ريادا أشيموفيتش أكيول - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
حقق الرياضيون الأتراك نجاحا كبيرا وفازوا بخمس ميداليات ذهبية، وأربع فضية، وسبع برونزيات في بطولة العالم للتايكوندو التي أقيمت في العاصكة البيروفية ليما بين 29 سبتمبر/ آب و4 أكتوبر /تشرين الأول. احتفلت واسئل الإعلام التركية بهذه الإنجازات، لكن إحدى البطلات، كوبرا داغلي، تصدرت عناوين الصحف أكثر من الآخرين جميعا. فازت كوبرا داغلي وإيمريهان موران كلا بميدالية ذهبية في فئة البومسي، لكن حجاب داغلي جعلها على الفور هدفا لانتقادات قوية ومصدرا للإلهام في تركيا في الوقت نفسه.
حظيت داغلي بتغطية إعلامية واسعة، وسلطت العدديد من المقابلات الضوء على سعادتها بالانتصار، لكن داغلي في الوقت نفسه ردت على الانتقادات "المزعجة" على وسائل التواصل الاجتماعي قائلة "إنهم لا يتحدثون عن نجاحي، لكن يتحدثون عن حجابي. لا أريد ذلك. ينبغي الحديث عن نجاحنا. لقد بذلنا مجهودا كبيرا. جعلنا بلدنا وفريقنا بطلا للعالم، وهذا هو فخرنا المشترك".
هاجس تركيا من الحجاب متجذر بعمق . وكجزء من إنشاء الدولة القومية التركية الحديثة كانت النساء المحجبات الفئة المهمشة لعدم ملاءمتهن للمثل العليا التي حددها المشروع القومي العلماني. توضح باحثة الأنثروبولوجيا، سيرتاتش سيهليك أوغلو، أنه كان على النساء التركيات أن يكن مثالا للصحة والانضباط والتحضر والتحرر، وبناء على ذلك ارتبطت النساء المحجبات بالتخلف، ولذلك فإن الشخص العلماني يجد صعوبة في فهم مشاركة المرأة المحجبة في الرياضة.
لكن هذه المرة ،وبدلا من تحامل العلمانيين، جاء النقد اللاذع لداغلي في معظمه من الرجال المحافظين شبابا وكبارا الذين هاجموها على وسائل التواصل الاجتماعي.
أحد الأتراك الغاضبين من داغلي كتب في تغريدة على موقع تويتر" قدم عارية، وحجاب، والفخذان والوركان. أنت سلعة . وما الصحيح في ذلك؟" . ونصحها شخص آخر فكتب " لماذا تغطين رأسك مادامت قداماك مفتوحتين. أدعو الله أن يهديك. ونصح شخص آخر داغلي بأنها كان يمكنها أن تكون بطلة في قراءة القرآن بدلا من ذلك.
وفي مقابلة أخرى مع وسائل الإعلام دافعت داغلي عن نفسها ضد الهجوم عليها على شبكات التواصل الاجتماعي، وقالت " الناس فاقدو الحس هم من يهاجمونني..... لا أقرأ ذلك، ولا حتى أهتم به. حققت حلمي. كنت استيقظ كل صباح وأنا أفكر في أن أصير بطلة للعالم".
في المقابل قدم آخرون الدعم لداغلي، فكتب أحدهم مدافعا عنها " نحن فخورون بك يا كوبرا" واحتفل بها آخر من أجل أنها" أظهرت قوة الحجاب لأعداء الإسلام".
بارتداء داغلي للحجاب فضلا عن كونها بطلة للعالم تدافع عن حقها في ممارسة الرياضة التي اختاراتها،فإنها تتحدى في آن واحد التحيز العلماني والمثل الإسلامية الجديدة وهيمنة الذكورة القومية في تركيا. في إشارة إلى داغلي، انتقدت الكاتبة، أسو مارو، في صحيفة ميلييت جميع الأيديولوجيات الجنسية قائلة " أحدهم ضد حجاب المرأة، وآخر ضد عدم تغطية رأسها، ولكنهما يتحدان في المطلب نفسه: بقاء المرأة في المنزل".
حظيت داغلي بتقدير من الصحف المحافظة المؤيدة للحكومة. كتب مولود تيزيل في صحيفة ديلي صباح " نحن مدينون لداغلي كوبرا بأكبر الشكر لإثباتها أن الحجاب ليس عائقا عن أن تكون أفضل لاعبة في العالم. أعتقد أن هذا النجاح سيكون مصدر إلهام لجميع الأخوات المحجبات اللائي كن مترددات في ممارسة الرياضة". وامتدحت صحيفة تقويم داغلي واصفة إياها ب" كوبرا الذهبية". وبالمثل أشادت صحيفة يني عقد المحافظة بداغلي، لكن تعليقات القراء على مقطع الفيديو لفوز داغلي وموران في البطولة تناولت في المقام الأول حجاب داغلي. أحد المعلقين دافع عن داغلي بسؤال من ينتقدونها من المسلمين " من منكم معصوم من الخطأ"، مضيفا أن من لا يستطيعون حتى أن يفخروا بالنجاح الذي تحقق لتركيا هم أساسا عار على الدين الإسلامي. وأكد معلق آخر فخره بنجاح داغلي، قائلا إنه عندما يجتمع الإيمان والعزيمة ، فإن النجاح أمر حتمي". وعبر آخرون عن فرحتهم وعن أملهم في أن يقدم الرئيس مزيدا من الدعم لجميع الرياضيين.
لكن كثيرين انتقدوا داغلي معظمهم من الرجال. كتب أحدهم على وسائل التواصل الاجتماعي" إن معانقة الرجل غير لائقة، وخطأ جسيم وذنب. وكتب آخر من المنتقدين لماذا تضعين الحجاب أيتها الفتاة؟ ما هذا الذي يظهر من ظهرك؟ ما هذا العناق للرجال؟ مضيفا هذا بالتأكيد إهانة للإسلام وللمؤمنات.... انزعى هذا الحجاب عن رأسك ندعم بطولتك ونهنئك، لكننا ندين إهانتك للمسلمين.... هناك الكثيرات ممن يغطين رأسهن ولكنهن يتكلمن ابتذالا، ويعرضن أنفسهم، ويفعلن كل شئ تفعله المرأة غير المحجبة" .
وفي سيل من الازدراء كتب معلق آخر على شبكات التواصل الاجتماعي" هذا هو بالظبط نموذج المسلم الذي يريده الماسونيون. إن من يدعمون ذلك، ويجعلونه يحدث، ويؤمنون به سيعاقبهم الله تعالى بالتأكيد".
وهكذا استمر السجال بين منتقدي داغلي ومؤيديها، في حين أنها أعلنت عن نجاح أكبر في المستقبل. لكن هذا النوع من الحملات لكونها رياضية مسلمة ليست حدثا جديدا في تركيا أو غيرها من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. وعلى الرغم من أن تعاليم الإسلام الأصيلة تستحسن النشاط البدني للرجال والنساء، فإن هناك كثير من الفتاوى على المواقع الإسلامية التي تضبط مشاركة المرأة في الألعاب الرياضية. وتشير الفتاوى عادة إلى الفصل بين الجنسين- لأن عدم الفصل وفقا للفتاوى قد يؤدي إلى الإغواء والفتنة والانحلال- بما في ذلك الحركات التي ينظر إليها على أنها " جذابة جنسيا" ، مثل تحريك الوركين والثديين أثناء الجري والقفز. وفي هذا الصدد تقول سهليك أوغلو " إن جسد الرياضية المسلمة مثير للإزعاج، لا لأنه مثير جنسي فقط من حيث كونه جسدا أنثويا، بل لأنه أيضا يتجاوز منطقة خاصة بالذكورية" .
وحتى على نطاق واسع، وبغض النظر عن كون المرأة محجبة أم لا، فأن تكوني رياضية في تركيا أو في غيرها من البلدان ذات الأغلبية المسلمة مسألة ليست سهلة. وإلى جانب تحديد مختلف الألعاب الرياضية التي تعد مناسبة لهن، فعلى الرياضيات في تركيا أن يتعاملن مع الأحكام المسبقة مثل عدم كونهن أمهات وزوجات صالحات، أو الانحياز ضدهن بدعوى أن طبيعتهن لا يمكن أن تفهم الرياضة. وعلاوة على ذلك فإن المطالب التي حددها الرجال لحشمة النساء، والإطار الذي وضعوه بوصفه محددات لحماية " القيم القومية" تسري على جميع النساء. في صحيفة يني عقد الإسلامية نوه أحمد جولومسيان إلى أن زي داغلي من بين أسباب انزعاجه، منتقدا ملابس لاعبات المنتخب التركي، ولاسيما المصارعات المسلمات. كما أبدى جولومسيان انزعاجه من أقنعة المصارعين، وملابس لاعبي الطائرة الضيقة، وتنانير لاعبات التنس القصيرة، كما أشار إلى ملابس اللاعبات في رياضات أخرى بعبارة " فضيحة القبح"
ومع ذلك ظلت الرياضيات التركيات يقاومن مختلف الصور النمطية، ومقاومة من يحطون من قدر عشقهن للرياضة. وقد حققت الرياضيات التركيات نجاحا كبيرا على الساحة الدولية: أليف أيبوكي يلماظ، وأولجون كاهفيجي في التايكوندو، ورميسة ميميس في الكيك بوكسينج، وعاشئة بيجوم أونباشي في الجمباز، والفرق الوطنية لكرة السلة والكرة الطائرة والمصارعة ورفع الأثقال. إن مرونة شخصية الرياضيات التركيات، وتحقيقهن الرائع لأهدافهن، شهادة على أن الرياضة النسائية التركية- على الرغم من التحديات الأبوية- هي صعبة ، لكنها وجدت لتبقى مع الحجاب أو بدونه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس