يحيى بوستان - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
في الخطاب الذي وجهه إلى اللاجئين في مدينة كيليس جنوبي تركيا في وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الفرصة ستتاح أمام اللاجئين السوريين للحصول على الجنسية التركية. أثار الإعلان جدلا مجتمعيا حادا حول الهجرة، تطرق في جوانبه إلى اللاجئين السوريين على نطاق واسع، نظرا لعدم توفر تفاصيل مؤكدة عن خطة الحكومة.
خلال الأسبوع الماضي زعم المؤيدون لمبادرة الرئيس لمنح الجنسية للاجئين السوريين أن تركيا بإمكانها ويجب عليها أن تتخذ خطوات إضافية لمساعدة اللاجئين السوريين على استعادة المسار الصحيح لحياتهم. أما زعماء المعارضة فكانوا غاضبين، بينما قال المنتقدون إن أردوغان يريد فقط أن يضيف مليون ونصف المليون ناخب إلى قاعدته الانتخابية، والبعض الآخر، ومن بينهم مصمم الأزياء جميل إيبكتشي وجهوا انتقادات للتعصب الأعمى والتمييز ضد السوريين.
لكن ما هي الخطوات التي ستتخذها الحكومة؟ اتصلت بمسؤولين حكوميين في محاولة لمعرفة المزيد عن هذا الاقتراح الذي تشرف عليه وزارة الداخلية، على الرغم من أن قيادة حزب العدالة والتنمية ومكتب الرئيس يراقبان التطورات عن كثب، وفقا لمسؤول حكومي كبير.
وفي الوقت نفسه قالت مصادر في الرئاسة ومسؤولون رفيعو المستوى في حزب العدالة والتنمية إن "المبادئ الأساسية" قد حددت بالفعل، على الرغم من أن خطة منح الجنسية للاجئين السوريين لا تزال في طور المسودة.
في الأسبوع الماضي قال لي مسؤول حكومي رفيع المستوى إن القرار التاريخي يعكس أولويات أنقرة الاستراتيجية والتزاماتها الإنسانية.
من وجهة النظر الاستراتيجية فإن اقتراح الحكومة رد مباشر لنهج الاتحاد الأوربي في التعامل مع الهجرة غير الشرعية، وتحديدا اللاجئين السوريين. في مارس/ آذار 2016 وقع الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقا لوقف تدفق المهاجرين إلى القارة، ومنع سقوط ضحايا في البحر في المستقبل. وفي غضون أشهر انخفض عدد الوافدين إلى الجزر اليونانية من 6000 إلى صفر، وهذه هو السبب في أنه لم يعد هناك مزيد من القصص المؤلمة عن غرق الأطفال في بحر إيجة.
بوضع الهجرة الشرعية تحت السيطرة بدأ الاتحاد الأوروبي في التراجع عن التزاماته. وعلى الرغم من أن بروكسل وعدت بالسماح بدخول اللاجئين القادمين من تركيا، فإن القادة الأوروبيين كانوا مترددين في اتخاذ خطوات ملموسة لبدء العملية. ههنا عرض لكيفية سير الأمور السيئة في هذه اللحظة: في مقابلة مع صجفيين أتراك في روما الشهر الماضي قال عمر تشيلك وزير شؤون الاتحاد الأوروبي وكبير المفاوضين إن إيطاليا كانت ثالث أكبر مستقبل للاجئين من تركيا، وأعادت توطين 64 شخصا.
لكن نفاق الاتحاد الأوروبي لم يقتصر على عدد اللاجئين الذين أعيد توطينهم. في الأشهر الأخيرة حدثت توترات بين تركيا والاتحاد الأوروبي بسبب الجهود التي تبذلها بعض الدول الأعضاء في الاتحاد لانتقاء واختيار الرشحين من اللاجئين من حملة المؤهلات العليا، بدلا من مساعدة الفئات المستضعفة. وبسبب القلق من أن ينتهي المطاف باللاجئين إلى البطالة والتشرد في أوروبا، ورد أن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي ضغطوا على أنقرة لنقل، ما يعتبرونه، خيرة المحصول إلى رأس قائمة إعادة التوطين.
بإيجاد مسار قانوني لحصول اللاجئين السوريين على الجنسية التركية، تريد الحكومة التركية أن تمنع الاتحاد الأوروبي من معاملة الناس مثل الفاكهة. على مدى السنوات الست الماضية صار من الواضح أن اللاجئين السوريين الذين دربوا، مثل الأطباء والحقوقين والمهندسين والرياضيين ورجال الأعمال، يمكن أن يسهموا في المجتمع المضيف. وقال أحد المسؤولين "بجعل الحصول على الجنسية التركية أمرا ممكنا لذوي المهارات فإننا نريد منهم أن يستقروا هنا بشكل دائم، ولهذا السبب فإن التعليم سيكون عنصرا في أهلية الحصول على الجنسية. وثمة معيار آخر هو اتقان اللغة والاندماج الاجتماعي".
لكن خطة تركيا لا تشمل فقد الأشخاص المهرة أو الحاصلين على مؤهلات عليا. ووفقا لمسؤوليين حكوميين، فإن تركيا ستوجد مسارا إضافيا للحصول على الجنسية استجابة لحالات الطوارئ الإنسانية. وتشمل هذه الفئة من اللاجئين الأطفال السوريين الذين لا يوجد لهم أقارب على قيد الحياة في سوريا أو في تركيا.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت هذه الخطة تشكل خطرا على الأمن القومي التركي، يقول المسؤولون إن المتقدمين سيتم فحصهم جيدا قبل أن يتمكنوا من دخول النادي التركي. وأضاف "أننا سنجري تحريات للتأكد من أن المرشحين لم يشاركوا في أي أنشطة غير مشروعة في الماضي". قال لي مسؤول حكومي رفيع "إذا ظهرت على السطح أعلام حمراء خلال الفحص، فسيعلن أن الشخص المعني غير مؤهل للاستمرار في طلب الحصول على الجنسية".
وأخيرا يبدو أن تركيا لن تعين حصة محددة للاجئين السوريين للتقدم للحصول على الجنسية التركية، لكن مصادر متعددة تقول إن قادة المعارضة يشوهون الحقائق بزعمهم أن ملايين السوريين سيحصلون على الجنسية التركية بين عشية وضحاها. وقال مسؤول حكومي "إننا نقدر أن ما بين 8000 إلى 10000 لاجئ سيكونون مؤهلين فورا للحصول على الجنسية التركية، وقد يرتفع الرقم نظرا لحالات الطوارئ الإنسانية والتطورات الأخرى. على أنه من الأسلم أن نفترض أن الخطة لن تؤدي أبدا لقبول مئات الآلاف من اللاجئين، وترك ملايين آخرين".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس