يحيى بوستان - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
تشير الدراسات إلى أن جانبا كبيرا من الشعب التركي يصل إلى ما يقارب 90% لديه فكرة واضحة عن الاسم الذي دبر محاولة الانقلاب في الخامس عشر من يوليو، ووفقا لهذا الرأي فإن فتح الله غولن الذي يقيم حاليا في الولايات المتحدة يقف وارء هذا العمل المشين. ليست هذه وجهة نظر الطبقة المحافظة واليمينية التي تصوت لحزب العدالة والتنمية وتدعم الرئيس رجب طيب أردوغان فقط،حيث تتفق قطاعات مختلفة في المعارضة اليسارية والكمالية مع هذا الرأي. ولعل الرأي القائل بأن غولن هو المحرض على محاولة الانقلاب هو أحد الموضوعاتا النادرة التي اتفقت عليها جميع الفئات المجتمعية في تركيا خلال السنوات الأخيرة .
لكن هل هناك أي دليل على ذلك؟ تشكل آلاف الوثائق والمعلومات والحوادث الاتجاه السائد لدى الشعب التركي، على أنه يمكن بطبيعة الحال أن يكون هناك بعض الاختلافات بين الحقائق التي تشكل اتجاه الرأي العام، وبين الظاهرة التي يمكن قبولها دليلا في النظام القضائي. أبرز دليل مادي يبين دور غولن في الانقلاب هو أن مدبري الانقلاب طلبوا أن يجتمع رئيس الأركان العامة، الجنرال خلوصي أكار، بعد أن احتجزوه، مع غولن، وهذه الحقيقة وحدها تكشف أن غولن هو من دبر الانقلاب. لكن ماذا عن تصريحات بقية مدبري الانقلاب الذين ألقي القبض عليهم؟ اعترف مساعدا أكار والرئيس أردوغان وسائر مدبري الانقلاب المعتقلين أنهم أعضاء في جماعة فتح الله غولن الإرهابية " فيتو " ، وأنهم أخفوا انتماءاتهم الحقيقية عند ترفيعهم في مناصب الدولة، وأنهم تلقوا تعليمات من رؤسائهم في الجماعة، كما أقروا بأن من خطط للانقلاب هو عادل أوسكوز.
ترجع أهمية عادل أوسكوز الذي يقال إنه قائد الجماعة المسؤول عن القوات الجوية إلى أنه تلقى الأمر بالإعداد للانقلاب من غولن أثناء وجوده في الولايات المتحدة، وأنه بدأ محاولة الانقلاب بتنظيم لقاءات مع متورطين آخرين بعد عودته إلى تركيا في الثالث عشر من يوليو/ تموز. لدى سلطات المطار الذي حطت فيه طائرة أوسكوز لقطات له أثناء دخوله المطار . وفي ليلة الخامس عشر من يوليو حاول إدارة محاولة الانقلاب إدارة مباشرة من قاعدة أكينجي الجوية التي كانت المقر الرئيس لمدبري الانقلاب في تلك الليلة. وعلى ذلك فمن بين مدبري الانقلاب يبرز اسم عادل أوسكوز بعلاقاته المادية والمباشرة مع غولن. وعندما ألقي القبض عليه قال إنه لم يكن موجودا في قاعدة أكينيجي، بل كان يبحث عن قطعة أرض لشرائها، فأطلق سراحه. هل توجد صور أو تسجيل متاح يثبت أن أوسكوز كان موجودا في قاعدة أكينجي ليلة الانقلاب؟ كلا، لقد استدل على ذلك من اعترافات القائد العسكري للانقلاب.
قُدمت جميع الأدلة إلى الولايات المتحدة، لكنها تريد أن ترى دليلا ماديا واضحا يؤكد أن غولن كان المدبر للانقلاب من أجل تسليمه إلى تركيا. طرح هذا الموضع قبل يومين على جدول الأعمال أثناء زيارة وزير العدل التركي بكير بوزداغ لواشنطون. أشارت الولايات المتحدة غلى الحاجة إلى إضافة بعض البراهين الجديدة على سبيل التحقق من ملف غولن. ولا تزال الجهود مستمرة لتقديم مزيد من الأدلة الملموسة إلى ملف القضية بغرض تسليم غولن.
وفي خضم كل هذه التطورات ظهرت حقيقة مثيرة الاهتمام، فقد نشرت صحيفة ديلي صباح أمس تقريرا عن شخص مدني يدعى كمال باتماز المدير العام لشركة كايناك للورق التي تعد مصدرا رئيسا لتمويل جماعة غولن الإرهابية، وتبين أنه ألقي القبض عليه أثناء وجوده في قاعدة أكينجي العسكرية في ليلة الانقلاب.
ما يجعل اسم باتماز ذا أهمية هو أنه كان من بين المدنيين الذين خططوا للانقلاب، كما ثبت أيضا أنه دخل تركيا بجانب عادل أوسكوز، وشوهدا يتحدثان معا، وهذا يعني أن كليهما يعرف الآخر، ثم ألقي القبض عليهما معا في ليلة الانقلاب خلال وجودهما في قاعدة أكينجي، ومن الواضح أنهما سافرا معا من مطار إسطنبول إلى مقر الانقلاب في أنقرة. لا تنتهي التطورات المفاجئة عند هذا الحد، صحيح أن اللقطات التي تثبت وجود باتماز وأوسكوز في قاعدة أكينجي غير موجودة أو محيت، لكن لقطة مهمة عن باتماز تكشف أنه في ليلة محاولة الانقلاب كان يتمشى في ممرات القاعدة وأن الجنرالات المشاركين في الانقلاب كانوا يؤدون له التحية العسكرية. وبعبارة أخرى تثبت هذه اللقطات أن باتماز الذي وصل إلى تركيا في الثالث عشر من يوليو مع أوسكوز واعتقل معه في المقر الرئيس للانقلاب بعد يومين، هو من دبر الانقلاب مع أوسكوز وكان في مرتبة أعلى من الجنرالات المشاركين في الانقلاب، وهذا لا يدع مجالا للشك في أن غولن قد أعطاه تعليمات ببدء الانقلاب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس