفوذ في العراق يدفع بارزاني تلقائيًا إلى اتباع هذه السياسة فهو لا يريد خاصة في الوقت الحالي أن يزداد التوتر بينه وبين إيران، للحفاظ على استقرار الإقليم وأمنه في ظل التهديدات الأمنية والاقتصادية التي تحيط به.
وفي سياق متصل، أعرب بارزاني عن رغبته في إبقاء المناطق التي تحررها البشمركة تحت قيادتها، إلا أنه يدرك جيدًا أن ذلك غير ممكن إلا بتوافق مع الحكومة المركزية ودعم من أنقرة، وربما هذا ما دفعه لاتباع سياسة التوازن التي كسب من خلالها موافقة الطرفين على مراده.
ووفقًا لمسؤول مطّلع في الإقليم رفض أيضًا ذكر اسمه، فإن الضغط الأمريكي على بارزاني فيما يتعلق بضرورة التوافق مع حكومة بغداد يرغمه على البقاء في محور التحالف معها، لكسب رضى أمريكا وتخفيف ردة فعلها حيال رفضه الشديد لتأسيس حزب العمال الكردستاني قواعد عسكرية في سنجار وغيرها من المناطق المحررة.
عبد الغني علي حيدر، المصدر: الجزيرة ترك
وفي سياق متصل، أوضح الصحفي والباحث العراقي الكردي عبد الغني علي يحيى الذي تنحدر أصوله إلى مدينة الموصل، أن بارزاني يسعى إلى تطبيق المادة 140 من الدستور، والتي تنص على أن سكان نينوى يملكون الحق في طلب إجراء استفتاء للبقاء تحت إمرة الحكومة المركزية أو الانضمام إلى إقليم الشمال، وهذا ما يدفعه إلى التحرك بحذر بين الحكومتين العراقية والتركية، ولا شك في أن تركيا تتفهم هذه النقطة.
وأشار يحيى إلى أن محافظ الموصل السابق وزعيم الحشد الوطني أثيل النجيفي يريد أن تكون الموصل ولاية مستقلة، وفي الوقت نفسه لا يعارض رؤية بارزاني بشكل علني، وهذا ما ينذر بإمكانية انضمام الموصل إلى إقليم الشمال مع الإبقاء على إدارتها العربية، مضيفًا أن سكوت تركيا على ذلك يعد علامة رضا.
وأضاف أن بارزاني لا يستطيع قطعًا الاستغناء عن تركيا، فكونه سنيًا ومعارضًا للتمدد الإيراني في العراق جعله معزولًا على الصعيدين الإقليمي والمحلي، وليس له الآن حليف سوى تركيا، لذلك لن يقطع التنسيق معها.
ووفقاً ليحيى، فإن تركيا هي الباب الجغرافي الوحيد للإقليم إن قرر الاستقلال التام عن الحكومة المركزية في تصدير الطاقة، إضافة إلى أن إيران أصبحت تسيطر سياسيًا على السليمانية من خلال قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني، فقسم كبير من المسلحين الإيرانيين القادمين من إيران إلى العراق وسوريا يمرون عبر السليمانية وسط عجز قوات البشمركة في ظل انشغالها بالحرب داعش، وفي ظل هذه المخاطر المحدقة ليس هناك مجال لتخلي بارزاني عن تركيا.
المصدر: الجزيرة ترك
ويرى يحيى أن تحالف بارزاني مع الحكومة العراقية المركزية مؤقت وليس استراتيجيًا، فبمجرد انتهاء عملية تحرير الموصل سينتهي هذا التحالف، وسيعلن بانتهائه انقضاء سياسة التوازن التي يتبعها بارزاني الآن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!